الجمعة قبل الماضي -15 مارس- كان يوما مشهودا في تاريخ وطني فقد أجريت انتخابات التجديد النصفي لمجلس نقابة الصحفيين ونجحت الزميلة حنان فكري ضمن مجموعة الصحفيين الستة الذين حالفهم الحظ في دخول المجلس مع الأستاذ ضياء رشوان الذي يقود المجلس في الفترة المقبلة نقيبا للصحفيين.
الجمعة قبل الماضي -15 مارس- كان يوما مشهودا في تاريخ وطني فقد أجريت انتخابات التجديد النصفي لمجلس نقابة الصحفيين ونجحت الزميلة حنان فكري ضمن مجموعة الصحفيين الستة الذين حالفهم الحظ في دخول المجلس مع الأستاذ ضياء رشوان الذي يقود المجلس في الفترة المقبلة نقيبا للصحفيين.
السعادة بنجاح حنان فكري غمرت أسرة تحرير وطني لأنه من خلال ذلك الإنجاز المشهود تصبح وطني ممثلة لأول مرة في تاريخها داخل مجلس النقابة العريقة التي ترعي وتنظم مهنة الصحافة وشئون الصحفيين ومن المتوقع أن تضطلع بدور خطير ومؤثر في المرحلة المصيرية التي تشهدها مصر.
إنجاز حنان فكري له أكثر من مدلول, فها هي سيدة قبطية تنتمي إلي صحيفة مستقلة تنجح في الحصول علي أغلبية من أصوات أعضاء النقابة تمكنها من دخول المجلس لتعمل مع زملائها في رعاية المهنة ومواجهة مسئولياتها وتحدياتها… صحيح أنها بالقطع ليست أول سيدة, وقد تكون ليست أول قبطية ولا أول صحفية تنتمي إلي صحيفة مستقلة دخلت مجلس النقابة عبر تاريخ النقابة الطويل, لكن تكمن أهمية ذلك الإنجاز في هذه الأيام بالتحديد لأنها تمثل سباحة شجاعة عكس التيار الجامح الذي يسود مصر بعد ثورة 25 يناير والذي يسحب باستمرار وبإصرار من رصيد المرأة والأقباط والإعلام المستقل الذي لا يستسلم للتيار.
وأنا إذ أسلط الضوء علي هذا الانجاز أقدمه كبارقة أمل لكل من تملكه اليأس من أحوال مصر وما تعانيه من أوجه التردي السياسي والاقتصادي والأمني, لأن الاعتراف بكآبة المشهد لا يمثل بالضرورة الاستسلام لليأس وفقدان الأمل في الخلاص من الواقع المريض, بل هناك من العلامات ومن بصيص الضوء داخل النفق المظلم ما ينبئ بأن هذا الشعب يدرك تماما ما يريد ولم يفقد الإرادة في الجهاد من أجل استعادة مصر لكل المصريين وبكل أصالتها ووداعتها ووسطيتها… مصر وطن للجميع ولن تكون لقمة سائغة لأي فصيل سياسي أو ديني أو جماعة أو عشيرة لتستحوذ عليها وتقصي ما عداها… هذه الرسالة باتت واضحة جلية وقوية… صرخ بها الشارع المصري, وبالأمس القريب أثبتتها انتخابات اتحادات الطلبة في الكليات الجامعية, وها هي نقابة الصحفيين تقول قولتها… والبقية تأتي بإذن الله.
وقد يقول قائل: وما علاقة نقابة الصحفيين بمأساة مصر السياسية أو الأمنية؟ أليس الأجدر بها أن تهتم بمهنة الصحافة وترعي شئون أعضائها الصحفيين؟ إن الأمور السياسية يجب أن تترك للفصائل السياسية والأحزاب وقوي الحكم والمعارضة… لكني أقول صحيح أن العمل النقابي يرتبط أولا بتنظيم المهنة ورعاية أحوال أصحابها, لكن إذا جاز فصله عن السياسة بالنسبة للنقابات ذات الطبيعة التقنية غير السياسية كالأطباء والمهندسين والصيادلة والتجاريين… وغيرهم… لا يجوز أبدا أن تنفصل عن السياسة والنقابات المشتبكة مباشرة في طبيعة مهنتها مع السياسة وتأتي في مقدمتها نقابة الصحفيين ومعها -في رأي كثيرين- نقابة المحامين.
مهنة الصحافة مهنة عظيمة وخطيرة لأنها تخاطب الوعي العام للمجتمع من خلال معايشتها كل ما يحدث ورصده ونقله وتحليله ونقده… في إمكانها أن توقظ الوعي العام وفي إمكانها أن تزيفه وتضلله… لذلك يعتبرها الكافة سلطة رابعة في المجتمع بعد السلطات الدستورية الثلاث: التشريعية والتنفيذية والقضائية, لا غني عنها ولا بديل لدورها المؤثر في حياة المواطنين وفي أحوال الوطن… لذلك من الأهمية القصوي أن يكفل المجتمع الظروف المواتية لوجود نقابة صحفيين قوية مستقلة قادرة علي ترسيخ معايير محترمة تسمح لها من خلال مهنة الصحافة بأن تكون عينا أمينة علي المجتمع وجرس إنذار لما قد يعتريه من مخاطر… وطبعا لا يستقيم هذا الدور إذا كانت النقابة نفسها ضحية لتيار بعينه أو مطية لأهواء تستبيح الحريات ولا تكترث بالحقوق ولا تسهر علي المساواة بين الجميع.
كل التهنئة لمجلس نقابة الصحفيين بتشكيله الجديد, بقيادة الأستاذ ضياء رشوان وبأعضائه القدامي وأعضائه الجدد ومعهم الزميلة حنان فكري… إن أمام هذا المجلس مهمة وطنية ومهنية دقيقة للارتقاء بمهنة الصحافة وترسيخ الركائز التي تعتمد عليها… كل التمنيات أن تسود روح تعاون وتناغم بين أعضاء المجلس ليحقق آمال الصحفيين في نقابتهم, لأن البيت يحتاج إصلاحات مهمة من الداخل, ولعل ذلك يدعوني للمطالبة بتغليب صالح الوطن والمهنة علي الاختلافات السياسية والخلافات الأيديولوجية في نقابة يستعصي فصلها عن السياسة.