قال المهندس نجيب ساويرس إنه ليس من اللائق في الظروف التي تمر بها مصر حاليا, الحديث عن مطالب ومشكلات الأقباط, وإنه علي المسيحيين ألا يعتبروا حادث كنيسة القديسين موجها ضدهم بشكل خاص, وأن يدركوا أنه موجه لضرب مصر كلها, مشيرا إلي أن أيادي بعض من شاركوا فيما سماه عملية التهييج ضد المسيحيين, ملوثة بدماء شهداء كنيسة القديسين.
أضاف ساويرس في حواره مع الإعلامية مني الشاذلي, في برنامج العاشرة مساء أن ما يزعج الأقباط هو التشكيك في وطنيتهم, رغم أنه لو مس أحد مصر بـهمسة مش هيطلع عليه نور. وقال:إن تكاتف الشعب خلال هذه الأزمة أكد للحكومة أننا شعب واحد, وطالب الدولة بانتهاز هذه الفرصة, التي وصفها بـالتاريخية, لإزالة الاحتقان والاختلافات.
وتابع ساويرس قوله: مصر لم تخسر في هذا الحادث, ومن قام به كان يريد أن تخسر مصر, لكن الحادث أوجد تفاعلا كيميائيا بين عنصري الأمة.. وأنا لا أقلل من جسامة الحدث لكن أقول لهم: ربنا اختاركم عشان ترجع للأمة المشاعر الحقيقية, التي كانت موجودة بداخلها وكانت بانتظار إيقاظها, فالمشاعر التي حدثت بين أبناء الوطن تنم عن أننا شعب أصيل لا يرضي بالظلم وسفك الدماء, أو بأن يدخل أحد يفرق بيننا, لأن من ارتكب الحادث له أجندته, هذه الروح التي ظهر بها المصريون كانت اختفت فترة, بعد أن نجح بعض المفكرين وغير المستنيرين من المعسكرين, في تسخين الناس.
وعن مظاهر الاحتقان, قال: كانت هناك بعض المظاهرات اندلعت في جامعة الإسكندرية خرجت عن حدودها, وآخرون قالوا إن المسيحيين يخبئون أسلحة في الكنائس, وهؤلاء ساهموا في عملية التهييج وأراهن أن أيديهم ملوثة بدم شهداء القديسين.
وعن العلاقات بين الصعايدة في سوهاج, مسقط رأسه, قال: الصعايدة مابيعرفوش يخبوا مشاعرهم, لا الغضب ولا الحب ومابيسيبوش حقهم وعادة مابيخافوش, والعلاقات بين الأديان المختلفة كانت قوية, لكن رأيي أن الحادث أثبت أن الشعب غير موافق علي ما حدث, من خلال مشاعر غير متوضبة, وهذا هو حال الشعب المصري عندما يتعرض كيانه للاهتزاز, الأقباط مش لازم ياخدوا اللي حصل ده إنه يقصدهم, ويجب أن يوجه الغضب للإرهابي, ولا يوجه لناس مالهاش ذنب مثل الذين توجهوا لتأدية واجب العزاء أو لضباط الشرطة والعساكر, الذين يقفون أمام الكنيسة لحمايتها, يعني أنا لو رميت طوبة علي عسكري هيحميني ليه بعد كده, طالما إني مش مقدر إنه بيعرض حياته للخطر من أجلي.
استنكر ساويرس الأقاويل التي تتردد بأن تقديم المسلمين العزاء للمسيحيين فكرة خاطئة لأنها تدينهم. وقال: ده حدث مخزن جدا وماحدش ييجي يقول تقديم العزاء للأقباط خطأ, أنا فرحت بالتعزية التي قدمها لي مسلمون, وأري أن هذا العمل موجه ضد مصر وليس للأقباط, فلو مصالح الطائفة القبطية في مصر مش هتيجي إلا علي حساب مصر مش عاوزينها, ولا داعي للحديث حاليا عن مشاكل الأقباط, لأن ذلك غير لائق في الظروف الحالية.
