طفت في الفترة الأخيرة من جديد قضية المياه بعد محاولة بعض دول حوض النيل فرض اتفاقية حوض النيل علي كل أعضاء حوض النيل, وهي الاتفاقية التي رفضتها مصر والسودان, وفرضت 3 شروط قبل الموافقة علي هذه الاتفاقية باعتبار المياه أمنا قوميا, ونجحت الدبلوماسية المصرية في تأجيل التوقيع علي الاتفاقية 6 أشهر لحين دراسة الأمور بشكل جيد.
ومن ناحية أخري هناك محاولات لترشيد استهلاك المياه بعد أن وصلت حصة المواطن من المياه أقل من حد الفقر المعروف عالميا, في ظل ثبات حصة مصر من المياه سنويا.
وطني حاولت التعرف علي أبعاد هذه القضية للوصول لبحث المواطنين علي الاقتصاد في استخدام المياه حسب المتاح للحفاظ علي الكمية المتاحة في ظل الزيادة السكانية.
قال الدكتور محمد نصر الدين علام وزير الموارد المائية والري: إن سيناريوهات التعامل مع دول حوض النيل خلال فترة المفاوضات التي ستستمر 6 أشهر مازالت في حيز الإعداد, وتم عقد اجتماع مهم بحضور خبراء من وزارتي الري والخارجية وعدد من أساتذة القانون الدولي نجح في وضع خطة للتعامل مع دول حوض النيل تقوم علي المرونة في المفاوضات واستمرار التعاون.
أشار د. علام إلي أن مصر تتمسك بحصتها التي تقدر بـ 55.5 مليار متر مكعب سنويا, إلي جانب ضرورة الإخطار بحيث لا تقيم أي دولة في الحوض مشروعات مائية دون إخطار مصر والسودان, وأن تكون القرارات المائية بين هذه الدول بالإجماع وليس الأغلبية.
نوه وزير الموارد المائية إلي أن المرحلة الحالية تشهد تنسيقا كاملا مع السودان فيما يخص ملف المياه, وأنه سيتم العمل في مشروع قناة جونجلي بجنوب السودان, وهو المشروع الذي توقف منذ 30 عاما.
من ناحية أخري قال د. علام: إن أزمة المياه في المنطقة العربية كبيرة وستؤدي في المستقبل إلي مزيد من الصراعات والقلاقل, وهو ما يتطلب ضرورة وضع استراتيجية للحفاظ علي الكمية المطلوبة من المياه, وأهمية عمل مشروعات مشتركة بين الدول العربية وبعضها, خاصة أن هناك دولا تتوفر فيها المياه مثل مصر والسودان والعراق وسورية وفلسطين والأردن.
أشار د. علام إلي ضرورة تقليل الفاقد من المياه والذي يصل في المنطقة العربية إلي 50%, وفي مصر تبلغ نسبة الفاقد حتي 40%, كما أن الاستخدام المفرط للمياه في الزراعة يعمل علي تمليح التربة ورفع مستوي منسوب المياه الجوفية.
من جانبه قال د. محمود أبو زيد رئيس المجلس العربي للمياه أهمية الوصول إلي خطة قومية تقوم بتنفيذها الحكومة لزيادة وعي المواطنين وتقليل الفاقد من المياه.
أشار د. أبو زيد إلي أن هناك حاجة لترشيد استخدام المياه, خاصة أن عددا من الدول العربية تحت خط الفقر المائي وضرورة تقليل الفاقد من المياه الجوفية خاصة في دور العبادة, وتنظيم حملة إعلامية لترشيد استخدام المياه في مختلف المجالات.
فقر الماء
وكشفت تقارير معهد بحوث المياه أن مصر تعاني من فاقد مائي يصل إلي خط الفقر, وهو ما دعا الحكومة إلي اعتماد 10 مليارات جنيه لتنفيذ البرنامج القومي لمراقبة نوعية المياه بالمجاري المائية ومكافحة التلوث بالتنسيق مع الوزارات المعنية حتي عام 2017, ومراقبة نوعية المياه من خلال 30 موقعا للقياس بنهر النيل والمجاري المائية.
