في الوقت الذي تحتفل فيه مصر بمناسبة مرور 41 عاما على ذكرى حرب أكتوبر المجيدة عام 1973م ، أصيب عدد كبير من الأقباط بحالة من الإستياء عند مشاهدتهم للمذيعة رشا مجدي وهي تتولى تقديم حفل تكريم السيسي لقادة وضباط الكلية الحربية ، فلم تمر إلا سنوات قليلة على مذبحة ماسبيرو التي تسببت فيها هذه السيدة من خلال تصريحاتها الكاذبة والمضللة والتي أدت إلى مقتل 27 شابا قبطيا هذا بالإضافة إلى المصابين . وما بين حالة الترقب المملة واليأس الذي أصابنا جميعا في إنتظار تحقيق العدالة والقصاص بحق هؤلاء الشهداء … ظهرت علينا من جديد هذه السيدة التي لا تستحق لقب الإعلامية لأنها لا تعي شيئا عن مهنية الإعلام ولم تقسم يمينا على شرف المهنة … جاءت لتطل علينا من جديد في هذا الحفل السنوي بحضور الرئيس عبد الفتاح السيسي .
لا أعلم هل كان الرئيس على علم بظهور هذه المذيعة كمقدمة للحفل الذي يحضره ؟ وهل لا زال يتذكر دماء الأقباط التي سالت على الأرض دون ثمن من جراء تصريحاتها الكاذبة في القناة الأولى وهي القناة الرئيسية بالتليفزيون المصري ؟
وإن لم يكن يعلم فمن المسؤول إذن عن ترتيبات هذا الحفل ومن الذي رشح هذه الشخصية بالتحديد أمام المجتمع عن تقديم هذا الحفل ؟
إنها هدية التليفزيون المصري للأقباط جميعا بمناسبة مرور الذكرى الثالثة لمجزرة ماسبيرو في اليوم التاسع من هذا الشهر ، من يتابع هذا العبث الإعلامي سيعرف أن ما يحدث الآن هو قمة المهزلة في تاريخ الإعلام المصري ، وإن كان الإعلام المصري قد وصل إلى هذا المستوى من استفزاز البشر والتلاعب بمشاعرهم والإستهزاء بعواطفهم ، فالأجدر لنا أن نمتنع عن مشاهدة هذه القنوات وأن نقاطعها حتى يفيقوا من غفوتهم ويقدروا مسؤليتهم أمام المجتمع .
لقد ساهم الإعلام المصري في هدم الروح الجميلة التي بدأت تسود بين أفراد المجتمع بعد عزل الإخوان عن الحكم ، فأصبح كل منا ينظر للآخرنظرة إتهام ويأس في إصلاح المجتمع ، وكراهيه لهذا الواقع المؤلم الذي لم ولن يتغير ولو مرت بمصر بمئات الثورات ، طالما أن الشعب نفسه لم يتغير .
لقد أصبحت مهنة الإعلام وللأسف بابا مفتوحا لكل من لا يجد عملا مناسبا له ، فدخلت الواسطة والفساد والمحسوبية لتتحكم في طبيعة الشخصيات المقدمة للبرامج بصرف النظر عن تخصصها العلمي وكفائتها المهنية ، وأصبح الإعلام أيضا سبيلا يبنى على دماء الشهداء ، حتى أصبحت نشرات الأخبار تتسبب في ارتكاب المجازر سعيا وراء تحقيق الإثارة وجذب الجمهور كما هو الحال في أفلام الأكشن .
سيدي الرئيس ما حدث بحفل الكلية الحربية هو خطأ فادح بكل المقاييس ، ولا أدري ما إذا كان مقصودا للتسبب في إحراج شخصكم الكريم ؟ وبناء فجوة كبيرة بينكم وبين أقباط مصر؟ بعد أن كانت العلاقات المتبادلة بينكم في قمة الحب والإحترام وبعد أن رحب الأقباط بقدوكم ؟ وبعد أن أعتبروك المنقذ لهم في فترة ساد فيها الظلام في كل بقعة من أرض مصر.
سيدي الرئيس لقد سكب الزيت على النار عندما ظهرت هذه المذيعة من جديد لتستفز مشاعر الأقباط في ابنائهم القتلى ، ولقد ضاعت مصداقية هذا الحفل وفرحة الإحتفال عندما فقدنا مصداقية هذه السيدة وكل كلمة تتفوه بها .
إننا نشعر اليوم كأقباط إننا بعيدين كل البعد عن وطننا ، وإنه لا يوجد من يشعر بآلامنا ويعيش معنا معاناتنا لسنوات طويلة من التفرقة العنصرية ، لقد دفعت كنائس مصر ثمنا باهظا من الحرق والتخريب والتدمير لأننا شاركنا أبناء وطننا في ثورة 30 يونيو ، وتحملنا سويا داخل هذا الوطن ما لا يحتمل من ضيقات ومتاعب حتى فاض بنا الكيل ، ورغم كل ما تعلمه عن واقعنا المؤلم ، فإنه لازال يعيش بداخلنا حب وطننا وتفانينا في خدمته ورغبتنا القوية في إصلاح ما افسده الآخرون .
لم نتخلى يوما عن نداء بعثته إلينا ، بل سعينا جميعا فرحين ومهللين بقدومك إلينا كرئيس لهذه الوطن، وحلمنا معك بحياة جديدة وبمصر جديدة تجمعنا وتضمنا جميعا بصرف النظر عن انتمائاتنا الدينية .
واليوم وقد أخترق هذا السهم صدورنا جميعا وأصابنا حزنا وألما لا تصفه أي كلمات ، عندما رأينا هذه المفاجأه غير السارة وهي عدم معاقبة هذه المذيعة على المستوى المهني والقانوني لإتهامها بالتحريض على العنف وإشعال الفتنة الطائفية بين أفراد المجتمع وتسببها في عمليات قتل وتخريب وحرق لسيارات ومنشآت .
وبعد كل هذا أين العقاب على ما فعلته ؟ وأين حق هؤلاء الضحايا الذين لم تجف دموع أهلهم وأقاربهم حتى يومنا هذا ؟
الرفق بنا وبمشاعرنا إننا لسنا بحجارة أو أكوام من الرمال ، إننا بشر نتألم كثيرا لوطن لم يتألم يوما لأجلنا ، ونبكي على حال وطن لم يبكي يوما علينا .