فقد الرجل البار لوط زوجته و بناته المتزوجات و كل ممتلكاته و حتى كرامته ايضا ضاعت, فقد عاش مذلولاً فى ارض سدوم لدرجة ان اهلها الاشرار قالوا عنه لما اراد ان يحمى ضيفيه منهم “جاء هذا الانسان ليتغرب و هو يحكم حكماً … الآن نفعل بك شراً اكثر منهما” (تك 19 : 9). و بعد ذلك كانت حادثة اضطجاع ابنتيه معه و كانت ثمرته موآب و بنى عمون – رمز ابليس فى كل حروب بنى اسرائيل –
ما هذا البلاء المتلاحق؟! انها زلة بسيطة جداً نقرأها فى اصحاح 13 من سفر التكوين: “فرفع لوط عينيه و رأى كل دائرة الأردن ان جميعها سقى” و جاء مكمن الداء فيقول “اختار لنفسه كل دائرة الأردن” حتى و ان كان حسن النية بأهل سدوم و لكن اين مشورة الرب قبل هذا القرار الخطير؟ صدق من قال ان اعظم النار من مستصغر الشرر. فأحياناً نتعرض فى حياتنا الى صورة من التراخى و التهاون بأبسط الأمور فنجنى من ورائها اكبر المحن و هذا ما حذرنا منه الوحى الالهى على فم الحكيم قائلاً “خذوا ( صيدوا) لنا الثعالب, الثعالب الصغار المفسدة الكروم” (نش 2 : 15)
هذه فتاة سمحت لثعلب الاستلطاف ان يتسلل الى حياتها ليصل الأمر الى عبودية لم تخطر على بالها يوماً و هى الفتاة الكريمة ان تصل الى هذه الهوة العميقة
و هذا ثعلب الكسل و آخر ثعلب الطمع و قل ما شئت من امثلة بدأت بأمور تافهة لم نلقِ لها بالاً و انتشر داؤها لنفيق بعد وقوع الكارثة “الحكيم يتحذر من كل شىء و فى ايام الخطايا يحترز من الهفوات” (سى 18 : 27)
قبل ان يشتكى الوالدان من ابن يضرب عرض الحائط باللياقة و الأدب نقول لهما اتذكران تلك الليلة حين كان طفلاً و تجرأ و مد يده على امه و كيف ضحكتما سوياً لتلك اللعبة السخيفة فى ردة فعل مائعة لا تعرف الحزم , اتذكران اول كلمة نابية تفوه بها و كيف كانت ردة الفعل اللامبالية : بكرة يكبر و يفهم . كبر و فهم و مال العود و جف و اصبح من الصعب جداً تقويم ما اتلفته السنون . انها دعوة لنصحو و نتيقظ لكلمات بولس الرسول “انظروا كيف تسلكون بالتدقيق لا كجهلاء بل كحكماء”(اف 5 : 15) و بنعمة الله للموضوع بقية فى الاسابيع القادمة.