تقوم المسيحية على حقيقة قيامة المسيح ، ولو أن القيامة باطلة لكانت المسيحية كلها باطلة ، لكن المسيح قام بالحقيقة قام ..قام كما قال ، وأرانا نفسه حياً ببراهين كثيرة ، وأضحى قبر المسيح الفارغ مهد الكنيسة ، وصار الإيمان بالقيامة هو نسيج وجود الكنيسة على الأرض
، واليوم يرى الناس المسيح رأس الكنيسة غير المنظور في الكنيسة جسد المسيح المنظور ، وبالرغم أن قيامة المسيح لا تحتاج إلى برهان ، فهو الإله الذي له وحده عدم الموت (1تي6: 16) وهو الذي لم يكن ممكناً أن يُمسك من الموت (أع22: 24) فهو رب الحياة وواهب الحياة (يو6: 33) ، لكن ما أكثر البراهين المقنعة والأدلة الواضحة التي تقدمها لنا كلمة الله والتاريخ والمنطق الدالة على قيامة المسيح من الموت ظافراً منتصراً نذكر منها الآتي:-
1.برهان صدق النبوات :-
قال الرسول بولس :- المسيح مات من أجل خطايانا حسب الكتب وأنه دفن وأنه قام في اليوم الثالث حسب الكتب (1كو15: 3، 4) ، والكتب هنا تعني العهد القديم ، لأن العهد الجديد لم يكن قد دُون بعد والرسول يتحدث هنا عن نبوات العهد القديم التي أخبرت عن موت المسيح وقيامته . وقد وجه المسيح أنظار اليهود لأهمية معرفة الكتب التي أخبرت عنه فقال ” فتشوا الكتب .. لأنكم تظنون أن لكم حياة أبدية وهي تشهد لي (يو5: 39).
وبعد قيامته من الأموات وفي لقائه مع تلميذي عمواس قال لهما ” أما كان ينبغي أن المسيح يتألم بهذا ويدخل إلى مجده ، ثم ابتدأ من موسى ومن جميع الأنبياء يفسر لهما الأمور المختصة به في جميع الكتب (لو24: 26- 27).
ومن منطلق إيماننا بعصمة الكتاب المقدس نلاحظ الآتي:-
أ- إنها موحى بها من الله (2تي3: 16) إنها لم تأت نبوة قط بمشيئة إنسان بل تكلم اُناس الله القديسون مسوقين من الروح القدس( 2بط1: 21).
ب- إنها ثابتة فمكتوب ” وعندنا الكلمة النبوية وهي أثبت التي تفعلون حسناً إن انتبهتم إليها كما إلى سراج منير في موضع مظلم (2بط1: 19).
ج- إن الله متممها ” وأما الله فما سبق وأنبأ بِه بأفواه جميع أنبيائه ، أن يتألم المسيح قد تممهُ (أع3: 18).
2.شهادة المسيح لقيامته :-
لقد أعلن المسيح قبل الصليب عن قيامته ثم أكد هذه الحقيقة بعد القيامة
ففي وقت حادثة التجلي أوصى تلاميذه قائلاً ” لا تعلموا أحداً بما رأيتم حتى يقوم إبن الإنسان من الأموات ” (مت17: 9 ومر9:9).
وبعد شهادة بطرس أن المسيح هو إبن الله الحي أعلن يسوع لتلاميذه أنه ينبغي أن يذهب إلى أورشليم ويتألم كثيراً من الشيوخ ورؤساء الكهنة والكتبة ويُقتل، وفي اليوم الثالث يقوم (مت16: 16-21، مر8: 31، لو9: 22).
وفي الطريق إلى أورشليم قبل المحاكمة والصلب قال المسيح لتلاميذه ” ها نحن صاعدون إلى أورشليم وإبن الإنسان يُسلم إلى رؤساء الكهنة والكتبة فيحكمون عليه بالموت ويسلمونه إلى الأمم لكي يهزأوا به ويجلدوه ويصلبوه وفي اليوم الثالث يقوم (مت20: 18، 19، لو18: 31- 32).
