مشكلة من كانت لهم فرصة النظر إلى السماء و هم لا يملكون مفردات الكلام للوصف لما رأوه و نظروه … فمثلاً مع القديس يوحنا الرائي ، فلما طلب منه الله أن يكتب ما رأى .. فكان الجواب منه أنها أشياء لا توصف .. و مع استمرار طلب الله إليه أن يكتب فكان يكتب مثلاً : شبه زمرد أو شبه ياقوت – و أن كلمة شبه لا تقدر أن توصف شيئاً .. و هو ما يعرف بالوصف السلبي أو (اللاهوت السلبي) .. فمثلاً قال : الله غير المرئي ، غير المحوى ، غير المفحوص ، غير المحدود …. و أكثر شخص قال أنا لا أعرف هو (أغريغوريوس الثيؤدسيوس) أو الناطق بالإلهيات و الذي قال بالتحديد (أنا لا أعرف) لذلك أطُلق عليه هذا الاسم ، بل أستعاض عنها كما في القداس (غير المحدود ، غير المحوىَّ ، غير الزمني) .. هو الذي تكلم بالصواب طبعاً ..
· كيف نصف السماء ؟
الله لم يتركنا في حيره ، بل هو أعطانا بعض المعلومات بحسب درجة استيعابنا و حسب قدرتنا على الفهم و بحسب إمكانيات التعبير التي تحتويها مفردات لغتنا …
طبعاً سفر الرؤيا هو أكثر سفر تكلم عن هذا باستفاضة فأن أول شيء يجب أن نعرفه و نتأكد منه هو أن (السماء حقيقة مؤكده) لأن بعض الناس لا يؤمنون بالحياة الأخرى و يظنون أن حياة الإنسان تنتهي بعد الموت .. و في الحقيقة يا أحبائي لو كانت حياتنا هي تنتهي بعد الانتقال فأننا نكون أشقى جميع الناس كما عبر عنها قديسنا بولس الرسول.
ما هو الدافع الذي يجعلني أعيش كل حياتي على الأرض في تعب و في النهاية أتركها كلها بالموت .. جاء في سفر الجامعه “أن الله صنع الكل حسناً في وقته و أيضاً جعل الأبدية في قلبهم التي بلاها لا يدرك الإنسان العمل الذي يعمله الله من البداية للنهاية”
نعم نحن في انتظار أبدية سعيدة في سماء جميلة موعودون بها .. و يقول في ذلك رب المجد “المجد الذي أعطيتني أعطيتهم” هذا معناه أننا في الأبدية سوف نأخذ أمجاد المسيح ذات نفسه .. و لا ننتظر أمجاد القديسين .. و يقول المسيح له المجد “من يغلب سيجلس معي في عرشي كما كنت أنا مع أبي في عرشه” ما أعظم و أبهى و أعمق هذا المجد الذي سينتظرنا نحن أولاد الله .. شيء يفوق العقل .. و هذا ما جعل آبائنا لما فتحت اعينهم للأبدية فأنهم استهانوا بكل شيء مقابل هذه الأبدية!
ما هو شكل السماء ، ما هو شكل عرش المسيح في السماء ، ماذا يفعل الملائكة في السماء ؟ ، ما هو منظرهم وهم واقفون حول المسيح و هم ساجدون؟ ، ما هو مقدار بهجة القديسين في حضرة المسيح ؟ ، أنه طبعاً مجد لا يوصف !!!
ما هو جمال الخطية الذي يبعدني عن جمال السماء و بهاء مجد الجالس على العرش ؟؟!! في سفر الرؤيا جاء “ثم رأيت سماء جديدة و أرض جديدة لأن السماء الأولى و الأرض الأولى مضتا و البحر لا يوجد فيما بعد” (طبعاً السماء الأولى و الأرض الأولى الذي قال عنهما المسيح تزولان” .. و يقول القديس يوحنا في سفر الرؤيا : “و أنا يوحنا رأيت المدينة المقدسة أورشليم الجديدة نازلة من السماء نازلة من عند الله مهيأة كعروس مزينة لرجلها و سمعت صوتاً عظيماً من السماء قائلاً هوذا مسكن الله مع الناس و هو سيسكن معهم و هم يكونون له شعباً و الله نفسه يكون معهم ألهاً لهم و سيمسح الله كل دمعة من عيونهم و الموت لا يكون فيما بعد و لا يكون حزن و لا صراخ و لا وجع فيما بعد لأن الأمور الأولى قد مضت . قال الجالس على العرش ها أنا أصنع كل شيء جديداً..” طبعاً يا أحبائي أن ما صنعه الله بيديه الطاهرتين سوف يكون على الدوام جديد و لا يبلى و لا يصيبه العطب على الدوام !! .
