فان لم تمنحنا انت يا رب هذه العطية المباركة و نحن اولادك المحمولين فى حضنك فمن ذا الذى يستطيع ان يمنحها؟! فحينما تنذوى نفسى داخلى او يكسرها الأسى او يتسلل اليها اليأس او تحاول المنغصات ان تحتويها اتذكر وعدك المبارك “اراكم فتفرح قلوبكم” (يو 16 : 23) حينها اجد نفسى مرفوعاً بدالة قوية طالباً فى كل قداس [املأ قوبنا فرحاً و نعيماً] .
لم يكن بولس الرسول فى حال احسن منى حينما فاض قلبه فرحاً فى سجن فيلبى او فى سجن روما فنجده فى نفس السجن الذى كتب منه عن استشهاده “وقت انحلالى قد حضر” (2 تى 4 : 6) كتب ايضاً “افرحوا فى الرب كل حين” (فى 4 : 4)
انا يا رب لا اقصد ان تختفى مسببات الحزن فى العالم و ما اكثرها لكنه مزيج طالما اختبرته نفوسنا و لا نجد تعبيراً عنه ابلغ من قول القديس بولس الرسول “كحزانى و نحن دائماً فرحون” (2 كو 6 : 11) بل و عدَّد بعضاً من مسببات الحزن و نقيضها فى آنٍ واحد كأن الآلام التى يسوقها عدو الخير ضدنا زائلة بنفخة فمك يا الهى “كمائتين و ها نحن نحيا كمؤدبين و نحن غير مقتولين .. كفقراء و نحن نغنى كثيرين كأن لا شىء لنا و نحن نملك كل شىء“ (2كو 6 : 9 – 10)
لم يكن اباؤنا القديسون ينظرون الى الضيقة حتى بنظرة سلبية لكن بنظرة ايجابية و علمونا ان ننتظر فيها الخير القادم بعد الضيق “و نحن نعلم ان كل الأشياء تعمل معاً للخير للذين يحبون الله” (رو 8 : 28) نتوقع الخير لأن الله خَيِّر و كامل الحب و يريد لنا الخير و هو يعلم جيداً متى يمنح و متى يمنع متى يفتح و متى يغلق, لذلك قال الأبرص للسيد المسيح “يا سيد ان اردت تقدر ان تطهرنى” (لو 5 : 12) يعنى انا اعلم انها تجربة سمحت بها و اعلم انك محب شفيت كل المتقدمين اليك و لكن فى الوقت المناسب فهل آن الآوان يا رب بحسب تدبيرك الالهى؟ كل هذا فهمه الأباء القديسون و عاشوا بالفرح و على رجاء و يقين الثقة بالخير الآتى. داود النبى اخذ الوعد من الله بالملك و مسحه صموئيل النبى كملك و لم يرَ مُلكاً و لا حتى استطاع ان يحيا كواحد من الناس العاديين فى طمأنينة بل عاش مطارداً كان مهدداً بالقتل من شاول و لكن مع هذا كانت ثقته فى الله و فى وعده له بالملك يقين تام لا على قبيل امنية انما كواقع سيتم فى وقته مادام الرب وعد به و فى قلب المحنة يقول “فرح قلبى بالرب و ابتهجت روحى” لماذا؟ يقول “جعلت الرب امامى فى كل حين لأنه عن يمينى فلا اتزعزع لذلك فرح قلبى و ابتهجت روحى جسدى ايضاً يسكن مطمئناً” (مز 36 : 8 – 9) علمنى يا رب ان ارتل معه “اما نفسى فتفرح بالرب و تبتهج بخلاصه جميع عظامى تقول من مثلك يا رب من مثلك” (مز 35: 9 – 10)