وعندما جاء اليهود يطلبون منه آية على أنه المسيا قال لهم ” أنقُضوا هذا الهيكل وفي ثلاثة أيام أقيمه ، وأما هو فكان يتكلم عن هيكل جسده ، فلما قام من الأموات تذكر تلاميذه أنه قال هذا فآمنوا بالكتاب والكلام الذي قاله يسوع (يو2: 19- 22).
وبعد قيامته ظهر لتلاميذه وقال لهم ” هذا هو الكلام الذي كلمتكم به وأنا بعد معكم أنه لابد أن يتم جميع ما هو مكتوب عني في ناموس موسى والأنبياء والمزامير ، حينئذ فتح ذهنهم ليفهموا الكتب وقال لهم هكذا هو مكتوب وهكذا كان ينبغي أن المسيح يتألم ويقوم من الأموات في اليوم الثالث (لو24: 44- 46) .
لقد أراهم أيضاً نفسه حياً ببراهين كثيرة (أع1: 3).
3.شهادة الملائكة بقيامة المسيح :-
لقد شهد الملائكة بحقيقة قيامة الرب يسوع وقد ظهر هذا في قصتين:-
أ-في فجر الأحد :-
قال الملاك لمريم المجدلية ومريم الأخرى ” ليس هو ههنا لأنه قام كما قال هلما أنظرا الموضع الذي كان الرب مضجعاً فيه ، إِذهبا سريعاً قولا لتلاميذه إنه قام من الأموات ، ها هو يسبقكم إلى الجليل هناك ترونه (مت28: 6، 7مع مر16: 6، لو24: 2- 7 ، يو20: 19).
ب- ساعة الصعود:-
ترسم ريشة الوحي المقدس الرب يسوع وهو يرتفع والتلاميذ ينظرون إليه وأخذته سحابة عن أعينهم وفيما كانوا يشخصون إلى السماء وهو منطلق إذا رجلان قد وقفا بهم بلباس أبيض وقالا أيها الرجال الجليليون ما بالكم تنظرون إلى السماء إن يسوع هذا الذي ارتفع عنكم إلى السماء سيأتي هكذا كما رأيتموه منطلقاً إلى السماء ( أع1: 9- 11).
بعد أن قام الرب يسوع المسيح من الموت ظافراً منتصراً وإلى اليوم الذي ارتفع فيه ، كانت ظهورات الرب للتلاميذ ولغيرهم من البراهين القوية على قيامته كما هو مكتوب ” الذين أراهم أيضا نفسه حياً ببراهين كثيرة ، بعد ما تألم ، وهو يظهر لهم أربعين يوماً ، ويتكلم عن الأمور المختصة بملكوت الله ” (أع1: 3) .
ولقد سجلت ريشة الوحي ظهورات محددة لكن هذا النص يوحي بمزيد من الظهورات لكن اكتفى الوحي بهذه الأمثلة التي تؤدي الغرض وهي:-
4. ظهورات الرب بعد القيامة:-
1.لمريم المجدلية بمفردها ” وبعد ما قام باكراً في أول الأسبوع ظهر أولاً لمريم المجدلية (مز16: 9مع 20: 16) .
2.للمرأتين (لمريم الجدلية ومريم الأخرى ) اللتين زارتا القبر في الفجر ” وفيما هما منطلقتان لتخبرا تلاميذه إذا يسوع لاقاهما وقال: ” سلام لكما ” اِذهبا قولا لإخوتي أن يذهبوا إلى الجليل وهُناك يرونني ” (مت28: 9، 10) .
3.لبطرس ” وهم يقولون إن الرب قام بالحقيقة وظهر لسمعان ” (لو24: 34) .
4.لتلميذي عمواس ” وفيما هما يتكلمان ويتحاوران اقترب إليهما يسوع نفسه وكان يمشي معهما (لو24: 15)
5.للتلاميذ العشرة ولم يكن معهم توما ” وكانت الأبواب مغلقة حيث كان التلاميذ مجتمعين … جاء يسوع ووقف في الوسط وقال لهم سلام لكم (يو20: 19) .