و يقول القديس يوحنا أيضاً “و قال لي أكتب فأن هذه الأقوال صادقة و أمينة ( و يكمل ) و من يغلب يرث كل شيء و أكون له إلهاً و هو يكون لي أبناً ” ثم يستطرد القديس يوحنا الرائي قائلاً :”ثم ذهب بي بالروح إلى جبل عظيم و أراني المدينة العظيمة المقدسة نازله من السماء من عند الله معها مجد الله، و لمعانها شبه أكرم حجر ، كحجر يشب بلوري و لها سور عظيم و عالي و كان لها أثنى عشر باباً مفتوحة و على الأبواب أثنى عشر ملاكاً (طبعاً الملائكة لاستقبال المؤمنين) و اسماء مكتوبة هي اسباط بني إسرائيل الأثنى عشر من الشرق ثلاثة أبوب و من الشمال ثلاثة أبواب و من الجنوب ثلاثة أبواب و من الغرب ثلاثة أبواب و سور المدينة كان لها أثنى عشر أساساً و عليها أسماء الرسل الخروف الأثنى عشر (بمعنى يجمع بين العهدين القديم و الجديد) ، و الذي كان يتكلم معي (هو ملاك) كان معه قصبة من ذهب لكي يقيس المدينة و أبوابها و سورها ، و المدينة كانت موضوعه مربعه طولها بقدر العرض …… و كان بناء سورها من يشب (أحجار كريمة) و المدينة ذهب نقي شبه زجاج نقي و أساسات سور المدينة مزينة بكل حجر كريم الأساس الأول يشب و الثاني ياقوت و الثالث عقيق ابيض ……… ألخ” و الأثنى عشر باباً أثنتا عشر لؤلؤه ….، طبعاً مهما كان جمال السماء .. الأجمل و الأبهى هو المسيح له كل المجد .. الأبرع جمالاً من بني البشر .. سوف نراه و نجلس معه إلى الأبد هو نور السماء و شمسها و كلامه الجميل و صوته الحلو . و من حوله كل القديسين الأبرار و الملائكة الأطهار..
و هنا أسأل نفسي سؤالاً مهماً .. ما هو تفكيري عن السماء و ماذا فعلت لأعد نفسي لكي يكون لي نصيب في السماء بعد هذه الإقامة المؤقتة في الأرض لكي أرث الوطن السماوي الأبدي هل سنعيش غرباء عن هذه السماء و أفكارنا كلها عن الأرض . و لكن القديس بولس الرسول يقول أن نقض بيت خيمتنا الأرضي فلنا في السماء بناء غير مصنوع بأيدي لذلك الكتاب المقدس مثلما بدأ بأول آية عن السماء “في البدء خلق الله السماوات و الأرض” ، هكذا كانت آخر أصحاح عن (أورشليم السمائية) … و السماء سوف يكون سكناها للغالبين المنتصرين – لأن السماء هي سكنى الله مع الناس ..
أورشليم السمائية هذه ليس فيها شمس و لا قمر لأنها مضاءة بنور رب المجد يسوع المسيح .. (لأنه شمس البر) و لا يكون فيها ظلمة .. لأن الظلمة هي خارج أورشليم و التي يطرح فيها الأشرار .. لا توجد في أورشليم السمائية أي أمكانية للخطية لأننا نكون مكللين بالبر . و الله يمحو من ذاكرة المؤمنين في أورشليم السمائية كل شيء عن الشر . نرجع إلى براءة و بساطة آدم و حواء عند بدأ خلقتهما الناس يتقيئون ثمرة الخير و الشر الذين أكلوها من زمان و تسربلوا ثوب البر .
تتكون الكنيسة في السماء من (الله و الملائكة و القديسين حتى أخر الدهور) . هذه هي السماء الجديدة التي سوف نعيش فيها فيما بعد .. هناك حفلة تعارف عظيمة في السماء تكون لك أيها القديس المنتقل اليوم مع القديسين و السواح و الشهداء و الأبرار و الكاروبيم و الساروفيم و الجمع الغير محصى .. و الأهم و الأهم رؤيا العرش الإلهي و الجالس عليه …
ربنا قادر أن يجعل لنا نصيب في هذا الحفل العظيم الذي أعده الله للمختارين … آمين