يستمر مسلسل انتهاكات الحق فى مياه الشرب فى كافة محافظات مصر باختلاف أشكال هذه الانتهاكات سواء فى الوصول أو النوعية أو التكلفة فليس هناك من لا يعانى من أحدى صور هذه الانتهاكات , بالاضافة الى اعتماد نسبة كبيرة من المحافظات لاسيما داخل قرى الريف والصعيد على محطات المياه الأرتوازية حيث الأعتماد الكلى على المياه الجوفية والتى ثبت عمليا أن نسبة 90% منها ملوث بسبب عدم وجود شبكات الصرف الصحى والاعتماد على نظام الطرنشات فى تجميع الصرف الأمر الذى يؤدى الى تسرب مياه الصرف الصحى واختلاطتها بالمياه الجوفيه .. فتلك القرى والتى تمثل النسبة الأكبر من سكان الريف والصعيد هى فى الحقيقة تعانى مر المعاناة من كافة أشكال انتهاك الحق فى مياه الشرب وصولا ونوعية وتكلفة بما يؤثر سلبا على العديد من حقوق المواطن الأساسية فى الحياة كالحق فى الصحة والعمل والتعليم والسكن .
وتتمثل صرخات المواطنين ضد هذه الانتهاكات فى العديد من الشكاوى التى ترسل الى حابى والى الصحف والمواقع الألكترونية يوميا ولكنها شكاوى تصاغ على لسان المواطن العادى خاوية من أية اسانيد قانونية أو صياغة متكاملة لتصل وتؤثر فى متخذى القرار, ومن هنا بدأت مؤسسة ” حابى للحقوق البيئية ” فى التفكير فى وضع دليل ليصبح مرشدا لكيفية صياغة الشكوى ضد انتهاكات الحق فى مياه الشرب والصرف الصحى بما يمكن الاسترشاد به عند صياغة شكاوى أخرى خاصة بانتهاك أيا من حقوق الانسان البيئية, كما أنه دليل تفاعلى بين حابى وكافة المواطنين حيث يقوم المواطنين بتغذيته بتجاربهم وخبراتهم فى تقديم الشكاوى وتعاملهم مع المسئولين فى مختلف المجالات البيئية , وسوف يعقد باستمرار حلقات نقاشية واستطلاعات للرأى مع النشطاء والقيادات الطبيعية والجمعيات الأهلية والخبراء حول هذا الدليل لمناقشة محتواه وتحديد ما ينقصه من بنود وتغذيته دائما بالخبرات المتنوعة فى اتجاه السعى وراء تمتع المواطن بالحق فى مياه الشرب والصرف الصحى .
و عن خطــوات كتابـــــة الشكــــوى , اولها فى تحديد الانتهاك خاصة و انه يتعرض حق المواطنين فى مياه الشرب والصرف الصحى للعديد من الانتهاكات التى تؤثر تأثيرا سلبيا كبيرا على كافة مجالات الحياة وكذلك على العديد من حقوق المواطنين الأخرى لذا يعتبر التحديد الدقيق والواضح لنوع الانتهاك من أهم مراحل الدفاع عن هذه الانتهاكات حيث يتم بناء عليه تحديد العديد من المراحل التالية كتحديد الجهات المسئولة عن هذه الحقوق والتى سوف يتم مخاطبتها والتعامل معها, كذلك البحث عن التشريعات والمواثيق التى تكفل تمتع المواطنين بحقوقهم , وفى حالة انتهاك الحق فى مياه الشرب هناك ثلاثة أوجه أساسية لهذا الانتهاك منها الحق فى الوصول لمياه الشرب (هل تصل المياه للمواطن أم لا ؟ وهل تصل بشكل منتظم أم لا ؟ ) ايضا الحق فى نوعية مياه الشرب (هل صالحة للاستخدام الادمى أم لا ؟ ) و الحق فى التكلفة المناسبة (هل تكلفة المياه مناسبة لمستوى معيشة المواطن أم لا ؟ ) بالإضافة إلى حق المواطنين فى المعرفة والحصول على المعلومات التى تتعلق بالحق فى مياه الشرب والصرف الصحى كالزام الجهات المسئولة الاعلان عن سياسة تسعيرة مياه الشرب , ومتى تترتفع هذه الأسعار؟ وما الاسباب وراء ارتفاعها ؟ كذلك ما حالة مياه الشرب من حيث نوعيتها ؟ متى تكون ملوثة وما اسباب تلوثها؟ ومتى يتم معالجتها من هذه الملوثات؟ ما أسباب عدم وصول مياه الشرب لمنطقة ما ؟ وما اسباب وصولها متقطعة وغير منتظمة فى أماكن أخرى, وغيرها من المعلومات التى تتعلق بحق المواطن فى التمتع بالحق فى مياه الشرب والصرف الصحى كذلك حق المواطنين والمنظمات الأهلية فى المشاركة فى القرارات الخاصة بهذا المورد ووضع الخطط المبدئية والمراقبة أثناء التنفيذ والتشغيل .