6.للتلاميذ ومعهم توما ” وبعد ثمانية أيام كان تلاميذ أيضا داخلاً وتوما معهم فجاء يسوع والأبواب مغلقة ووقف في الوسط ” (يو20: 26) .
7.للسبعة التلاميذ على بحيرة طبرية ” بعد هذا أظهر أيضا يسوع نفسه للتلاميذ ، كان سمعان بطرس ، وتوما ، ونثنائيل ، وابنا زبدي ، واثنان آخران من تلاميذه مع بعضهم ” (يو21: 1، 2) .
8.الأحد عشر تلميذاً على جبل في الجليل ” وأما الأحَدَ عشر تلميذاً فانطلقوا إلى الجليل إلى الجبل ، حيث أمرهم ، ولما رأوه سجدوا له ” (مت28: 16- 20) .
9.لأكثر من خمسمئة أخ دفعة واحدة وبعد ذلك ظهر دفعة واحدة لأكثر من خمسمئة أخ أكثرهم باقٍ إلى الآن
[ أي وقت كتابة الرسول بولس رسالته ، ولكن بعضهم رقدوا ] (1كو15: 5، 6) .
10.ظهوره ليعقوب ” وبعد ذلك ظهر ليعقوب ثم للرسل أجمعين ” (1كو15: 7) .
11.للتلاميذ عند صعوده ” وأخرجهم خارجاً إلى بيت عنيا ورفع يديه وباركهم وفيما هو يباركهم انفرد عنهم وأصُعد إلى السماء ” (لو24: 50مع أع ص1).
5. – شهادة التلاميذ :-
كانت حياة التلاميذ مشهود لها من الجميع ، فلقد اتسمت بالأخلاق والمصداقية ، ولم يتهمهم أحد من أعدائهم بالكذب أو الخداع ، ولذلك نحن نصدق شهادتهم ، وقد رسمت ريشة الوحي المقدس التلاميذ بعد الصليب وهم في قمة الخوف والهلع ، وتركوا السيد وهربوا ، وأصبحوا في حالة يرثى لها ، فلقد شعروا بالإحباط والفشل ، فقائدهم ومعلمهم الذي وضعوا فيه كل آمالهم قد صلب ، وبذلك إنهارت كل أحلامهم ، وتحطمت كل أمنياتهم ، واجتمعوا في العلية والأبواب مغلقة ، ولم يكن يخطر ببالهم قيامة المسيح .
ولكن عندما قام المسيح غير حياتهم ، وبدل خوفهم إلى سلام ، وجبنهم إلى شجاعة ، وحزنهم إلى فرح عميق ، وإنكارهم وهروبهم إلى قوة وشهادة .
** كان التلاميذ مجموعة قليلة ضعيفة لم يستطيعوا أن يمنعوا صلب المسيح ، ولو لم يكن المسيح قد قام ، ما أمكن للتلاميذ أن يجاهروا بالقيامة ، وما كانوا خاطروا بأنفسهم وخرجوا للكرازة بالقيامة ، وقدموا حياتهم للموت والعذاب في سبيل إيمانهم ، وهذا دليل قوي جداً على صدقهم وصحة ما ينادون به ، فهل من المنطق أن يبذل الإنسان حياته من أجل أكاذيب لا يؤمن بها أو خرافات ، أو اختراعات مختلقة .
** لقد نادى التلاميذ بقيامة المسيح في مدينة أورشليم التي عرف أهلها كل شيء عنه ، وأمام رؤساء الكهنة الذين شاهدوا بأنفسهم موته على الصليب ، ودفنه في القبر ، وذلك دون أن يعترض أحد من هؤلاء على انتشار الخبر (اع2: 22-41 ،3: 13-26 ، 4: 1-21) .
