قداسة المؤمنين
ومادام المؤمنون أبناء الله,إذن ينبغي أن يكونوا قديسين
ويعبر القديس بولس الرسول عن هذه الحقيقة بقوله:
سلموا علي كل قديس في المسيح يسوع(في4:21)
ويعقبها بقولهيسلم عليكم حميع القديسين… وهو يبدأ رسائله بأنها للقديسين.فيقول إلي جميع الموجودين في رومية أحباء الله مدعوين قديسين(رو1:7)…إلي كنيسة الله التي في كورنثوس المقدسين في المسيح يسوع المدعوين قديسين(1كو1:2) مع القديسين أجمعين الذين في جميع أخائية(2كو1:1) …إلي القديسين الذين في أفسس(أف1:1)….إلي جميع القديسين في المسيح يسوع الذي في فيلبي(في1:1) إلي القديسين في كولوسي(كو1:1) ويقول لأهل تسالونيكيأناشدكم بالرب أن تقرأ هذه الرسالة علي جميع القديسين(1كو5:27)….ويكتب إلي العبرانيين قائلا من ثم أيها الإخوة القديسون شركاء الدعوة السماوية(عب3:1).
والله يطلب منا هذه القداسة بقوله:
كونوا قديسين لأني أنا قدوس(1بط1:16).
وهذه الوصية قالها الرب في العهد القديم أيضا(لا11:45) (لا20:26) وهكذا يقول القديس بطرس الرسول أيضا متذكرا هذه الآيةنظير القدوس الذي دعاكم كونوا أنتم أيضا قديسين في كل سيرة(1بط1:15) وهذا الأمر يطرح أمامنا سؤالا مهما وهو:
لماذا يدعي المؤمنون قديسين؟
*أولا لأن كل مؤمن مقدس بدم المسيح,ولأنه يخرج من المعمودية إنسانا جديدا نقيا طاهرا قد ولد من الماء والروح(يو5:5) ينطبق عليه قول الرسوللأن جميعكم الذين اعتمدتم للمسيح قد لبستم المسيح(غل3:27).
*وكل مؤمن قديس لأنه صار هيكلا للروح القدس,وروح الله يسكن فيه(1كو3:16).
*وهو قديس لأنه صورة الله ومثاله حسبما خلقه الله في البدء(تك1:26, 27) وإن كان قد فقد الصورة الإلهية بالخطية فقد استعادها مرة أخري في الإيمان والمعمودية حينما لبس المسيح…
*والمؤمن أيضا قديس لأنه تقدس بالمسحة المقدسة في سر الميرون.
*وهو قديس بتناوله من سر الإفخارستيا المقدس,إذ يقول الكاهن بعلو صوته(القدسات للقديسين) ونسمي هذا القداس(قداس القديسين)
وهذه القداسة لازمة جدا للمؤمن, لأنه بدون القداسة لا يعاين أحد الرب فأنقياء القلب هم الذين يعاينون الله(مت5:8) لذلك ينبغي أن يكونوا مقدسين فكرا وجسدا وروحا ولسانا وقلبا…
ومع كل ما قلناه عن قداسة البشر نضع قاعدة جوهرية:
إن قداسة الله تختلف تماما عن قداسة الإنسان.
فقداسة الله قداسة مطلقة غير محدودة وقداسة الإنسان نسبية نسبة إلي ما يستطيع أن يصل إليه.
وقداسة الله طبيعية.الله طبيعته لاتقبل الخطية, لأنه نور لا يدني منه,ولا شركة للنور مع الظلمة(2كو6:14).أما الإنسان, فقداسته تأتي بالجهاد والتعب ومقاومة الخطية.وفي ذلك قال القديس بولس الرسول في رسالته إلي العبرانيينلم تقاوموا بعد حتي الدم مجاهدين ضد الخطية(عب12:41) وكما قالالجسد يشتهي ضد الروح,والروح ضد الجسد(غل5:17) وقال: إن مصارعتنا هي مع أجناد الشر الروحية(أف6:12).
*ويظل الإنسان في هذا الجهاد السلبي حتي إذا وصل إلي البر يجاهد أن ينمو فيه.ولكن متي يصل إلي البر,الذي لايحتاج إلي جهاد؟يقول القديس بولس الرسولجاهدت الجهاد الحسن,أكملت السعي حفظت الإيمان.وأخيرا وضع لي إكليل البر الذي يهبه لي في ذلك اليوم الرب الديان العادل…(2تي4:7, 8) نعم,لن نصل إلي إكليل البر,إلا في ذلك اليوم الأخير…حينما يكللنا الله بالبر فلا نعود نخطئ فيما بعد.
ومع أننا مطالبون بالقداسة,إلا إننا خطاة أمام الله.
حتي أن نفذنا كل الوصايا يقول الكتابمتي فعلتم كل ما أمرتم به فقولوا إننا عبيد بطالون…(لو17:10) حقا إن درجة(عبيد بطالين) درجة كبيرة لم نصل إلينا بعد!!فكم بالأولي القداسة والكمال…
القديس بولس الرسول يقولالخطاة الذين أولهم أنا(1تي1:15) والقديس يوحنا الحبيب يقول:إن قلنا إنه ليست لنا خطية نضل أنفسنا وليس الحق فينا(1يو1:8) والقديس يعقوب الرسول يقول:إننا في أشياء كثيرة نعثر جميعنا(يع3:2) فماذا نقول نحن حينما نتذكر قداسة الله والقداسة المطلوبة منا؟!
