غنية مصر بالمواهب .لحد يفوق التصور والخيال .لذلك تتعثر خطواتنا فى الصعيد بشعراء كبار ولكن مغمورين بسبب الإعلام المتعالي الذى يركز تسعين فى المائة من طاقاته على القاهرة ومركزيتها متجاهلين كنوز من
غنية مصر بالمواهب .لحد يفوق التصور والخيال .لذلك تتعثر خطواتنا فى الصعيد بشعراء كبار ولكن مغمورين بسبب الإعلام المتعالي الذى يركز تسعين فى المائة من طاقاته على القاهرة ومركزيتها متجاهلين كنوز من أدباء الدلتل والصعيد .ولأن هذا العوار يحصد نتيجته القارئ العاشق للأدب ولكنه لايعرف غير المشاهير .لذلك لابد من أن يذهب الإعلاميون إلى كل مكان فى أرض مصر ويغربلون شوارعها بحثا عن أصحاب المواهب وتقديمهم للناس لكى يسعدا الطرفين بثمار ناضجه تحلو للمتذوق والباحث عن مواهب لم تلوثها بعد وسائل الشهرة المدمرة .
ومن بين هذه المواهب التقيت فى إحدى جولاتى بمدينة ملوى بمحافظة المنيا بالشاعرة المجيدة راعوث عبد المسيح التى أهدتنى ديوانها الأول ( نشيد الحب) .وقد طبعتها على نفقتها الخاصة .وما أعظمه من هدية تفرح بها جوانح القلب .حيث وجدت أشعار بديعة مكتوبة بلغة بسيطة بسهولة تثير الدهشة .وعمق يأخذ الروح .وصدق فنى يتجاوز الصنعة .وتنوع مابين قصائد الحكمة – وهو نوع من الشعر الذى كاد أن يندثر لطغيان القصائد العاطفية – والوصف .والقصائد الوطنية وإذا قلبنا صفحات الديوان لنشرب من مائه الزلال
نجد الشاعرة تعبر عن حبها لمصر التى نعشقها جميعا فى قصيدة بعنوان مصر حبيبتى فتقول
مصر حبيبتى ياست الصبايا
حبك فى قلبى واصبح هوايا
يا سلطانة زمانك وبطلة فى كل رواية
ولما يجيبواسيرتك تحلو اى حكاية
بحلم بعبور جديد جوه قلب الانسان
نرفع رايات الامل نعبر جسر الاحزان
….
بحلم بعبور المصرى كل جسور المهانة
والدين يسكن فى قلبه ولا يبقى مجرد خانة
والظلم والطغيان يصبحوا فى خبر كان
وتظهر القصيدة امتلك راعوث التعبير القوى ذو الدلالة رغم ما يبدو من بساطته .
وهو الأمر الذى نجده بوضوح فى كلماتها التى تعبر عن ارتفاع الأسعار الأمر الذى يشكو منه المصرى فى أى مكان وزمان فتقول
نار نار نار
بقيت كل الاسعار
اللحمة والخضار مبيدخلوش الدار
قالوالى طبق الفول فيه كل الحلول
لكن البيه المسئول رفع تمن البقول
مع انه مليونير ف شجعه زى الغول
يروح فين الغلبان وفين يلاقى حلول
وتصرخ راعوث فى قصيدتها ( لا )صرخة الحق ضد كل الظالمين فتقول ببساطتها الساحرة
انا هاقول لا لكل الظالمين
ومش ممكن وراهم فى يوم هاقول امين
لا من بين كل الكلام طعمها احلى
ولو يكرهنى الناس واعيش ليالى كحلة
اعيش منبوذ وحيد ولا مع خنازير ف وحلة
وعن اطفال المحاجر الذين لم يعبر عنهم احد وهم الذين يعيشون فى الام ومشاقة كتبت تقول
هناك ورا الجمال والنيل والخيال
زهور لكن حزينة
لاتعرف السعادة ولا لهو المدينة
بتعاشر الحجر وشمس نارها والعة
هناك وسط الجبل
تضيع قبل الاوان وتموت قبل الاجل
ولان الادب الصادق ابن بيئته فتعبير راعوث عن مشاكل الصعيد والتى من بينها انتشار الدجل والشعوذة بلغته العامية الجميلة والقوية رغم المباشرة ياتى صادق لابعد حد فتقول فى قصيدتها ( ان كان الله معنا )
ماشية فى سكة ابليس
مع واحدة من المهاويس
هاتجيب للبنت عريس
واحدة عاملة عكوسات
لوقف حال البنات
عاملة للنونو تعويذة
قرش مخروم وبريزة
وبعد عرض امثال هذه المشاكل بلغة ضاحكة تنتقل للسخرية من الدجالين فتقول
ويقوللك العمل مرشوش على عتبة الدار
عاملاه واحدة قريبتك لقبها ام نار
والتانى عاملهولك مرات محروس الجار
وعشان ينفك العمل لازم له كودية وزار
الديون الذى ينتصر للعامية المصرية التى لاتشيخ ولا تعرف الكبر ولا الوهن مملوء بحدائق الأزهار الرائعة التى تتحدى الزمن حتى لو كان زمن مسكون بالعفاريت كما كتبت عنهم هذه الشاعرة التى تسكن فى أبيات من التلقائية والصدق الفنى فتقول
اه يا زمن بالعفاريت مسكون
عفاريته بجحه ماشيه ف عز نهاره
لايهمها زيطة ولاسكون
ماشية تخطف قوت ناسه وتسقيهم
بدل كاسات الفرح دمع عيون
عفاريته ظالمه لاعندها دهب وياقوت
ولا تسكن فانوس مسحور
تقتل وتحبس ابطاله وعلى الغلابة تجور
راعوث عبد المسيح موهبة حقيقة فى حاجة إلي مزيد من التجريب والقراءات ودليل يؤكد أن مصر ولاده وأن الشعراء لم يغادروا صعيدنا المسكون بالكنوز بعد.
—
س.س