** إن التلاميذ لم يكونوا من الأغنياء والأقوياء الذين لهم نفوذ وسلطان وبالتالي إذا إدعوا بغير الحقيقة لا يجدون أية معارضة من الناس ، ولكن التلاميذ كانوا فقراء لا نفوذ لهم ، وكان اليهود أعداؤهم أقوياء ، ولهم صولجان وسلطان ، وبالرغم من هذا لم يستطيعوا إسكات التلاميذ أو القضاء على شهادتهم ، وفي هذا دليل قاطع أن قيامة المسيح حقيقة لاشك فيها .
** لو فرضنا أن التلاميذ كانت لهم مكاسب معينة من وراء المناداة بقيامة المسيح ، كنا نشك في صدق شهادتهم ، لكن الدارس للتاريخ يعرف أن اليونانيين كانوا يستهزئون بهم (اع17: 18، 32) ، وكهنة اليهود كانوا يقبضون عليهم ويعذبوهم بكل أشكال وألوان التعذيب (أع4: 1-3، 5: 17، 18) ، وبما أنه ليس من المنطق أن يختلق التلاميذ موضوع القيامة الذي لا نصيب له من الصحة ، ويتحملون الآلام المبرحة في سبيلها ، من هنا ندرك أن القيامة حقيقة لا تقبل الشك .
6. القبر الفارغ :-
نعم ! إن القبر الفارغ هو أحد الأدلة القوية على قيامة المسيح ، هو شهادة صامته أبلغ من كل كلام على القيامة،
وكم من سهام صوبها النقاد تجاه القبر الفارغ لكنها تحطمت داخله ، وذلك لان المعنى الوحيد للقبر الفارغ هو قيامة المسيح من الأموات ولا يوجد تفسير آخر لهذه الظاهرة غير ذلك وهل يمكن أن يقبل اليهود إعلان التلاميذ عن قيامة المسيح دون مقاومة لولا القبر الفارغ ؟ وهل كان من السهل على التلاميذ إعلان حقيقة القيامة في أورشليم لو لم يكن القبر قد خلا حقاً من جسد المسيح ؟!
وأمام هذه الحقيقة المفزعة لليهود حاول قادة اليهود أن يقدموا رشوة للحراس ليقولوا أن تلاميذ المسيح سرقوا جسده وهم نيام ( مت28: 11- 15) وهذا أيضاً دليل قوي على أن القبر كان فارغاً ، ومن ناحية أخرى فإن إدعاء سرقة جسد المسيح هو إدعاء كاذب وباطل فالحراس لم يروا التلاميذ يسرقون الجسد وإلا لقبضوا عليهم ، وإذا كان الإدعاء أن السرقة تمت وهم نيام فليس لديهم ما يثبت ذلك لأن شهادة النائم كشهادة الغائب لا يعتد بها ، وهل من المعقول أن كل الحراس ناموا في وقت واحد ؟! ، وكيف لم يستيقظ الحراس عندما كُسرت الأختام تحرك الحجر من على باب القبر أَلم يُحدث صوتاً أو ضجة توقظ ولو واحد من الحراس ؟!!
نعم ! إن القبر الفارغ هو المهد الذي وُلدت فيه الكنيسة لأنه أكبر دليل على قيامة رب الكنيسة من بين الأموات.
7. الأكفان :-
عندما ذهبت مريم المجدلية إلى القبر ورأته فارغاً ، ويسوع ليس بموجود فيه أسرعت وأخبرت بطرس ويوحنا أن المسيح ليس في القبر وقالت لهما ” أخذوا سيدي من القبر ولسنا نعلم أين وضعوه( يو20: 2 )، وبدورهما هرعا إلى القبر ، حتى سبق يوحنا بطرس ، وانحنى ينظر في القبر فرأى الأكفان موضوعة ، وكلمة ” موضوعة ” في اللغة اليونانية تعني ” موضوعة بعناية ” أي أنها ليست ملقاة بعدم اهتمام ، وكان المنديل الذي يغطي الرأس ملفوفاً وموضوعاً وحده ، والكلمة ” ملفوف تعني” مستدير” كما لو كان الرأس في داخله ، ولعل هذا يعني أن الجسد قد انسحب من أكفانه بطريقة معجزيه.
