رحلت شاهندة مقلد عن عالمنا بعد تاريخ حافل بالدفاع عن حقوق الفلاحين والفقراء ومن يعرفها يدرك تماما أن قوتها ارتبطت دائما بالإنسانية والسماحة والألفة والصدق. وكنت أفكر دائما فى هذا النموذج النضالى الذى تمثله الراحلة وكثيرا ما تبادر إلى ذهنى سؤال قد يكون مجرد انطباع شخصي: هل هذه هى سمات من وهب حياته للدفاع عن الفلاحين؟ هل هم جزء من السياسة أم من الطبيعة؟ أقول هذا لأننى أتذكر رفاق دربها فى الدفاع عن حقوق الفلاحين، فقد كانوا كذلك يتسمون بالسماحة ودائما نجد الإبتسامة على وجوههم، وأذكر هنا المرحوم عريان نصيف والمرحوم الشيخ محمد عراقى فقد كان لى شرف معرفتهما كما تشرفت بمعرفة المرحومة شاهندة مقلد ودائما كنت أستشعر الألفة والاحترام وفى وجودهم. وقد يكون الأمر مختلفا بالنسبة للمدافعين عن فئات أخرى كالعمال والطلاب حيث يكون إظهار الحدة والصرامة سمة ملحوظة.
ربما يكون لهذا الإنطباع تفسير من الناحية السياسية فكما نعلم فإن رهان اليسار كان يركز دائما على فئات العمال والطلبة والمثقفين بوصفها الطليعة الثورية والتى تتصدر المشهد وتقف على خط المواجهة وإعتبروا أن الفلاحين دائما فى الصفوف الخلفية كقوى غير ثورية ومحافظة وربما رأى البعض أنها فى الغالب فئات تسير عكس التاريخ وبالتالى فإن التعامل مع الفلاحين يتطلب سمات خاصة تناسب إيقاع هذه الفئات وثقافتها التى تبتعد عن الحدة والمواجهة ولا يعنى هذا أن الدفاع عن حقوق الفلاحين أسهل من الدفاع عن حقوق العمال أو الفئات الأخرى ولكن المسألة ربما تعنى أن من يدافع عن حقوق الفلاحين يجب أن يحلى بسمات خاصة تشكل البساطة والقدرة على اكتساب حب الناس وثقتهم أهم ركائزها. وهذا بالفعل ما كنت ألحظه فى ملامح وتعامل شاهندة وعريان وعراقى
أتصور أن ثلاثتهما يشكلون مدرسة فى العمل السياسى علينا أن نوليها قدرا من الاهتمام، فقد كان نضالهم عفويا وطبيعياأو بمعنى آخر كانوا قيادات طبيعية بمعنى الكلمة ولم تكن بينهم وبين المجتمع حواجز ثقافية فلا شك أننا أمام نماذج إنسانية قبل أن تكون سياسية نماذج مصرية أصيلة نحلم بأن تتكرر فى مجتمعنا من أجل مواصلة الدفاع عن حقوق الفقراء والمهمشين رحم الله شاهندة مقلد ورفقاء دربها المرحوم عريان نصيف والشيخ محمد عراقى.