ثانيا: تحديد أثر الانتهاك على المواطنين اقتصادياً واجتماعيا وصحيا , و هنا يجب أن يذكر بشكل واضح فى الشكوى ما الآثار التى أصابت المواطنين نتيجة انتهاك الحق فى مياه الشرب لديهم فمن الممكن أن يكون هناك تحمل أعباء اقتصادية أعلى نتيجة عدم وصول المياه والاضطرار إلى شرائها, أو تكاليف طبية نتيجة تدهور الحالة الصحية الناتجة عن سوء نوعية المياه أو امتناع بعض الاطفال للذهاب إلى المدرسة نتيجة انقطاع المياه بها لذا فإن شرح وتوضيح ما يتكبده المواطنين من خسائر نفسية ومعنوية ومادية نتيجة لانتهاك الحق فى مياه الشرب يبين للجهات المختصة حجم الاضرار, وهو الامر الذى يمكن أن يمثل ضغطا عليها بوقف هذه الانتهاكات والسعى إلى إيجاد حلول لها .
و بالنسبة للخطوة الثالثة فتتمثل فى تحديد الجهات المختصة والمسئولة عن استلام الشكاوى , فإن تحديد نوعية الانتهاك هو الذى سوف يحدد الجهات التى سيتم التوجه إليها اذا كانت فى حالة عدم الوصول لمياه الشرب أو عدم وجود محطات وشبكات للمياه هنا فان الجهات الرئيسية المسئولة تكون ممثلة فى وزارة الاسكان والمرافق والتنمية العمرانية باعتبارها المعنية عن إدارة قطاع مياه الشرب والصرف الصحى فى مصر من خلال رسم السياسات الخاصة بالقطاع وإعداد الاستراتيجيات والخطط ومراجعة التقارير السنوية لأداء هذا المرفق ويتم ذلك من خلال عدة جهات منها الهيئة القومية لمياه الشرب والصرف الصحى وهى المسئولة عن إعداد خطط نشاطى مياه الشرب والصرف الصحى على المستوى القومى فى كافة محافظات الجمهورية ماعدا القاهرة والاسكندرية وسيناء والبحر الأحمر من خلال تصميم المشروعات الكبرى على مستوى المحافظات والممولة من ميزانية الدولة بما فى ذلك إعداد الدرسات وكرسات الشروط والمواصفات والعقود الخاصة بتلك المشروعات وتحليل وفحص العطاءات وترسيتها. ايضا الأشراف على تنفيذ المشروعات واستلامها ونقل الأصول والإلتزامات الى الجهة المسئولة عن التشغيل والصيانة بما لها من حقوق وما عليها من إلتزامات لتتولى إدارتها وتشغيلها.
كما يمكن التوجه للجهاز التنفيذى لمياه الشرب والصرف والصحى لاختصاصه فى بحث وإقتراح ورسم السياسات والخطط والبرامج الفنية والتمويلية للمشروعات الخاصة بمياه الشرب والصرف الصحى لمحافظتى القاهرة الكبرى والأسكندرية وكذلك الاشراف على تنفيذها مع التنسيق بين هذه الخطط والبرامج وخطط الجهات المختلفة مع المشروعات الخاصة بالجهاز . فضلا عن ديوان المحافظة التابع لها المواطن حيث أن المحافظة تكون مسئولة فى بعض الحالات عن المشاركة فى بناء المحطات وذلك على حسب موازنتها وبنودها .