الجدير بالذكر أن البشير يوحنا كان قد سجل أن يوسف الرامي ونيقوديموس آتياً بمزيج مر وعود ولفا الجسد بالأكفان مع الاطياب (يو19).
ولكن عاد فسجل ما رآه هو وبطرس عندما ذهبا إلى القبر (يو20) .
أ-الأكفان موضوعة بعناية ودقة فائقة .
ب-المنديل الذي كان على الرأس موضوعاً مع الأكفان بل ملفوف في موضع وحده .
ومن هنا يتضح لنا من رواية يوحنا أهمية الأكفان كبرهان صحيح على القيامة، فبقاء الأكفان في حالتها دليل على أن أحداً لم يسرق الجسد فليس لدى السارق الوقت الكافي ليسحب الجسد من الأكفان، ثم يرتب الأكفان بالوضع الذي كانت عليه. إن الخوف كان يجعلهم يسرقون الجسد بالأكفان بعجلة ويتركون القبر في حالة من الفوضى، بل الذي يسرق كان سيأخذ الجسد ملفوفاً بأكفانه، لا لكي يستر الجسد فقط، بل ليسرع بالجسد ملفوفاً حتى لا يلقوا القبض عليه.
نعم ! إن الأكفان بصورتها التي وُجدت عليها بالقبر الفارغ كانت دليلاً قوياً جداً على صحة القيامة.
8. الحجر المدحرج :-
كان الحجر الموضوع على قبر المسيح حجراً ضخماً وثقيلاً وهذه الحقيقة يؤيدها صراحة أو تلميحاً كل الكتاب الذين أشاروا إليه.
فيقول مرقس عن الحجر أنه ” كان عظيماً جداً ” (مر16: 4).
ويقول متى ” حجراً كبيراً ” (مت27: 60).
النسوة كن في حيرة وهن في طريقهن إلى القبر وكن يقلن فيما بينهن مَنْ يدحرج لنا الحجر (مر16: 3). لكن هل يقف الحجر حائلاً أمام صخر الدهور ، وهل يُعقل أن يمنع الحراس الشمس من الشروق فمكتوب ” وإذا زلزلة عظيمة حدثت لان ملاك الرب نزل من السماء وجاء ودحرج الحجر عن الباب وجلس عليه (مت28: 2). إن هذا الحجر الذي أرادوه حجر عثرة في طريق الحق ، فإذا برب الحق يجعله حجر زاوية في البناء المسيحي ، وهذا الحجر الذي ظنوه سداً حائلاً منيعاً ، جعله الفادي برجاً راسخاً شامخاً عظيماً يعلن للملا عن قيامة رب السماء.
9. الختم الروماني :-
ذهب رؤساء الكهنة والفريسيون إلى بيلاطس وقالوا له يا سيد تذكرنا أن ذلك المضل قال وهو حي إني بعد ثلاثة أيام أقوم فمر بضبط القبر إلى اليوم الثالث لئلا يأتي تلاميذه ليلاً ويسرقوه ويقولوا للشعب أنه قام من الأموات فتكون فتكون الضلالة الأخيرة أشر من الأولى فقال لهم بيلاطس عندكم حراس ، اذهبوا واضبطوه كما تعلمون فمضوا وضبطوا القبر بالحراس وختموا الحجر (مت27: 62- 66).
ولقد تم ختم القبر بحضور الجند الروماني ، وما كان ممكناً فتح باب القبر لا إذ كُسر الختم ، وبالطبع هذه جريمة ضد الدولة الرومانية ، ومَنْ كان لدية الاستعداد لكسر الختم ويعّرض حياته للخطر ، ولكن الختم كُسر ، والحجر دُحرج ، وكان على الجنود أن يسرعوا لقياداتهم ليخبروهم بما تم ، فلقد كان الكل يخافون كسر الختم الروماني خوفًا على حياتهم .
