* عملي هو النقد ولست مع الحكومة أو المعارضة
هو أحد فناني الكاريكاتور الموهوبين…ذاع صيته بعد أن نشر أعماله في جريدة العربي بداية من عام 1998,وأصبح له جمهور كبير من المثقفين والمفكرين أمثال إبراهيم أصلان وصلاح عيسي وجلال أمين…رسوماته تتسم بالبساطة ويعتمد من خلالها علي التعليقات الساخرة التي تأتي دائما في الصميم…إنه سمير عبد الغني الفائز بجائزة فن الكاريكاتور عن نقابة الصحفيين لعام 2008 والذي التقينا معه في الحوار التالي:
* هل تري أن فن الكاريكاتور يتراجع في المضمون والقيمة معا؟
* * لا..لو أنك بدأت هذا الحوار معي منذ عامين أو ثلاثة كنت سأقول أن هناك أزمة…والسبب ليس في رسامي الكاريكاتور,بل لأنه لم تكن هناك صحف كافية تعطي فرصة لرسامين جدد للظهور,حيث كان عدد قليل جدا من رسامي الكاريكاتور يرسمون في كل الصحف.
لكن مع صدور جريدة الدستور ظهر كل من الفنان هاني شمس,والفنان عبد الله,والفنان عبد الله أحمد,الفنان مخلوف,الفنانة دعاء العدل…كل هؤلاء أظهرتهم جريدة واحدة هي الدستور,بالإضافة إلي ظهور إبداعات الفنان وليد طاهر الذي كان مخنوقا في مجلة صباح الخير التي فتحت أخيرا أبوابها -من جديد- لتحتضن رسوم كل من شريف عرفة,وشريف حمدي,ومصطفي سالم.
أما جريدة البديل فظهر فيها كل من الفنان محمد عبد اللطيف,الفنان محمد الصباغ.
ما أقصده أن ظهور صحف جديدة من أبرزها الكرامة,المصري اليوم,البديل,الدستور,اليوم السابع بمثابة نوافذ جديدة وأرض خصبة لظهور فنانين جدد.
بالإضافة إلي أن المقارنة بين جيل عظيم من أمثال جورج البهجوري ومحيي اللباد وصلاح جاهين بأجيال جديدة لا يصلح علي الإطلاق,لأن الظروف اختلفت والجيل الجديد من رسامي الكاريكاتور يحاول في حدود الإمكانات المتاحة له,والجيل الحالي مظلوم لأنه يعيش في بيئة لا تساعده علي الإبداع,ويكفي أن أذكر لك أن الجيل السابق لفناني الكاريكاتور كان يعمل مع أشخاص بقامة وفكر أحمد بهاء الدين,إحسان عبد القدوس,مصطفي محمود,فتحي غانم,عبد الرحمن الخميسي,محمود السعدني,عبد الرحمن الشرقاوي,حسن فؤاد….وهؤلاء كانوا بمثابة تروس تتحرك لتدفع أمة بأكملها إلي الأمام,وحاليا لا يمكن أن تجتمع مثل هذه النخبة الفريدة.
والجيل العظيم من رسامي الكاريكاتور الذين ظهروا في وقت كان فيه قيمة للكاريكاتور والفرجة والفن والإبداع…أما نحن نعيش في ظل الفضائيات والإنترنت وعشرات الوسائل الإعلامية,وظهور موهبة في الوقت الحالي يحتاج إلي معجزة,ومع ذلك فإن الأجيال السابقة أخذت وقتها وفرصتها والجيل الحالي يحتاج إلي وقت وفرصة حتي يقدم إنتاجا جديدا ومختلفا ومدهشا وليس مكررا,وكذلك أن يرفع الكبار يد الوصاية عن الصغار أمثالنا إلا في حدود التواصل الإنساني والأبوي بالمعني الفني.
فالأوضاع تتغير حاليا,وهناك محاولة بدأت منذ أسابيع لإعادة فن الكاريكاتور إلي مكانته المرموقة,ويمكن أن تعتبر أن ما تنشره المصري اليوم والبديل وغيرهما من الصحف الجديدة هو البداية لذلك.
* هل تعتقد أن الدراسات والبحوث الأكاديمية عن الكاريكاتور يمكن أن تساعد في النهوض بهذا الفن؟
* * أعتقد أنها تسهم في زيادة الوعي للقارئ والمتلقي المهتم بالبحث في الكاريكاتور,إنما الفنان يحتاج أكثر إلي الإذاعة والتليفزيون والندوات التي تناقش أعماله وتعرف به.
فأنا أرسم في حدود إمكاناتي المتاحة,بمعني أنني أبسط كل الأشياء ولا أرسمها كما هي,فالمهم عندي هو بالونة الكلام أو التعليق الكاريكاتوري,وأحرص أن يكون ساخرا ومركزا وفي الصميم. واستخدم فيه كل أساليب التلاعب بالألفاظ والتورية,مع استخدام أسلوب واحد في الرسم.
وأعترف أنني لست رساما جيدا,وأنا لا أخجل من ذلك فالمهم أن أكون صادقا. وهناك رسام فرنسي اسمه كولي يرسم بطتين كل يوم إحداهما كبيرة والأخري صغيرة. الصغيرة تسأل والكبيرة تجيب. ويبدو هذا العالم البسيط عالما عظيما لمن يستوعبه.
ولا أحد من القراء يسأل: لماذا لا يوجد أسود أو نمور أو فيلة أو بشر أو فراخ,حيث تكفيه وجبة البط كل صباح.
