إذا خرج الروح النجس…
(مت 12: 43 – 45) (لو 11: 24 – 26)
قال الرب عن معجزة إخراج الشياطين: إذا خرج الروح النجس من الإنسان, يجتاز في أماكن ليس فيها ماء يطلب راحة ولا يجد ثم يقول أرجع إلي بيتي الذي خرجت منه, فيأتي ويجده فارغا مكنوسا مزينا ثم يذهب ويأخذ معه سبعة أرواح أشر منه, فتدخل وتسكن هناك فتصير أواخر ذلك الإنسان أشر من أوائله (مت 12: 43 – 45).
رأي المشتغلين بعلم الأرواح:
يقولون إن كلمة روح نجس تنطبق علي الإنسان كما تنطبق علي الشيطان, والنجاسة مع أن لها معني عاما, إلا أنها تلصق بالأكثر بشهوة الجسد أي الزنا, فهذا الروح النجس الذي هو روح إنسان, حينما يخرج من جسده تتبعه شهواته لأن أعمالهم تتبعهم (رؤ 13: 13) وإذ لا يجد جسده الفيزيقي, يدخل في جسد آخر, ويتزوجه ويمارس من خلاله شهوة الجسد.
وأنه كما أن الشيطان – وهو روح شرير – يدخل في إنسان, كذلك روح الإنسان الشرير يمكن أن يدخل في إنسان وكلها أرواح!!
الرد:
أ- ما ورد عن الروح النجس كما في (مت 12), (لو 11), لا يمكن أن يكون روح إنسان للأسباب الآتية:
1- إذا رجع روح إنسان نجس إلي جسده, تكون هذه قيامة للميت.
وهذا أقوي من عودة التجسد لأنها تكون معجزة لم تحدث إلا مع السيد المسيح فقط, الذي قام بذاته دون أن يقيمه أحد, ولا يمكن أن يحدث هذا مع روح إنسان نجس!
2- إذا رجعت هذه الروح إلي جسدها, لا تجده مكنوسا مزينا.
لأن الجسد بعد أن تخرج منه الروح, يبدأ في أن يتحلل وقد قيل عن جسد لعازر إنه قد أنتن (يو 11: 39).
إذن نفس جسد الميت لا ينطبق عليه قول السيد الرب في (مت 12), (لو 11), هذا الذي دخل فيه الروح النجس, ودخلت معه سبعة أرواح أخر أشر منه.
3- مادام من الاستحالة رجوع روح الميت الشرير إلي جسده, إذن لابد أن الذي رجع إليه هو روح شيطان.
ولما كان الشيطان لا يدخل في روح ميت, إذن المسألة لا تعدو أن تكون خروج شيطان من إنسان وعودته إليه.
+++
ب- عبارة روح نجس لا تعني إنسانا زانيا, لأن النجاسة لها معان كثيرة غير الزنا.
فكل خطية هي نجاسة, وليس الزنا فقط هو النجاسة.
خطايا اللسان سماها الرب نجاسة, بقوله إنه ليس ما يدخل الفم ينجس الإنسان, بل ما يخرج منه (مت 15: 11).
لولعله بهذا المعني قال أشعياء النبي لما سمع السارافيم يسبحون الله ويل لي قد هلكت لأني إنسان نجس الشفتين, وأنا ساكن بين شعب نجس الشفتين (أش 6: 5) وطبعا هذه النجاسة لا علاقة لها بالزنا.
وقد قال الرب عن القبور تشبهون قبورا مبيضة من الخارج, جميلة وهي من الداخل مملوءة عظام أموات وكل نجاسة (مت 23: 27), وهذا طبعا لا علاقة له بالزنا.
والكتاب يشرح الفرق بين الحيوانات الطاهرة والحيوانات النجسة, وعن ذلك قال القديس بطرس الرسول لا آكل دنسا ولا نجسا (أع 10: 14), وذلك لما نزلت إليه ملاءة من السماء فيها كل دواب الأرض والوحوش والزحافات ولا علاقة لكل هذا بالزني وقيل في سفر التثنية وكل دبيب الطير نجس لكم لا يؤكل (تث 14: 19).
وقد اعتبرت عبادة الأصنام نجاسة, فقال الرب: نجست نفسك بأصنامك (حز 22: 4).
كذلك فإن كسر السبت كان يعتبر تنجيسا للسبت لذلك قال الرب طوبي للإنسان الحافظ السبت لئلا ينجسه (أش 56: 2).
وقد تحدث الكتاب عن تنجيس المقادس (حز 28: 18), وعن تنجيس الهيكل (أع 24: 6), فما علاقة كل هذا بالزني؟!
إذن فاستنتاج أن الروح النجس هو الإنسان هو استنتاج خاطئ, لأن النجاسة ليست هي فقط الزني الخاص بالإنسان.
وعبارة إذا خرج الروح النجس… في (مت 12), (لو 11), تعني إذا خرج شيطان من إنسان يجول ثم يعود إليه ومعه شياطين أخري, وتكون نهاية هذا الإنسان أشر من أوائله.
+++
وعبارة تكون نهاية هذا الإنسان أشر من أوائله (مت 12: 45), تدل علي أن هذا الإنسان لم يمت, فهو حي لم تأت نهايته بعد.. إذن فالروح التي خرجت منه لم تكن روحه هو وإنما هي شيطان كان فيه وخرج ثم يرجع إليه.
+++
ومادام هذا الروح النجس هو شيطان, إذن لا نستطيع أن نقول إنه يبحث عن جسد إنسان ويتزوجه, ويمارس فيه شهوة جسدية, لأن أرواح الشياطين لا تتفق لا جنسا, ولا نوعا مع أجساد البشر, والمقصود فيما قرأناه أن روح إنسان زان فارق جسده وتتبعه شهواته, فيريد إشباعها بدخول جسد بشري آخر.
+++
وإذا كانت روح إنسان هي التي خرجت من جسدها, وذهبت لتبحث عن جسد تتزوجه:
إذن لا يمكن أن تنطبق عليه هذه الآيات من حيث إنه يقول أرجع إلي بيتي الذي خرجت منه (مت 12: 44), لأن بيت الروح هو جسدها بينما هنا يقال إنه يبحث عن جسد آخر يمارس معه الزني, لأن الروح لا تمارس ذلك مع جسدها!!