توقع المعهد أن يزيد الطلب علي المياه في مصر والسودان في خلال الـ40 سنة المقبلة نظرا لزيادة عدد السكان بدول حوض النيل, فعلي سبيل المثال عدد سكان مصر 80 مليون نسمة من المنتظر أن يصل العدد إلي 121 مليون نسمة عام 2050, وأيضا من المنتظر أن يصل عدد سكان السودان 73 مليون نسمة عام 2050, وإثيوبيا 183 مليون نسمة عام .2050
كارثة مشروعات الري!
من ناحية أخري قال الدكتور أحمد غازي أستاذ بحوث المياه بمعهد بحوث المياه: إن مشروعات الري تعد أكبر الكوارث التي تهدد المياه, كما أن تآكل التربة وإزالة الغابات أحد مصادر التهديد, وأيضا تزايد الطلب السوداني والإثيوبي علي مياه النيل سوف يقلل من حصة مصر, وعلي الرغم من أن الاتفاقيات الدولية منحت إثيوبيا حصة ضئيلة من المياه, إلا أن إثيوبيا ترغب في حصة أكبر باعتبارها من دول المنبع والنيل أحد مواردها الطبيعية.
أشار الدكتور غازي إلي أن أكبر مشكلة لدول حوض النيل هي عدم وجود اتفاقيات للتقييم العادل والمنصف لحقوق المياه بين دول الحوض, ومن المنتظر أن تحصل مصر علي حصة أكبر من مياه النيل من خلال تغيير الاتفاقية التي وقعتها مصر عام 1959 والتي خصصت 55.5 مليار متر مكعب من مياه النيل.
علي الجانب الآخر قالت السفيرة مني عمر نائبة وزير الخارجية: إن مسألة مياه النيل مسألة تتعلق بالأمن القومي وأنه شريان الحياة لمصر, واستبعدت فكرة إعادة النظر في حصة مصر من المياه.
وتطالب بلدان أخري تشترك في حوض النيل مثل بوروندي والكونغو الديموقراطية وإثيوبيا وإريتريا وكينيا ورواندا وتنزانيا وأوغندا بتغيير الاتفاقيات القديمة.
من جانبه قال أصفاو دينجامو وزير الري والثروة المائية: إنه يثق في إمكانية حل النزاع بقوله: سيجلس مفاوضونا ومستشارونا الفنيون معا ويتوصلون إلي اتفاقية جديدة وخلال 6 أشهر يمكن حل جميع الخلافات.
ويعتبر مشروع مبادرة حوض النيل مشروعا طموحا يهدف إلي نزع التوتر بين بلدان حوض النيل من خلال إنشاء مشروعات تنموية مشتركة, ويؤيد البنك الدولي هذا المشروع الذي تأسس عام 1997, والذي أدي بالفعل إلي مشروعات تعاون في مجال أنظمة الطاقة الهيدروليكية وأنظمة الري.
شح المياه!
أشار لوري بوتينجر من شبكة الأنهار العالمية إلي أن كل هذه المشروعات المتنافسة علي النيل بالإضافة إلي التغير المناخي الكوني قد تؤدي بالمنطقة التي تعاني بالفعل من شح المياه إلي الوقوف علي حافة الهاوية.
وتعتبر شبكة الأنهار العالمية حوض النيل منطقة تنذر بالنزاعات, وتعتبر بعض دول حوض النيل من أكثر الدول فقرا في العالم وتاريخها شهد الكثير من النزاعات الداخلية.
أضاف د. سامر المفتي الأمين العام الأسبق لمركز بحوث الصحراء أن أوضاع مصر المائية حرجة, ومعدل الأمطار التي تسقط علي مصر لا تتجاوز 10مم سنويا علي المتر المربع, ومصر تجاوزت حد الفقر المائي, ووصل نصيب الفرد من المياه 650مترا مكعبا, وخط الفقر ألف متر مكعب, وهو ما يتطلب ضرورة استغلال الموارد المائية بشكل أفضل.