والسؤال هل من المنطق أن تقف الأختام الرومانية أمام الأوامر السماوية ؟! لقد قام المسيح ظافراً منتصراً رغماً عن وجود الأختام على الحجر الضخم على باب القبر.
10 .صمت الأعداء :-
براهين القيامة القوية جعلت الأعداء يصمتون ، فلم ينف الأعداء قيامة المسيح بل ظلوا صامتين دون أي برهان منهم على عدم صحة القيامة ، ويسجل لنا سفر الأعمال عظة بطرس في يوم الخمسين (أع ص2) ، والتي كان موضوعها عن القيامة ، لكن أحداً من اليهود لم يقاوم بطرس ، ولم يعترض على ما أعلنه عن قيامة المسيح ، ولم يقدم أي واحد من السامعين دليلاً ضد القيامة ، لان برهان القيامة كان واضحاً وضوح الشمس .
نعم ! إن صمت اليهود كان أبلغ من كل كلام المسيحيين على صدق القيامة.
11. إيمان الكهنة بالقيامة :-
وكانت كلمة الله تنمو وعدد التلاميذ يتكاثر جداًَ في أورشليم، وجمهور كثير من الكهنة يطيعون الإيمان (أع6: 7) . لقد كان لمفعول القيامة التأثير الرائع لدرجة إن كثيرين من الكهنة اليهود ، أولئك الذين كانوا
ضمن أقوى حزب في عداوة المسيح تغيروا وآمنوا بالقيامة ، بالطبع من المؤكد أن تغيير هؤلاء كان نتيجة لاقتناع عميق بالقيامة لا يرفضه سوى العنيد الذي لا يقبل الحقائق ولو كانت أمامه الأدلة المقنعة .
12- اختبار القيامة في الحياة :-
مُنذ اليوم الأول للقيامة وإلى يومنا هذا وحتى يأتي المسيح ثانية سيظل اختبار القيامة ، اختبار يومي ، يغّير حياة الكثيرين ولعل هذا يذكرني بعظة بطرس يوم الخمسين وبفاعلية الروح القدس ، انضم إلى الكنيسة ثلاثة آلالف نفس ، لكن الاختبار الذي يعتبره البعض من المفسرين من براهين القيامة .
بعد مرور قرابة أربع سنوات على قصة الصليب والقيامة يسجل الوحي المقدس قصة تجديد شاول الطرسوسي الذي كان ينكر الإيمان المسيحي بشدة ، ويكره أتباع المسيح بكل ما أوتي من قوة ، لقد كان معلماً وفريسياً ، كانت له مكانة مرموقة ، كان مُضطهد المسيحية ولكنه صار مسيحياً وصار تجديده معروفاً للجميع إذ أثار دهشة الكل ولقد اعتبر عدد كبير من المفسرين أن تجديد الطرسوسي علامة مميزة تبرهن على صحة القيامة وذلك للأسباب الآتية :-
1.كان الطرسوسي رجل في منتهى الذكاء ، أحد المفكرين العباقرة في التاريخ البشري ، كان واسع العلم والثقافة ولم يكن له أن يخضع ويستسلم لأية أفكار دون فحصها ، واختبارها ، فلا يمكن أن يقبل عقيدة تستند على أدله واهية أو خيالات وهمية .
2.بعد أن كان الطرسوسي كله ضد المسيح ، صار كله للمسيح ، وبعد أن كان يضطهد الكنيسة صار مضَطهداً لأجل الكنيسة ، وبعد أن كان حملاً وعبئاً على قلب الكنيسة ، صار قلبه يحمل أعباء الكنيسة .
نعم!إن إنساناً يتغير اتجاه حياته تغيراً كلياً إلى مائة وثمانين درجة كما يقولون ، ويكرس حياته بالتمام للرب لا يمكن أن يكون تكريسه هذا مؤسساً على أسباب غير منطقية ولكن قيامة المسيح كانت هي السر القوي وراء اقتناعه بالإيمان المسيحي والذي يعتبره البعض من المفسرين أن تجديد الطرسوسي أحد براهين القيامة .
