كان عكس ذلك الشعب في العهد القديم,الذي قد اختبر رجاله كثيرا في البرية ففشلوا في كل اختباراتهم.
اختبروا بالجوع والعطش ففشلوا وصرخوا فأنزل لهم الرب المن من السماء وفجر لهم من الصخرة ماء,وبقوا علي عنادهم وتذمروا وبكوا لما اشتاقوا لأكل اللحم وقالوا من يطعمنا لحما قد تذكرنا السمك الذي كنا نأكله في مصر مجانا,والقثاء والبطيخ والكرات والبصل والثوم والان يبست أنفسنا ليس شيء غير أن أعيننا إلي هذا المنعد11:4-6ومنحهم الرب لحما عن طريق السلوي وضربهم ضربة شديدة عد11:33-34.
حقا إن التذمر هو أحد الاختبارات وله أسباب كثيرة.
وقد فشل بنو إسرائيل في تلك الأسباب ووقعوا في التذمر وكانوا دائمي السخط واقسم الله أن لايدخل أحد منهم إلي أرض الموعد عب3:11.
وراء الاختبارات أكاليل لمن ينجح فيها.
وما أكثر الوعود التي منحها الرب في سفر الرؤيارؤ3,2لمن يغلب وطبعا لايغلب إلا الذي دخل اختبارات وغلب وبمقدار ما تكون الاختبارات صعبة علي ذلك القدر تكون الأكاليل أكثر مجدا.
من الاختبارات المشهورة أيضا:المال.
تعرض القديس الأنبا أنطونيوس لهذا الاختبار فما أن سمع وصية الرب في الكنيسة حتي مضي وباع ماله ووزعه علي الفقراء وعاش حياة الوحدة والفقر وعكس ذلك:الشاب الغني الذي سمع تلك الوصية من فم المسيح نفسهفمضي حزينا لأنه كان ذا أموال كثيرةمت19:22
إن الإنسان قد يختبر في نقطة الضعف التي فيه.
وعليه أن ينتصر علي ضعفاته ويغلب فيما تقدم إليه من اختبارات ومغبوط هو الإنسان الذي يغلب نفسه من الداخل إنه أعظم من قائد يفتح مدينة.
هناك قديسون اختبروا في فترة قصيرة من العمر فلما نجحوا اكتفي الرب بهذا وأخذهم إليه وهم صغار.
0ومن أمثلة هؤلاء:القديس يوحنا المعمدان الذي اختبرت خدمته في فترة قصيرة جدا,وربما في عام واحد أو عام ونصف من عمره,وإذ نجح في فترة اختباره بدرجة أنه أخذ لقبأعظم من ولدته النساءمت11:11.
سمح له الرب أن يسجن بسبب شهادته للحق وأن ينال إكليل الشهادة مت14ثم أخذه إليه ليتنعم بما يستحقه من رضي الرب عليه.
0مثال آخر بعض الشهداء والمعترفين الذين كانت فترة اختبارهم قصيرة ولكن الرب اكتفي بها ومنحهم أكاليل.
منهم أطفال مثل الشهيدأبانوب والشهيد قرياقوص ابن يوليطة.
وعموما فترة الاختبار للشهداء والمعترفين في السجن والتعذيب كانت قصيرة أثبتوا فيها محبتهم لله وثباتهم في الإيمان ففتح لهم الرب باب الفردوس.
كذلك بعض الآباء والسواح كانت فترة اختبارهم قصيرة.
مثال ذلك:القديس ميصائيل السائح الذي صار من السواح وهو في حوالي السابعة عشرة من عمره بعد فترة اختبار في حياة الرهبنة كانت قصيرة ولكنها كانت جادة وناجحة جدا.
أيضا فترة الاختبار بالنسبة إلي القديسين مكسيموس ودوماديوس في حياة الرهبنة كانت قصيرة وناجحة فنقلهما الله إليه وهما في زهرة الشباب.
نأخذ أيضا مثالا من مشاهير بابواتنا:البابا كيرلس الرابع.
هذا الذي لقبوه في تاريخ البطاركة بأبي الإصلاح علي الرغم من أنه لم يقض في البابوية سوي ثماني سنوات وبضعه أشهر لكنه برهن في تلك الفترة الوجيزة من الاختبار علي أنه يستحق ذلك اللقبأبو الإصلاحوعلي أنه يستحق أيضا أن يأخذه الله إلي فردوسه.
