قراءة في ملف الأمور المسكوت عنها (666)
كل عام ومصر وشعبها في خير وسلام وتقدم… اليوم نودع عام 2017 لنستقبل عاما جديدا بالأمل والعمل, فبلدنا ماتزال أمامها تحديات جسام يتوجب عليها مواجهتها وعبورها نحو الإصلاح والتنمية والاستقرار… وأنا يحدوني قدر كبير من التفاؤل أننا نسير علي الطريق الصحيح وأن هناك جهودا عظيمة تبذل من أجل إدراك التقدم علي الأصعدة السياسية والديمقراطية والاقتصادية علاوة علي حربنا ضد الإرهاب والأصولية والتطرف التي يخوضها الجيش والشرطة بكل بسالة ودون هوادة.
حرصت علي تسجيل ذلك قبل أن أقول إن هناك أصعدة أخري لا أشعر إزاءها بذات القدر من التفاؤل, بل لا أخفي أن لدي من القلق والهواجس بخصوص تقاعس الدولة عن إدراكها بنفس تفانيها في إدراك الأصعدة السياسية والديمقراطية والاقتصادية… إنها أصعدة التعليم والتنوير وحقوق المواطنة حيث تتعثر وتتلكأ وترتبك جهود الدولة نحو إصلاحها ونحو تفعيل وترسيخ ما يدعو إليه الدستور بشأنها.
ولعلني في هذا الصدد يحق لي تسليط الضوء علي ملف مسكوت عنه وهو الخاص بحقوق الأقباط في الصلاة وإقامة الشعائر الدينية, فبقدر التفاؤل الذي حملناه ونحن ندخل هذا العام, هناك إحباط وحيرة ينحيان التفاؤل جانبا ونحن نغادر العام… ولأني أحرص علي أن أكون موضوعيا ولا أدع السلبيات تنسيني الإيجابيات أبدأ بالثناء علي صدور قانون بناء وترميم الكنائس في 28 سبتمبر 2016 كتشريع مهم طال انتظاره, كما أذكر بكل العرفان وفاء الدولة بوعودها لإعادة إعمار وتجهيز الكنائس التي تعرضت للحرق والتدمير والتخريب علي يد الإرهاب, وإعادة فتحها للصلاة, وفوق هذا وذاك أقف مبهورا وفخورا بالعمل العظيم والرائع الذي يتم بشكل شبه معجزي في تشييد الكاتدرائية الجديدة بالعاصمة الإدارية تنفيذا للوعد الذي قطعه الرئيس السيسي علي نفسه أمام الأقباط, وأترقب غير مصدق الجهود الخارقة المبذولة لتجهيزها لإقامة صلوات عيد الميلاد المجيد الأسبوع القادم في رحابها… هذا المشروع الجبار الذي تخصص وطني له نشرة أسبوعية لعرض مراحل التقدم المذهل الذي يتحقق فيه, وسوف تستمر هذه النشرة لمتابعة ذلك المشروع الهائل بجميع المقاييس.
أما وقد ذكرت الإيجابيات يحق لي التحدث عن السلبيات وهي كالآتي:
** عرضت وطني خلال العام عدة مرات تعرض كنائس الأقباط للاعتداءات من قبل المتشددين والمتعصبين والمتطرفين الذين يعيشون جيرانا للأقباط في المراكز والقري -خاصة في محافظات الصعيد- ولست أشير هنا إلي هجمات الإرهابيين إنما إلي أعمال عدائية وتحرشات وترويع وتحطيم وحرق ونهب لكنائس قائمة أو أماكن تقام فيها الصلوات- ومقدمة ملفات أوراقها إلي لجنة تقنين أوضاع الكنائس- ارتكبها جيران مسلمون يرفضون وجود كنيسة في بلدتهم أو قريتهم ويعترضون علي صلوات الأقباط وشعائرهم الدينية, ويخرجون في تجمعات غوغائية تزأر: بالطول بالعرض هانجيب الكنيسة الأرض… وعبثا استنجد الضحايا الأقباط بالدولة والقانون والأمن لحمايتهم وكفالة حقهم الدستوري, إلا أنهم في جميع الحالات وجدوا سلطة الدولة مرتعشة والقانون مجمدا والمسئولين يغلقون كنائسهم ويغضون البصر علي جرائم المعتدين بدعوي الحفاظ علي السلام الاجتماعي تارة وحماية المسيحيين تارة أخري!!!
** حتي إذا تم علاج مشكلة بعينها يكون أسلوب العلاج مشينا وينطوي علي فضيحة صارخة حيث يتم إهدار هيبة الدولة وكرامتها ويتم تغييب القانون عن طريق الضغط علي الأقباط الضحايا ومساومتهم علي الحصول علي حقوق مبتورة مقابل التنازل عن جميع القضايا المرفوعة ضد المعتدين… ويكتم الأقباط غيظهم وقهرهم ويخضعون لذلك الابتزاز البائس بعد أن يروا ممثلي السلطة خانعين عن حمايتهم وصيانة حقوقهم بل مهدرين كرامة الدولة وهيبتها وحق المجتمع في تعقب الجاني وإنزال العقاب به حتي لو تم الصلح بين الجاني والضحية!!!
** هذا عينه ما حدث في حالة قضية أقباط قرية كوم اللوفي- مركز سمالوط- بالمنيا, حيث كان علاج الدولة للقضية كارثة مخزية بجميع المقاييس: صلح جبري يفرض علي الأقباط الضحايا الذين يساقون بكل هوان لتسجيل الصلح والتنازل عن سائر الحقوق في الشهر العقاري, ويطلق سراح المجرمين دون أي عقاب أو حساب وليذهب حق الأقباط ومن بعده حق المجتمع في تعقب الجريمة إلي الجحيم!!!… ويتم كل ذلك في مقابل رضوخ الأقباط لعدم فتح كنيستهم التي أحرقت وحرمانهم من الصلاة فيها وإعطائهم أرضا بديلة خارج زمام القرية لبناء كنيسة عليها!!!… هكذا تكافئ الدولة المتشددين والمتطرفين بالانصياع لرفضهم وجود كنيسة بالقرية بعد أن كافأتهم بالإفلات من المثول أمام العدالة!!!
** نموذج قرية كوم اللوفي يجسد سلوكا في منتهي الخطورة بل يمثل نموذجا يحتذي من المتطرفين والمتشددين عبر محافظات مصر طالما بات معروفا تراجع الدولة والقانون أمامه, وهذا عينه ما حدث الأسبوع الماضي في قرية كفر الواصلين بمركز أطفيح بمحافظة الجيزة, وتلك قصة مكررة من جانب الجناة, لكن التساؤل المرير هو: هل تكون قصة مكررة من جانب الدولة؟!!!