شعورنا بالانسحاق
حينما نقول(قدوس) ننحني ونرشم الصليب:لسببين:
أولا:احتراما وإجلالا لله القدوس,وخشوعا أمامه.
ثانيا:كأننا نضرب مطانية أمام قدسيته,اعترافا بخطايانا لذلك نقول بعدها (ارحمنا) ونكررها ثلاث مرات,ثم نقول أيها الثالوث القدوس ارحمنا.
قد يقول البعض:ولكننا أبناء وورثة.
فنجيبه:حقا إن الله من محبته دعانا أبناء(1يو3:1) ولكن الكتاب يقول:كل من هو مولود من الله لا يفعل خطيةولا يستطيع أن يخطئ لأنه مولود من الله(1يو3:9) ويقول أيضا:يحفظ نفسه والشرير لا يمسه(1يو5:18)…لكننا نخطئ ومع ذلك ندعو الله أبانا!!لذلك نحن في كل يوم يقول له كل منا-من الابن الضال-لست مستحقا أن أدعي لك ابنا(لو15:21).
ولماذا لست مستحقا؟لأن المولود من الله لا يستطيع أن يخطئ بينما أنا أخطئ كل يوم!
لهذا فإننا في كل قداس نقول لله:طهر نفوسنا وأجسادنا وأرواحنا لأن التقدم إلي التناول يحتاج إلي قداسة كما قال صموئيل لبيت يسي البيتلحمي تقدسوا وتعالوا معي إلي الذبيحة(1صم16:5) وهكذا يتقدم الإنسان إلي التناول بروح طاهر وجسد طاهر,لكي يتناول باستحقاق….
قد يقول إنسان:ولكننا تقدسنا بالدم,وتقدسنا في المعمودية وسر المسحة…أقول له:ولكننا علي الرغم من كل هذا نعود ونخطئ…ولم نثبت بعد في حياة القداسة…
ولهذا علمتنا الكنيسة أن نصلي المزمور الخمسين كل يوم ونقول فيه:
انضح علي بزوفاك فاطهر واغسلني فأبيض أكثر من الثلج.
قدسني يارب,لكي استحق سكني روحك القدوس داخلي,وفي كل مرة نقول (قدوس) نقول بعدها ارحمنا.ارحمنا من عقوبة الخطية وارحمنا من الخطية ذاتها..من سيطرة الخطية علينا…
إذن لايجوز-والحال هكذا-أن يفتخر إنسان بافتخار باطل ويقولأطالب بحقوقي كابن ووريث!!فنجيبهأين هي بنوتك,وأنت تخطئ؟! والرسول يقول إن علمتم أنه بار هو فاعلموا أن كل من يفعل البر مولود منه(1يو2:9) ثم يقول:بهذا أولاد الله ظاهرون,وأولاد أبليس(ظاهرون)(1يو3:10).
لاتفتخر باطلا,وتقول:أنا تجددت وتقدست وتبررت!!فالله يقدسك وأنت تعود تخطئ!!ويجددك بطبيعة مقدسة,وتعود لتدنس نفسك مرة أخري!! الأولي أن نقول أيها الثالوث القدوس ارحمنا.
قدسية المسيح
*نقول له قدوس الله,قدوس القوي,قدوس الحي الذي لايموت.
فهو قدوس كإله,وقدوس في قوته التي هزمت الشيطان في كل تجاربه وقدوس في انتصاره علي الموت ,لأن الموت الذي ماته نيابة عنا,ولكنه بحكم قداستهالحي الذي لايموتالذي قال عنه نفسه في سفر الرؤياالحي وكنت ميتا.وها أنا حي إلي أبد الآبدين ولي مفاتيح الهاوية والموت(رؤ1:18).
*نقول له:قدوس الله…الذي ولد من العذراء,الذي صلب عنا,الذي قام من الأموات وصعد إلي السموات.
نعم هو قدوس في ولادته(لو1:35) الروح القدس حل علي العذراء,وقدس مستودعها بحيث أن المولود منها لم يرث شيئا من دنس الخطية الأصلية وفي ذلك نشجب هرطقة السبتيين الذين يقولون عكس ذلك كما كتبت(نبيتهم!!) إيلين هوايت…
والسيد المسيح قدوس في صلبه عنا, لأنه كان لابد أن الفادي يكون قدوسا فالخاطئ إذا مات يموت عن خطيته, أما القدوس المصلوب فيموت عن خطايا غيره.
والمسيح قدوس في قيامته وصعوده إلي السموات, لأن الموت لم يستطع أن يسيطر عليه وهو قدوس وإنما بموته داس الموت وقام كذلك لا يستطيع خاطئ أن يصعد إلي سماء السموات ويجلس عن يمين الآب, إنما هذا يليق بالقدوس.