أما البابا أثناسيوس الرسولي فقد قضي في البطريركية 45 سنة.
لم تكن كلها فترة اختبار لأن الله قد اختبره منذ شبابه المبكر الذي أصدر فيه كتاب تجسد الكلمة وكتاب الرسالة إلي الوثنيين مع اختبار آخر له مجمع نيقية صار فيه بطلا للإيمان ضد الأريوسية بكل عنفها أما حياته في البطريركية فكانت اختبارا له في تحمل الألم والعزل والنفي والاتهامات الكاذبة وقد أطال حبريته إلي45 عاما لمنفعة الكنيسة وليس لأجل الاختبار الذي كان قد نجح فيه من قبل.
ما أكثر أنواع الاختبارات التي تجتازها النفس البشرية.
سواء أتت من الشيطان أو من الناس الأشرار.
من الشيطان:مثل الاختبار الصعب الذي اجتازه أيوب الصديق حيث فقد أولاده وبيته ومركزه وغناه ثم فقد صحته وكرامته وأصدقاءه وكان ذلك اختبارا لصبره وإيمانه وقد نجح فيه.
قد يختبر الإنسان بشيء ما وقد يختبر بعكسه.
يختبر بالصحة والقوة مثل شمشون الجبار وقد يختبر بالمرض مثل القديس بولس الرسول الذي أصيب بشوكة في الجسد تضرع إلي الله بسببها ثلاث مرات فقال لهتكفيك نعمتي2كو12:9.
قد يختبر الإنسان بالمال مثل الشاب الغنيمت19الذي فشل في الاختبار وقد يختبر بالفقر مثل الأرملة التي دفعت الفلسين ونجحت قد يختبر الإنسان بالنعمة العاملة فيه مثل القديس بولس الذي قادته النعمة إلي الاتضاع1كو15:10وقد يختبر بتخلي النعمة عنه جزئيا مثل عذراء النشيد التي قالتحبيبي تحول وعبر طلبته فما وجدته دعوته فما أجابنينش5:6.
قد يختبر الإنسان بالأحلام التي تظهره عظيما مثل يوسف الصديق تك37وقد يختبر هو نفسه بالسجن يلقي فيه ظلماتك39:20
مدة الاختبار قد تطول أحيانا وقد تقصر.
مثل عدم الإنجاب الذي اختبر به إبراهيم وسارة حتي وصل إبراهيم إلي المائة من عمره وسارة إلي التسعين وحتي قالت سارة حينما تلقت الوعد الإلهي أبعد فنائي يكون لي تنعم وسيدي قد شاخ؟تك 18:12,11ونفس الوضع بالنسبة إلي زكريا وأليصاباتلو1وقد تقصر فترة الاختبار مثل إلقاء دانيال في جب الأسوددا6ولو أن كل دقيقة مرت عليه كانت كأنها دهر.
وقد يختبر الإنسان بشيء بسيط أو بشيء كبير.
بشيء بسيط مثل دفع العشور وبشيء هائل مثلاذهب بع كل مالك وأعطه للفقراءبشيء بسيط مثل تقديس يوم الرب وبشيء كبير مثل تكريس الحياة كلها لله.
وقد يختبر الإنسان بالمواهب الفائقة للطبيعة.
هل هذه المواهب ترفع قلبه أم لا لقد اختبر أبليس بأنه كان كاروبا منبسطا ملآن حكمة وكامل الجمالحز 28:12,14ولكنه ارتفع قلبه وأراد أن يصير مثل اللهأش14:14,13لذلك قال أحد الآباء.
إذا منحك الله موهبة فاطلب منه أن يمنحك تواضعا يحميها.
القديس بولس الرسول منحه الله مواهب كثيرة ولذلك قال ولئلا ارتفع بفرط الاستعلانات أعطيت شوكة في الجسد:ملاك الشيطان ليلطمني لكيلا ارتفع2كو12:7مساكين أولئك الذين يطلبون موهبة الألسنة لكي يرتفعوا.
إن ثمار الروح المطلوبة لخلاص الإنسان وليس مواهب الروح.
وقد قال الرسول إن المحبة هي أفضل من الإيمان الذي ينقل الجبال وأفضل من أن ينطق الشخص بألسنة الناس والملائكة.