اما فى حالة وجود محطات وشبكات ولكن المياه لا تصل بشكل منتظم ( أى تصل بشكل متقطع ساعتان خلال اليوم أو يومين فى الاسبوع أو عدة أيام خلال الشهر) ففى هذه الحالة تكون الجهة المسئولة هى الشركة التابعة لمياه الشرب بالمحافظة محل الانتهاك حيث تختص الشركات التابعة بمسئوليات تنقية وتحلية ونقل وتوزيع وبيع مياه الشرب وكذلك تجميع ومعالجة والتخلص الأمن من مياه الصرف الصحى , أو جهاز تنظيم مياه الشرب والصرف الصحى وحماية المستهلك الذى يختص بتأمين مواجهة الطلب على مياه الشرب وخدمات الصرف الصحى وضمان تلبية إحتياجات جمهور المستهلكين بما فى ذلك مختلف قطاعات الدولة بأنسب الأسعار و ضمان إلتزام جهات إنتاج وتوزيع خدمات مياه الشرب والصرف الصحى بمعايير محددة للجودة والأداء الى جانب تشجيع وتنظيم مشاركة القطاع الخاص فى الاستثمار فى قطاع مياه الشرب والصرف الصحى .
و فى حالة الانقطاع العرضى لمياه الشرب (أى ان المياه تأتى بشكل مستمر ولكن أحيانا يحدث لها انقطاع فإن الجهة المسئولة فى هذه الحالة هى الشركة التابعة بالمحافظة .
كما فى حالة تلوث مياه الشرب (أى تكون المياه غير صالحة للاستخدام الآدمى) فإن الجهات المسئولة فى هذه الحالة هى الشركة التابعة لمياه الشرب والصرف الصحى أو جهاز تنظيم مياه الشرب والصرف الصحى وحماية المستهلك .
اما فى حالة ازدياد تكاليف مياه الشرب سواء ارتفاع اسعار الفاتورة أو ارتفاع تكاليف ادخال المياه أو غيرها فإن الجهة المختصة هى جهاز تنظيم مياه الشرب والصرف الصحى وحماية المستهلك أو الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحى أو ديوان المحافظة التابع له المواطن .
وفى حالة طلب معلومات عن وضع مياه الشرب سواء فى الوصول أو النوعية أو التكلفة فإنه على الرغم من أن الجهة تتحدد حسب المعلومة إلا أنه يفضل أن يوجه الطلب إلى كافة الجهات المسئولة عن مياه الشرب بدء من وزارة الاسكان وجهاز تنظيم مياه الشرب والصرف الصحى وحماية المستهلك والجهاز التنقيذى لمياه الشرب فى حالة ما إذا كان التساؤل يخص القاهرة والاسكندرية والهيئة القومية لمياه الشرب عند التساؤل عن باقى المحافظات والشركة القابضة والشركة التابعة للمحافظة وديوان المحافظة التابع لها المواطن .
و تؤكد مؤسسة ” حابى ” حتى تكون الشكوى لها أثر وفعالية كبيرة فإنه من الضرورى أن يكون لها سند قانونى يبين أن هناك انتهاك لحقوق المواطنين فى مياه الشرب , اولها التشريعات المحلية التى تنص على الحق فى مياه الشرب وفقا للدستور و تحديدا المادة (34) والتى تتضمن حرمة الملكية العامة والمادة (46) والتى تكفل حق كل شخص فى بيئة صحية سليمة وفرض حمايتها كواجب وطنى والمادة (68) والتى تكفل الحق فى المعلومات والبيانات والاحصاءات والوثائق الرسمية والمادة (78) والتى تتضمن حق المواطن فى المسكن الملائم والآمن والصحى والمادة (79) والتى تكفل الحق فى الغذاء الصحى الكاف والمياه النظيفة .
