قد المعهد الإيطالي للآثار مؤخرا محاضرة تحت رعاية السفارة الإيطالية بالقاهرة بعنوانعشر سنوات من الاكتشافات الإيطالية في جزيرة نيلسون ألقي المحاضرة الدكتور باولو جاللو من جامعة تورين بإيطاليا والذي تحدث عن أهمية تلك الجزيرة فقال إن البحث في هذه الجزيرة جاء بسبب الاهتمام بالعلاقات القديمة بين مصر واليونان,وتعتبر جزيرة نيلسون هي موقع مهم لأنها تقع في نهاية الطريق التجاري المصري الذي تمر به المنتجات والبضائع المصرية ثم تبحر متجهة إلي اليونان.وأوضح قائلا:كنا نصارع الزمن حتي ننقذ المواد الأثرية الموجودة بالجزيرة,وقد بدأ العمل في تلك الجزيرة تحت أشراف جامعة تورين منذ عام .1998
جزيرة نيلسون حاليا هي جزيرة صغيرة جدا مساحتها 350 مترا مربعا وتخضع للبحرية المصرية حيث يتم بها تنفيذ مناورات عسكرية وتدريبات بالذخيرة الحية.وكانت قديما مدينة كبيرة ومتصلة بالبر من خلال مدينتي كانوبي,وهيراكليون,وقد غرقت المنطقة التي تضم المدينتين,هيراكليون وكانوبوس,وأجزاء من الجزيرة بسبب تغيرات جيولوجية حدثت في فترة معينة.
وكانت جزيرة نيلسون في عهد المصريين القدماء تعتبرنيكروبوليسأو مدينة موتي حيث إن النيل لايصل إلي تلك الجزيرة ولم يكن بها أي مصدر للماء العذب,وتوجد في الجزيرة مقابر عديدة محفورة بأسلوب البئر الذي كان يتبعه المصريون في الصعيد في دفن موتاهم حيث كانوا يحفرون بئرا عميقة ثم يحفرون نفقا صغيرا بشكل أفقي يدفنون فيه الجثة ثم يردمون البئر بالرمال.
أضاف الدكتور باولو أن الموتي في الجزيرة كنا نجدهم محنطين مومياواتأو فقط ملفوفين بأقمشة ,أما المومياوات فوجدنا بعضها مزينا بأعين صناعية أو موضوعا عليها بعض الألوان والبعض الأخر يفتقر إلي كل ذلك,وفي إحدي المقابر وجدنا حول الهيكل العظمي أربع فجوات مغلقة بأحجار رملية وعندما فتحناها وجدنا مواد عضوية يعتقد أنها أحشاء الميت والتي عادة مايتم إخراجها من جسم المتوفي أثناء تحنيطه ووضعها في أواني كانوبية أثناء التحنيط في أسلوب الدفن المصري.
وواصل قائلا:أحيانا كنا نجد أواني موضوعة حول رأس المتوفي قد تصل إلي ستة أوان,ومن تلك الأولي منها ما يؤرخ للعصر المصري القديم والذي كان قبلا لايمكن تأريخها بسبب أن المصريين كانوا يعيشون لحوالي مائة سنة أو أكثر لكننا هنا استطعنا تأريخها باستخدام الأواني اليونانية الموجودة معها.
وعندما جاء المقدونيون إلي مصر بدأوا في استيطان الجزيرة حيث إن اليونانيين اعتادوا الحياة في المناطق التي لاتحوي مياها عذبة من خلال تجميع ماه المطر من الأسقف باستخدام أنابيب وكانت توصل تلك الأنابيب ببئر صغير يستخدم كخزان بداخل المطبخ.
وهاجر سكان تلك الجزيرة قبل عام 270 ميلادية,إذ لايوجد أثر يتعدي ذلك التاريخ,وتركوا وراءهم كل شيء ولا يعلم أين ولماذا هاجروا,ولكننا نعتقد أن كارثة أو حدثا دراميا حملهم علي الهجرةوإلا ماكانوا قد تركوا وراءهم كل متعلقاتهم.وقال:اكتشفنا أقدم حمام في مصر بالجزيرة,كما اكتشفنا ثلاثة أعمدة ضخمة في مكان واحد,وهذا يجعل الجزيرة أكثر غموضا وإثارة حيث إن الأعمدة من هذا النوع هي نادرة,ففي الإسكندرية نجد من هذا النوع ثلاثة أعمدة فقط,وقد ضمت هذه الجزيرة نوعا من أنواع التقارب بين اليونانيين والمصريين,وأبسط مثل علي ذلك أننا نجد مقابر يونانية مبنية بأسلوب يحفظ لها بعض الحرمة كالمقابر المصرية,فعلي سبيل المثال,مقبرة بها ستة أماكن للدفن كما هي العادة في النظام اليوناني للدفن,غير أنها مغلقة بالصخور من الخارج وعندما فتحناها وجدنا خمسة هياكل عظيمة ملفوفة بأقمشة أما السادسة فكانت مومياء ,كما وجدنا مقابر الأماكن المخصصة الدفن بها مغلقة إلا أنها تحوي فتحة صغيرة من أعلي,كما وجدنا بها قاعات طعام أي أنها مزيج بين الأسلوب المصري والأسلوب اليوناني في بناء المقابر.
وذكر الدكتور باولو أن القطع الأثرية المكتشفة يتم نقلها إلي مخازن المعهد في وسط البلد أو متحف الآثار الموجود في ستانلي,وفي نهاية المحاضرة تحدث عن أمله باستمرار الأبحاث حيث يتم التنقيب عن الجزء الغارق تحت البحر والذي يضم هيراكليون وكانوبوس والجزء الغارق من الجزيرة.
الجدير بالذكر أن باولو درس المصريات في بيزا وحصل علي الدكتوراه من جامعة روما وهو عضو في المعهد الفرنسي للآثار الشرقية وعمل باحث في جامعة تورين منذ عام 1997 وأدار عمليتي تنقيب أثريتين في مصر بجزيرة نيلسون ومغارة الواحة الصغيرةبحرينالتي تبعد 120 مترا عن سيوة.