* ما رأيك في فنان الكاريكاتور الذي يتعرض للحبس أو الغرامة بسبب رسوماته الساخرة؟
* * أعتقد أن السبب وجود نقص في ثقافته القانونية والكاريكاتورية. هناك رسوم كثيرة جدا للرسام العظيم أحمد حجازي عندما يراها القارئ,إذا كان في عصر السادات سيقول إن المقصود هو الرئيس السادات,وإذا رآها القارئ في عصر مبارك,سيقول إن المقصود هو الرئيس مبارك. والمعني أنه يشير إلي رأس الأزمة بذكاء دون أن يشير إلي شخص بعينه,أي علي القارئ أن يشير بنفسه إلي الشخص المقصود ويكمل لعبة الكاريكاتور,وليس مطلوبا من فنان الكاريكاتور أن يكون مباشرا جدا,وكأنه يقول افهم يا حمار. وهذا ما كانت تمثله رسوم الفنان ناجي العلي وهذا هو سر بقائها واستمرارها كقيمة فنية حتي الآن.فالمهم أن يشير الفنان بذكاء إلي ما يريد.
* قد يفهم من العديد من رسوماتك الساخرة أنك تمارس العنف الثقافي ضد المرأة…ما رأيك؟
* * هذا ليس حقيقيا…بل هو جزء من كل,ولكن إذا نظرت إلي الرسوم نظرة شاملة وكلية ستجد أنني مع المرأة وليس ضدها. وفي أحيان كثيرة أدين الرجل من خلال الرسوم الساخرة. أريد أن أقول إن ما أرسمه قد لا يكون معبرا عما بداخلي,فالرجل في الرسوم ليس هو الفنان الذي يرسم بل هو الرجل الذي يتحرش بها,كما قد يكون تفسير رسوماتي بأنني أمارس العنف الثقافي ضد المرأة تفسيرا خاطئا للمعني في الكاريكاتور حتي لو كان صادقا أو جارحا,فأنا أقصد أن أثير انتباهه أو مداعبته أو الضحك معه.
وإذا كان الكاريكاتور غير قادر علي إدهاش المتلقي فهو ليس بكاريكاتور.
والشخص الذي يظهر في الكاريكاتور ليس أنا بل الشخص الذي أسخر منه والذي يدينه المجتمع. وأنا لست مع الرجل أو المرأة أو الحكومة أو المعارضة لكن عملي أن أنتقد…لقد خلق رسام الكاريكاتور للنقد.
* كيف بدأت رحلتك مع الكاريكاتور؟
* * بدأت في مرحلة الجامعة وأنا طالب بكلية التجارة جامعة الإسكندرية وأول جائزة حصلت عليها في الكاريكاتور كانت عام 1987 حيث حصلت علي الترتيب العاشر في مسابقة جامعية,وبعدها بعام تقدمت للمسابقة وحصلت علي الجائزة الأولي علي مستوي الجامعة عام 1988. وهذا ما حببني في الكاريكاتور. وأذكر أن قصر ثقافة الإسكندرية أقام ندوة عن الزجال السيد عقل عام 1988,وتحدث عنه في الندوة الكاتب خيري شلبي وتناول أعماله,وكانت المناسبة خاصة بتكريمه من قبل محافظ الإسكندرية,وكنت حاضرا ورسمت السيد عقل أثناء تكريمه,ونشر ذلك الأستاذ خيري شلبي بمجلة الإذاعة والتليفزيون.
وفي عام 1992 قابلت الفنان مصطفي حسين وبدأت أنشر بعض الرسوم في مجلة كاريكاتير في صفحة الظرفاء وهي صفحة مخصصة للقراء دون مقابل لمدة عام.كما نشرت في العديد من الصحف الصادرة بتراخيص أجنبية مثل الأنباء الدولية,الجمهور المصري,ونشرت في مجلات فنية وصحف إعلانات حتي عملت في جريدة العربي عام 1998. ولم يتم تعييني حتي عام 2007 بسبب المشاكل المالية للجريدة وسوء الإدارة,واعتبارات كثيرة لا أفهمها وخلال هذه الفترة لم أحصل علي مرتبي بانتظام,ومازلت أدين للجريدة بمرتب 3سنوات بسبب حبي لفن الكاريكاتور. كان المهم بالنسبة لي النشر والتواجد في الساحة الفنية والصحفية.
والحقيقة أنني خلال هذه الفترة عملت في مجال رسوم الأطفال بالإضافة إلي العمل في إحدي شركات الرسوم المتحركة,ولكن بسبب حبي للكاريكاتور الذي سيطر علي تركت مجال الرسوم المتحركة,علي الرغم من أنه كان الأفضل من الناحية المادية,لقد تأخرت في الحصول علي عضوية نقابة الصحفيين 9سنوات,لكن سعادتي أنني في العام الأول للحصول علي عضوية النقابة حصلت علي الجائزة الأولي في فن الكاريكاتور. ويسعدني كثيرا أن أصبح عندي جمهور كبير من المثقفين والمفكرين بسبب النشر في العربي من أمثال: إبراهيم أصلان,إبراهيم عبد المجيد,صلاح عيسي,جلال أمين,علاء الأسواني.
ــــــــــــــــــــــــــــ
سمير عبد الغني في سطور
* حاصل علي بكالوريوس التجارة من جامعة الإسكندرية
* نشر أعماله في العديد من الصحف والمجلات أبرزها العربي وكاريكاتير والأنباء الدولية.
* يهوي كتابة سيناريوهات الأفلام,حيث كتب سيناريو فيلم دويتو رسوم متحركة للمركز القومي للسينما,وفيلم بوم…بوم تحت التنفيذ للمركز القومي للسينما أيضا.
* يعد برامج عن الكاريكاتور بقناة النيل للأخبار وقناة دريم الفضائية.
* حاصل علي جائزة نقابة الصحفيين في الكاريكاتور لعام 2008.