بكلماته الصادقة وأسلوبه الصريح, وتحت عنوان ”مخاوف الأقباط” تحدث الكاتب الكبير الأستاذ عبده مباشر في مقال بجريدة الأهرام بتاريخ الأربعاء 16 يناير 2008م.. أقتطف لحضراتكم بعضا مما جاء فيه:
[ربما لا تعرف شرائح متعددة من المسلمين, باعتبارها من الأغلبية, حقيقة المخاوف التي يعيش تحت وطأتها الأقباط من جراء الممارسات والتصريحات الفظة والغليظة التي يقدم عليها بعض أهل التشدد. ومثل هذه الممارسات تطعن مشاعر المواطنة في مقتل, وتحاول النيل من حقيقة التساوي بين أبناء الوطن. وينسي المتشددون أو يتناسون أن المصريين عاشوا علي أرض الوادي, وصنعوا حضارتهم المبهرة علي امتداد آلاف السنين.. وأن وجودهم سبق كل الأديان السماوية, وأن فطرتهم السليمة قادتهم إلي الإيمان بالبعث والحساب, وإلي وجود خالق واحد.
وأعود لما كتبته من قبل, أن عمرو بن العاص الذي تمكن من فتح مصر عام 642 ميلادية, لم يجعلها إرثا للمسلمين, بل تركها كما وجدها وطنا للمصريين; الذين أسلموا والذين ظلوا علي ديانتهم.
ومن العوامل والأسباب التي تثير مخاوف الأقباط:
* البرنامج السياسي للإخوان, الذي حرم المرأة والأقباط من تولي عدد من المواقع, وفي مقدمتها منصب رئيس الجمهورية.
* مطالبة قيادات إخوانية بفرض الجزية علي الأقباط, وحرمان أبنائهم من التجنيد.
* ترديد مقولة ”إن لهم ما لنا وعليهم ما علينا”.. وبالرغم من ظاهرها, فإنها تعني في جوهرها عدم التساوي, ووجود طرف صاحب حق يتفضل بمنح بعض الحقوق للطرف الآخر.
* تبني عدد من الشيوخ دعوة عدم إلقاء التحية علي الأقباط, وتجنب الرد علي تحيتهم والتعامل معهم.
* افتتاح أول مقهي ومحل كوافير مقصور علي المحجبات والمنتقبات, ومنع المسيحيات من دخوله, وبما يمثل بداية طريق إنشاء محلات خاصة بالمسلمين وأخري للمسيحيين.
* حملات الهجوم علي عدد من الأقباط, وفي المقدمة منهم رجل الأعمال نجيب ساويرس, خاصة بعد أن أبدي رأيا في الحجاب, وصعود مؤشر التطرف.. وقد تجاوزت حملة الهجوم الحد عندما ركزت علي ديانته, وكأن القبطي ممنوع من الاهتمام بالشأن المصري, وهنا جوهر الخطأ; فالرجل مارس حقه بشجاعة.
ولنا علي هذا المقال بعض التعليقات:
* الأستاذ عبده مباشر يستحق التحية علي حسه الوطني والإنساني المتميز, بالإضافة إلي شجاعته المعهودة في مواجهة الواقع المريض, فله منا كل الثناء والتقدير.
* المسيحيون لا يخافون.. لأن قوة الله التي معهم تتضاءل أمامها أي تحديات..
أية دعوة للتمييز في الحقوق والواجبات علي أساس الدين هي دعوة لتمزيق المجتمع, وتعكير صفو السلام الاجتماعي..
وأية دعوة لتهميش أو تحقير فئة لصالح إعلاء فئة أخري علي أساس الدين, هي دعوة عنصرية يجب أن نعريها, ليظهر قبح عنصريتها البغيضة..
وأية دعوة لتصنيف الناس ووضعهم في مواقع المسئولية علي أساس الدين, وليس علي أساس الكفاءة والخبرة, هي دعوة لتخريب مصر, وقتل مواهبها, وحرمانها من كفاءات قادرة علي النهوض بها, في كافة المجالات..
+ وأية دعوة للانعزال, وعدم التعاون مع الآخر لأنه يختلف في الدين, هي دعوة لإضعاف مصر وتفتيتها, وهدم وحدتها..
وأية دعوة للاستخفاف بالمعتقدات الدينية للآخر, ووصمها بالتحريف, أو التعريض بها في أية صورة, هي دعوة لجرح المشاعر وتهييج النفوس ضد بعضها.. فنحن قد نختلف ولكن نحترم أية معتقدات دينية, طالما لا تدعو للعدوان أو الكراهية..!
* فنحن نخاف علي مصلحة وطننا الحبيب مصر. ونخاف علي الهدوء والسلام الاجتماعي.. وهو خوف ليس فيه رعب ولا اضطراب, بل هو حرص علي سلامة بلادنا, واهتمام بأن يكون مناخها صافيا من غيوم التعصب والتطرف والكراهية..!
* نؤمن أن المحبة قادرة علي تغيير القلوب.. لذلك فرسالتنا أن نزرع المحبة في كل مكان.. نأخذ من الله ونفيض علي جميع الذين حولنا بحب عملي, واثقين أن المحبة هي أقوي سلاح, ولا ينبغي أبدا أن نستدرج لرد الشر بالشر, بل نترك الأمور بين يدي الله.
* نقول لكل دعاة التطرف والكراهية: رفقا ببلادنا الطيبة, التي احتضنت آباءنا وأجدادنا, ونعيش الآن في ظل خيراتها.. هيا بنا نبنيها معا, ونصونها معا.. نتشارك ونتعاون في كل شيء من أجل النهوض بها, ونستبعد كل ما يفرق أو يضع فواصل بين أبناء الوطن الواحد, لكي يعم السلام والفرح والحب بيننا علي الدوام.
[email protected]