للمرة الأولى فى تاريخ مصر،يتصدر الحكم جماعات أو أفراد غير مؤهلين لذلك بعيداً عن الجدل الدائر حول ماهية الدولة الدينية أو المدنية أو النظام الرئاسى أو البرلمانى،فإن التيارات الدينية السياسية التى تشكل الأغلبية الحاكمة لا تدرك مفهوم الدولة كدولة،ولا يملكون أى رؤية للحكم، فلازالوا يتصرفون كجمعيات دعوية أو كفصائل دينية،ولا يرقى فكرهم لطرح رؤى أو برامج تصلح حتى لقيادة مجلس مدينة أو محافظة،لازالت خطاباتهم دينية قديمة،ولغاتهم عتيقة وآلياتهم استحواذية،وأساليب عملهم لم تنقل بعد من السرية إلى العلانية? ولايتوقف الأمر على عدم إدراكهم وضع الدساتير،بل وصل الأمر إلى الجهل بطبيعة المصريين?سنجد منهم من يدعى تمثيل الشعب أو تبنى الشريعة الإسلامية السمحة،ويرفض تقديم العزاء لملايين المصريين فى فقد قداسة البابا شنودة الثالث،والغريب أنهم يربطون بين ذلك الموقف البدائي والذى يعود إلى ما قبل الجاهلية وبين سماحة الإسلام،ذلك يجسد دلالة حقيقية على عدم أهليتهم لا لوضع الدساتير فحسب بل وللتشريع بشكل عام،لأن القانون يوضع من أجل البشر ولا يوضع البشر فى خدمة القانون? لا أريد أن أذكر بما ذهب إليه أحد الدعاة المتعصبين فى وصف قداسة البابا شنودة الثالث حينما رحل،لأن عشرات الملايين من المسلمين الذين حزنوا لرحيله عبروا بذلك عن الضمير المصرى فى مواجهة دعاة الهوس الدينى،ولكن هؤلاء البدائيين الذين خرجوا علينا من عمق الصحراء أو غياهب الفكر لانملك سوى النضال من أجل إدماجهم فى الحياة السياسية? أن مايحدث فى لجنة الدستور أو ترشيح خيرت الشاطر ليس إلا تأكيداً على أن هؤلاء البدائيين يحتاجون إلى محلل نفسى وليس محللاً سياسياً،أقول قولى هذا وأستغفر الله لى ولهم?