من بين الأمور التي عرفها الانسان في عصوره الحجرية السحيقة، طهي الطعام. ولذلك، فمن الطبيعي أن يتساءل الشخص عن هوية مطابخ شعوب قديمة كالشعب المصري مثلا، متبادرًا للذهن ضلوعه في اختراع العديد من الأطباق، ربما حول العالم!
هذا مابدأ به فريق صفحة “توثيق المطبخ المصري” على موقع التواصل الاجتماعي، فيس بوك، حيث أوضحت سميرة عبد القادر إحدى أعضاء الفريق أن فكرة المشروع جائتهم عندما بدأوا البحث في أصول الأكلات المصرية، وهالهم الهجوم الرهيب على التراث المصري، والجهل بتاريخ الأكلات المصرية فضلًا عن اتهام المطبخ المصري بالفقر، وأن أطباقه مسروقة من بلدان أخرى.
الصفحة تعمل على نشر معلومات موثقة، ومنشورات ساخرة توضح أصول بعض الأطباق، ورؤية المصريين لأصول تلك الأكلات.
وأكدت سميرة لوطني عبر الرسائل القصيرة، على أن هدف الصفحة هو التنويه بضرورة اتخاذ خطوات جادة لتوثيق المطبخ المصري، خاصة أن هناك الكثير من البلاد نسبت أطباق مصرية لها دون أي رد فعل مصري، لافتة إلى إجراءات توثيق المطبخ في اليونسكو طويلة وتحتاج إلى تعاون من عدة جهات متخصصة، مثل وزارتي الثقافة والآثار فضلا عن مساهمة المتخصصين من علماء التاريخ والمصريات.
وعن أساليب التوثيق أفادت أن الفريق يعود إلى المكتبات والكتب التي تتضمن أي وثائق قديمة تتحدث عن الطهي في مصر كما يتواصلوا مع علماء في مجال المصريات. وأشارت إلى أحد الكتب التي يعتمد عليها فريق المبادرة وهو كتاب the Pharos kitchen من تأليف ماجدة مهداوي وعمر حسين، والذي منه حصل الفريق على وصفة البصارة وهي وصفة مصرية قديمة.
وقالت سميرة: “نشأنا على فكرة أن الحلويات الشرقية كلها ذات أصول غير مصرية، وهي معلومة اكتشفنا خطأها من خلال تلك المبادرة. فأغلب الحلويات المسماة بالشرقية ذات أصول مصرية، حتى الحلويات المختلف في أصلها، نجد أن مصر هي أصل تلك الحلوى في إحدى المراجع، وطرفًا في الصراع بل وطرفًا مرجحًا. من تلك الحلوى “القطايف” و “البسبوسة” و”الكنافة”. أيضًا حلويات الأعياد والمخبوزات من “الكحك” و”البسكويت” و”الشوريك” و”القرص” و”كعب الغزال” و”المنين” كلها ذات أصول مصرية. وكانت إحدى الصحف المصرية نشرت عن بعض طرق تسوية الكحك بقليه في الزيت وهو الموجود حاليا في البلاد العربية الاخرى باسم “المقروط المقلي” و”الكحك” وهو ما انتقل لهم باسم المعمول وهو من متوارث في مصر من عهد قدماء المصريين.”
وتابعت: “هناك من المخطوطات ما أظهرت أن الكنافة كانت موجودة في مصر القديمة وأن رواية معاوية أنه أول من أكل الكنافة في دمشق غير صحيحة وغير مثبتة. كما أن حلوى “أصابع زينب” ظهرت في مصر المملوكية واللبنانيون يصرون أنها حلوى لبنانية لأنها رائجة عندهم، أيضًا يرى اللبنانيون أن الملوخية والفلافل هي أكلات لبنانية الأصل ويسعون لتوثيقها باسمهم، ويقال أن اليابان وثقت الملوخية باسمها.”
وألمحت عضوة فريق المبادرة إلى أن العديد من الأطباق المغربية ذات أصول مصرية، موضحة أن المصريين كانوا من كبار المساهمين في حضارة الأندلس التي انتقل تراثها لشمال إفريقيا. وأضافت: “على سبيل المثال، طواجن اللحوم و الدجاج بالفواكه مذكور في كتاب كنز الفوائد في تنويع الموائد أن المصريين أول من طبخوها وكل الرحالة من بلاد العالم كانوا يتعجبون منها.”