هناك تمييزا شديدا ضد المرأة من ذوي الإعاقة في الزواج بشخص عادي!, وبالتأكيد نحن لا نتحدث عن ذوي الإعاقات الذهنية لأن أمر زواجهن له شروط خاصة, ولكننا نتحدث عن زواج المعاقات حركيا وسمعيا وبصريا… طرحنا هذا الموضوع للمناقشة وتحدثنا إلي بعض الأشخاص من ذوي الإعاقات وأيضا المتخصصين.
بداية نتحدث مع فتاة لديها إعاقة حركية عن هذا الموضوع فتقول: في رأيي أن مشكلة عدم قبول فكرة الزواج من فتاة لديها إعاقة هي مرتبطة في الأساس بقسوة الآخرين بالمجتمع الذين غالبا ما يقابلوا أي شخص لديه إعاقة سواء شاب أو فتاة بالشفقة أو السخرية, فالمشكلة ليست في صعوبة الحياة والتعايش معا إذا كانت الفتاة لديها إعاقة أو الشاب, ولكن نظرة المجتمع التي لا تزال تظلم الفتاة وتكبلها بقيود في حين أن إعاقتها لا تمنعها من الحياة بشكل طبيعي, فهي إنسانة عادية لها مشاعر وتريد أن تعيش ويكون لها أسرة.
إحدي السيدات لديها إعاقة بصرية تقول: أنا علي المستوي الشخصي أري أن هذا الأمر يتحكم فيه البيئة والمجتمع الذي يعيش فيه الشخص, فهي ليست مشكلة الفتاة المعاقة نفسها, ولكنها فكرة الناس عن الإعاقة. والذي يري مثلا أن البنت الكفيفة لا تستطيع أن تقوم بالأعمال المنزلية أو ينظروا إلي أن الرجل الكفيف لا يستطيع أن يربي أبناءه في المستقبل… كلها أفكار مغلوطة عن الأشخاص المعاقين,وحقيقة أن الأمر متعلق أيضا بأفكار مغلوطة عن الزواج عموما, فهناك مثلا أشخاص عاديين لا يقبلون الفتاة غير الجميلة, وأعتقد أنه حان الوقت الذي يجب فيه أن نصلح أفكارنا عن الإعاقة والزواج أيضا.
تؤكد روز عبد الله إخصائية نفسية بمركز الفخاري للمشورة الأسرية والتنمية البشرية أن هناك تمييزا واضحا ضد المرأة المعاقة بالنسبة للزواج, فعادة الرجل الذي لديه إعاقة لايجد أية مشكلة في التقدم لفتاة والزواج مها, لكن الفتاة لو عندها أية مشكلة حتي إذا لم تكن إعاقة, فمثلا لو لديها حول بسيط بعينها أو مشكلة في شكل أسنانها, ينظر إليها الكثرون وكأن لديها عيب خطير بل ويبتعد الشباب عن التقدم لخطبتها أحيانا, ويقولون: تشوف حد في ظروفها.
وأكبر مثل علي ذلك أن شلل الأطفال مجرد أن قدم أقصر من الأخري ولا تؤثر علي حركة أو نشاط الفتاة, لكن ثقافتنا حتي الآن ما تزال مثلما كانت تفعل ماري منيب في الأفلام عندما كانت تتقدم لعروسة, خاصة أن الزوجة مرتبطة عند الكثيرين بأعمال المنزل, والحمل والإنجاب وتربية الأبناء فقط!!.
وتضيف: بالرغم من ذلك ففي الفترة الأخيرة قابلت شخصيات لديها فكر ووعي بدأت تغير هذه الصورة السائدة,فهناك أكثر من شاب تقبل إعاقة الفتاة بالرغم من عدم وجود أي إعاقة لديه وهذا الأمر ليس بالسهولة واليسر مما لو تقدم لفتاة أخري عادية, والنسبة تزيد ولكننا ما زلنا نحتاج إلي أن نغير نظرتنا للمرأة وأيضا للزواج,فهو مشاركة بين اثنين وبناء عليه الاختيار لن يكون علي أساس الشكل الخارجي فحسب لكن ستكون هناك سمات جوهرية أخري مثل: تحمل المسئولية, الشخصية, الاحتمال, الطموح…إلخ.
وتتفق معها في الرأي مريم عبد الله – إعاقة حركية بسيطة – تعمل في كاريتاس مصر, وتقول: إعاقتي لا تعيقني عن الحركة والعمل… تقدم لي شباب كثيرون لا يجدوا مشكلة في الارتباط بي بسبب إعاقتي, وأنا دائما أفكر في الزواج كشركة بين اثنين وهما معا يعملان لنجاح حياتهما ولا أحد يضحي طوال الوقت علي حساب الآخر…
تضيف: أنا لدي صديقات تزوجن بالرغم من إعاقتهن الحركية ولكن قد تكون المشكلة أحيانا في الفتاة وصورتها أمام نفسها, فأحيانا يسيطر عليها أنها لديها عجز وأن أحدا لن يرغب في الارتباط بها, ولكنها لو نظرت إلي نفسها ولإمكانياتها وقدراتها الخاصة فلن تفكر بهذه الطريقة.
وتواصل: قابلت أكثر من أسرة, الزوجة بها علي كرسي متحرك وليس لديها مشاكل والحياة تسير بشكل طبيعي, لكنهن في بعض الأحيان يعانون من نظرات الشفقة من الآخرين التي قد تزعجهن من حين لآخر.
وتقول د.إيمان جلال أستاذة علم الاجتماع بجامعة حلوان إن الفتاة المعاقة لها الحق الاجتماعي في الزواج, ومن الخطأ أن يجزم البعض أن الحياة الزوجية بالنسبة للأشخاص من ذوي الإعاقة ستكون فاشلة, ذلك لأن الزواج بصورة عامة يعتمد علي تكافؤ الشخصين كسائر الأشخاص العاديين. وفي المقابل فإن الظروف الاجتماعية هي التي تحدد فشل أو نجاح التجربة الزوجية بين الجنسين, ومن ذوي الإعاقة فقد يقع تحت ظروف معينة, قد لا تساعد علي استمرار الحياة الزوجية وليس بالضرورة أن تكون الإعاقة بسبب فشل الزيجة.