أخير وجدنا مسودة كاملة لمشروع الدستور من يقرأها يجد أنها تحتاج إلي كتاب كامل للرد علي موادها, ولكن دعنا نخصص هذه المقالة لمادة واحدة وهي المادة ##7## والتي تنص علي## يقوم النظام السياسي الديموقراطي علي مباديء
أخير وجدنا مسودة كاملة لمشروع الدستور من يقرأها يجد أنها تحتاج إلي كتاب كامل للرد علي موادها, ولكن دعنا نخصص هذه المقالة لمادة واحدة وهي المادة ##7## والتي تنص علي## يقوم النظام السياسي الديموقراطي علي مباديء الشوري, والمواطنة التي تسوي بين كل مواطنيها في الحقوق والواجبات##.
منذ زمن طويل نسمع من الإسلاميين أن الشوري هي المرادف الإسلامي للديموقراطية ولا يختلفان سوي في اللفظ, فإذا كانت الشوري مرادفا للديموقراطية فلماذا نتكلم عن الديموقراطية الشورية؟ هذا الكلام مثله مثل القول بأن الشريعة تساوي المرأة بالرجل فيكون السؤال إذا كانت هذه هي الحقيقة فلماذا نقيد المساواة بينهما بعدم مخالفة الشريعة؟ ولكن الحقيقة تقول أن قيد الشريعة يخل بالمساواة الحقيقية ولهذا ثارت النساء في مصر علي هذا القيد,فبدلا من وضع مادة إيجابية تمنع التمييز ضد المرأة وضعوا قيدا مخلا بالمساواة هو قيد الشريعة. كما أن الشوري ليست معادلة للديموقراطية بل تضع قيدا عليها, بل وتفرغها من مضمونها, ومن وضعوا اللفظ يعرفون جيدا هذا القيد,وكان من الأجدي لهم أن يقولوا إن النظام السياسي المصري يقوم علي الديموقراطية الليبرالية,أو الديموقراطية الدستورية,أو الديموقراطية المؤسسية, أما لفظ ##الشوري## فهو تقييد للنظام السياسي بقيود دينية. فما هو الفرق بين الديموقراطية والشوري؟
الديموقراطية الحديثة في الأساس تقوم علي الفصل بين الدين والدولة وبين السياسي والروحي وبين العام والخاص, في حين أن الشوري جزء من الدمج بين الدين والدولة.
الديموقراطية في نتائجها ملزمة, والشوري غير ملزمة في نتائجها فقد يأخذ بها الحاكم أو لا يأخذ.
المشاركة الديموقراطية هي لكل المواطنين بصرف النظر عن الدين أو النوع أو اللون أو اللغة ,أما الشوري فهي صغيرة جدا يختارهم الحاكم بنفسه سماهم الماوردي في كتابه ## الخراج ## , ##أهل الحل والعقد##,أي أنهم من أهل الثقة ومن بطانة الحاكم ورأيهم استشاري وغير ملزم ولم نسمع أن من بينهم امرأة , وفي الأغلب والأعم يجارون الحاكم فيما يرغب لأنه هو الذي اختارهم وهو الذي له حق عزلهم.
الديموقراطية نتاج انتخابات أما الشوري فهي نتاج اختيارات.
حكم الأغلبية ليس معيارا للصواب في الشوري, فأكثر الناس لا يعلمون ولا يعقلون, ولكن في الديموقراطية فأن رأي الأغلبية هو عين الصواب السياسي.
لا توجد معارضة في الشوري, فالحاكم يستشير من اختارهم من أهل الحل والعقد وعلي الجميع في المجتمع الإسلامي الطاعة,أما في النظام الديموقراطي فالمعارضة أساسية وطروحاتها قد تجعلها تأخذ مقعد الحاكم ذاته, بل أن عملها الأساسي يدور حول الاطاحة بالحاكم بالطريق الديموقراطي.
في النظام الديموقراطي المواطن العادي هو الحكم وهو أعلي منصب في النظام السياسي لأنه بصوته يشكل النظام السياسي كله,أما في الشوري فالمواطن لا رأي له ولا قيمة لمعارضته, فالحاكم هو الكل في الكل والمواطن العادي موقعه هو المتلقي المطيع.
الديموقراطية تطرح بدائل متعددة وتوسع الخيارات باستمرار,أما الشوري فهي تطرح خيارا واحدا يؤخذ الرأي حوله من مجموعة صغيرة ثم يصير بعد ذلك واجب الطاعة والنفاذ.
في الديموقراطية كل شئ مطروح للتغير والتبديل وليس هناك ثوابت أو محرمات,أما في الشوري فهي تطبق فقط علي الأمور البعيدة عن الأحكام الشرعية.
جوهر الديموقراطية هو التداول السلمي للسلطة,أما في الشوري فلا حق للرعية بالخروج علي الحاكم أو تغييره طالما تم مبايعته وحافظ علي أصول الإسلام وفروعه, فالبيعة قائمة مدي الحياة.
الشوري نصيحة, والديموقراطية صراع سياسي قائم علي تفنيد أطروحات الطرف الآخر وتنافس حزبي قائم علي طرح البدائل المختلفة.
قد يقول قائل ولكن القائمين علي الحكم قد تعهدوا بالأخذ بالنظام الديموقراطي ووضعوا كلمة الشوري لإرضاء المتشددين. هذا كلام لا يصح ولا يجب قوله, فنحن أمام الفاظ ستتحول إلي حقوق دستورية, فماذا لو أصر المتشددون علي تطبيق الشوري؟. وقتها لا يستطيع أحد أن يلومهم فهم مستندون علي حقوق دستورية. ولهذا اطالب بحذف كلمة الشوري لأن الدساتير من المفروض أن تكون محكمة الألفاظ وليست مطاطة ولا متناقضة.