ايضا قانون حماية المستهلك و تحديدا المادة رقم “2” التى تكفل الحق فى المعلومات والبيانات الصحيحة عن المنتجات التى يشتريها ويستخدمها المواطن.
فضلا عم المواثيق الدولية ومنها العهد الدولى للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية و خاصة المادة رقم “12” والتى تكفل الحق فى الصحة . ايضا العهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية و منها المادة رقم “19” والتى تنص على الحق فى المعلومة, والتى يجب الاستعانة بها عند المطالبة بالمعلومات الخاصة بمياه الشرب وما يتعلق بإدارة هذا المورد ومخصصاته وغيرها من المعلومات , والمادة رقم “25” التى تتضمن الحق فى المشاركة والتى يجب الاستعانة بها عند المطالبة بالمشاركة فى وضع الخطط الخاصة بإدارة مياه الشرب والقرارات الخاصة بها .
هذا و اكدت مؤسسة حابى على الالتزام باتفاقية حقوق الطفل , والتى أكدت فى متن أحكام مادتها رقم (24) فقرة 2 إلى تكريس حق الطفل في مياه الشرب صراحة والتأكيد على كفالة تنفيذه . الى جانب اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة حيث تعتبر تلك الاتفاقية من الصكوك الدولية المهمة والتي أشارت صراحة في متن أحكام المادة رقم (14) منها إلى تقرير الحق في المياه للنساء بصفة خاصة .
و اخيرا تاتى الخطوة الخامسة تتلخص فى صياغة المطالب , فمن الضرورى أن تكون هناك مطالب واضحة ومتصلة اتصالا وثيقا بما يعانى منه المواطنين من انتهاك للحق فى مياه الشرب على أن يكون هناك مطلبا رئيسيا واضحا يمكن أن يكون معه مطالب اخرى فرعية ومتصله بنفس الواقعة, ومن الضرورى أن تتضمن المطالب طرح بدائل من المواطنين على الجهات المختصة لحل المشكلة على ان تختتم الشكوى باصرار المواطنون فى الوصول إلى حقوقهم المنتهكة ومطالبتهم للجهات المختصة بالرد على الشكوى فى أقرب وقت ممكن مع اعطائهم (الجهات المختصة) مهلة زمنية محددة يمكن للمواطنين بعدها أن يقوموا بإجراءات تصعيدية أخرى كاللجوء للقضاء .
و اختتمت ” حابى ” بتقديم بعض الملاحظات و كارشادات لمن يرغب فى تقديم شكواه فى عدة نقاط , اولها يفضل أن تكون الشكاوى جماعية حتى تمثل ضغطا للجهات المختصة للاسراع بالتعامل مع الشكوى وازالة اسبابها .
أن تكون هناك لجنة تمثل الشاكيين وهى التى تتحرك بين الاجهزة المختصة وتتابع مسار الشكوى وردود أفعال المسئولين فى الجهات المختصة ويمكن أن تقترح الخطوات والاجراءات التالية فى حالة عدم استجابة الجهات المختصة ويفضل أن يكون ضمن فريق هذه اللجنة محامى أو أكثر حتى يكون تحركه فى الجوانب القانونية أسرع وبفهم أفضل .
تقدم هذه الشكاوى للجهات الإدارية ويمكن أيضا استخدمها كبلاغات ضد الجهات المسئولة بالتوجه بها وتقديمها الى مراكز الشرطة والنيابات المختصة.
أن تكون الشكوى مكتوبة من أصل وصورة على أن يؤخذ من الجهة المقدم لها الشكوى توقيع لاستلام على الصورة أو رقم قيد الشكوى .
فى حالة مرور فترة 60 يوم من تاريخ تقديم الشكوى ولم يكون هناك رد من الجهة الإدارية يعتبر ذلك قرارا سلبيا ويمكن اللجوء لمجلس الدولة لعمل طعن على هذا القرار السلبى , وفى حالة رد الجهة الإدارية خلال فترة الـ60 يوم وكان هذا الرد غير منصفا للشاكى فإن من حقه أيضا الطعن على هذا القرار .