13 . ميلاد الكنيسة :-
لقد تأسست الكنيسة المسيحية على أساس تجسد وموت وقيامة وصعود المسيح (أع20: 22-41، أع4: 5- 32). وهل من المنطق أن تقوم وتؤسس الكنيسة ما لم يكن المسيح قد مات وقام ، فبدون هذه العقيدة الأساسية سيكون إيماننا باطل وكرازتنا باطلة ، وهل يمكن أن نقبل أعمال الله بدون صليب وموت وقيامة ؟! فإيماني لو أن المسيح جاء إلى أرضنا وعاش بدلاً من الثلاثة والثلاثين سنة ثلاثة وثلاثين قرناً من الزمان يشفي مرضانا ، ويفتح عيون عميانا ، ويقيم موتانا ، ويجول يصنع خيراً هنا وهناك دون أن يصعد إلى هضبة الجلجثة ويموت على الصليب ثم يقوم ظافراً منتصراً فما كان مجيئه وتجسده ذات فائدة أو نفع لحياتنا ومستقبلنا الأبدي ، وهل من المنطق أن تتحمل الكنيسة كل ألوان وأشكال الإضطهادات العنيفة والمريرة التي عانتها على مر الأجيال والعصور ما لم يكن إيمانها بموت وقيامة المسيح حقيقة لا شك فيها على الإطلاق ؟
14. تقديس يوم الأحد للعبادة :-
لقد كان اليهود يقدسون يوم السبت حسب نص الوصية ” وكلم الرب موسى قائلاً : وأنت تكلم إسرائيل قائلاً سبوتي تحفظونها . فتحفظون السبت لأنه مقدس لكم َمنْ دنسه يُقتل قتلاً، إن كل من صنع فيه عملاً تُقطع تلك النفس من بين شعبها، ستة أيام يُصنع عمل وأما اليوم السابع ففيه سبت عطلة مقدس للرب كل من صنع عملاً في يوم السبت يُقتل قتلاً (حز31: 12-15).فإذا عرفنا أن الرسل كانوا يهوداً لعرفنا مقدار الجهد الذي بذلوه لتغيير يوم العبادة بالنسبة لهم ، وكيف نجد تفسيراً لتغيير السبت بيوم الأحد إلا بالقيامة ، لقد كان التلاميذ يهوداً متمسكين بالسبت أولاً يمكن تغيير هذا التمسك العقائدي والاجتماعي إلا بسبب أقوى وهو القيامة
ولو لم يكن المسيح قد قام حقاً وفعلاً ما أستطاع التلاميذ وكلهم من اليهود أن يبّدلوا سبتهم المقدس ويحتفلوا بالأحد المسيحي.
نعم ! إن يوم الأحد من كل أسبوع شهادة دائمة ومستمرة لقيامة المسيح من بين الأموات ظافراً منتصراً.
15- الاحتفال بعيد القيامة :-
يحتفل المسيحيون في العالم كله بعيد القيامة المجيد منُذ القرن الثاني الميلادي وبالتقريب في سنة 154 أو 155م وبالطبع ليس من المنطق أن يحتفل الناس بأمر لم يحدث، ولكن لأهمية وجسامة وحقيقة وفاعلية القيامة يحتفل العالم المسيحي بعيد القيامة سنوياً.
نعم ! وإن كان الاحتفال بالقيامة تقليد جميل ، لكن أتمني أن لا ينحصر أو يقتصر الاحتفال في مجرد مظاهر فقط من احتفالات كنسية في صورة أناشيد القيامة وترانيم وصلوات ، واحتفالاً ، وهناك مَنْ لا يذكر من العيد إلا الأكلات الشهية ، والملابس الجديدة ، ولقاء الأصدقاء ، وزيارات الأقرباء ، ثم ينفض العيد وإنما يجب أن نحتفل بقيامة المسيح في حياتنا بأن نعيش الحياة المقامة الغالبة المنتصرة لمجد اسم إلهنا وامتداد ملكوت فادينا.