يتميز كل بلد بطقوس و تقاليد خاصة متعارف عليها في المناسبات و الأعياد ، و من بين هذه العادات الأكلات الشعبية التي مازال بعض الأهالي يفضلونها و لا يستطيعون الاستغناء عنها في مثل هذه المناسبات، حيث يستعد المصريون من الان وحتي الاثنين القادم للاحتفال بعيد الربيع من خلال شراء “الفسيخ و الرنجة” و تلوين البيض ، و فى المولد النبوى الشريف تتصدر “حلاوة المولد” المشهد بجانب العروسة و الجمل ، اما فى الاعياد فيكون النصيب الاكبر للكحك و البسكويت و الترمس و لكن رغم كل ذلك يظل الكشرى الوجبة الوحيدة التى يلجأ اليها المصريين طوال العام سواء كان غنى او فقير و ذلك بسبب رخص ثمنه و احتوائه على سعرات حرارية متنوعة مما يجعلة فى متناول الجميع.
فنادرًا ما تذهب إلى شارع من شوارع مصر أو منطقة من مناطقها دون أن تشمّ رائحة “الدقة والخل والثوم والشطّة” على بعد أمتار قليلة منك، إنه “الكشرى” معشوق الملايين من المصريين والعرب والأجانب، والذى اشتهر كوجبة رئيسية وشهيّة للكثيرين، واشتهرت الكثير من المحلات والمطاعم التى تقدّمه، والتى يقصدها الناس من داخل مصر وخارجها لتناول هذه الوجبة، ولعل أشهرها مطعم “أبو طارق” – فى وسط القاهرة، بالقرب من نقابة الصحفيين ودار القضاء العالى – والذى أنشئ منذ ما يزيد على 60 عامًا، واحتفل فى العام الماضى بإنشاء موقع له على شبكة الإنترنت.
وعلى الرغم من ارتباط الكشري «أبو دقة» بالمصريين الذين صدروه لمناطق عديدة في العالم، وحصدوا بسببه شهرة كبيرة في مجال الأطعمة الشعبية نتيجة لطريقة إعدادهم له، إلا أن البعض يقول أن الكشري ليس طبقا مصرياً وأنهم ليسوا من اخترعوه، فهم لم يعرفوه إلا عند اندلاع الحرب العالمية الأولى لدى مجيء الجنود الهنود مع القوات البريطانية التي أعلنت فرض الحماية على مصر عام 1914، وكان الكشري الهندي خليطا من الأرز والعدس أبو جبة، وكانوا يطلقون عليه «كوتشري». ونتيجة لاختلاط المصريين بالجنود الهنود من خلال عمليات البيع والشراء.
بينما هناك رواية اخرى تنفى الأول تماماً؛ فقد ورد الكشري في كتاب الجيبتانا الذي يحتوي على النصوص الدينية لمصر القديمة، والذى يوضح ان أصل الكلمة “كشير” ومعناها طعام الآلهة، وهي كلمة مصرية قديمة وليست عبرية على الإطلاق.
و يعد الرحالة ابن بطوطة هو اول من ذكر الكشرى فى التاريخ ، فهو مصطلح فرنسى جاء من تعبير ” ريز كاشير” ومعناها الأرز المخفى والتى تمّ تحويرها مع الوقت لتصل إلى “كشرى”، تلك الكلمة السحرية صاحبة البصمة الطاغية فى معدة المواطن المصرى.
و بسبب عشق الجميع لطبق الكشرى ففى العراق يطبخون الكشرى من خلال طبخ الأرز والعدس الأصفر و يسمى بـ “كبة الحامض” اما فى سوريا فيعرف بالمجدّرة ويقدم اما بالبرغل أو بالأرز ، ليصبح بذلك “الكشرى ” وجبة معروفة و مسيطرة على كافة موائد العالم و ليست المصرية فقط