أضاف: الأولويات التي تحتاجها مصر حاليا هي بناء مدارس ومستشفيات, وما يزعج الأقباط أن بناء المسجد يتم بسهولة متناهية, لكن بناء كنيسة يحتاج كونسلتو, وهذه متاهة تهلك من الضحك, ورغم هذا فإن الذي يريد أن يصلي سيصلي في أي مكان, إضافة إلي أنه إذا كانت المسافة بعيدة إلي الجامع أو الكنيسة فتلك مشقة سيجازي عليها المصلون.
وعن قانون دور العبادة قال ساويرس: عندنا في مصر أشياء ممكن أن تحل بمنتهي السلاسة, لكن يبدو أن هناك رغبة في عدم حلها, فما الذي سيجري لو تم تحديد الشروط, وقالوا مثلا لو أن هناك كنيسة لا يبني أمامها مسجد, أو إذا كان هناك مسجد لا تبني أمامه كنيسة, وحتي تبني كنيسة يجب أن يكون هناك عدد لا يقل عن 1500 مسيحي في تلك المنطقة ويحضرون بطاقاتهم الشخصية, لكن هناك رغبة في عدم الوضوح, وما يزعج الأقباط في مصر أنهم يشعرون بأنهم مش متساوين في الحقوق والواجبات, بدليل أن جامعا تبنيه في حديقة دون ترخيص لا يمثل مشكلة, علي رأي واحد صعيدي مسيحي كان يقول ترخيص ملهي ليلي بتاخده في خمس دقائق أما ترخيص الكنيسة بيبقي فيه 50 مشكلة, وهذا يدل علي أنه ليست هناك رغبة أكيدة لتوضيح الأمور, وده زي حاجات كتير, زي لما الإشارة بتبقي حمراء والعسكري يقولك عدي ماتبقيش عارفة تمشي ورا الإشارة وللا العسكري, العدل والمساواة أهم عنصرين, فإذا كان من حقك كمسلم أن تصبح رئيسا أو رئيس وزراء أو خفيرا أو رئيس هيئة أو رئيس جامعة أو طبيب نساء, يبقي ذلك من حق المسيحي كمان, وإحنا مضيعين وقتنا في تفاهات بدأت منذ ثورة يوليو, فقبلها كان رئيس الوزراء قبطيا ووزير الخارجية قبطيا ورئيس مجلس النواب, فما الذي حدث؟
وتابع: ليس من اللياقة أن نتحدث الآن عن مطالب الأقباط, ومش هو ده اللي كنا مستنيينه عشان نقول إيه مطالبنا, اللي مزعلنا تفجير قنبلة أمام ناس بيصلوا لله. وضرب ساويرس مثلا بحادث نجع حمادي قائلا: الناس الذين يشعرون بالغضب من هذا الحادث عندهم حق, مش علي الحادثة لكن علي ما أخذته هذه القضية من وقت طويل, لو الظلم يعم بنفس المستوي لن ينزعج أحد, فلو كان بناء الكنيسة صعبا مثل بناء الجامع محدش هيزعل, لكن للأسف القبطي يمنع من مناصب كثيرة جدا, وما يزعج القبطي هو التشكيك في وطنيته, لكن لو حد مس مصر بهمسة مش هيطلع عليه نور, فكيف نقول للقبطي بعدها إنه ممنوع من تولي المواقع الحساسة؟
وعن نتيجة انتخابات مجلس الشعب, قال ساويرس: النتيجة كانت مخيبة للآمال, وبدلا من أن ننزعج لعدم وجود قبطي منتخب, ننزعج لعدم وجود 40 وفديا, خاصة أننا كان لدينا أمل في حزب الوفد والناس كذلك. وأضاف: في حادث العمرانية كان هناك تحيز في منع بناء الكنائس لكن مش معني هذا أن آخذ مبني غير مرخص وأتحايل لأحوله إلي كنيسة, وبغض النظر عن أن هناك تمييزا ضد بناء الكنائس, التعامل الأمني مش صح.
وأكد ساويرس أنه لا يهتم في اختياراته المهنية بالدين, لافتا النظر إلي أن معرفته بشاب قبطي يتقدم للوظيفة لا تتأثر بآخر مسلم متقدم لنفس الوظيفة.. الكفاءة هي التي تفرض نفسها.
وعن ذكريات صداقات ساويرس, ذكر صديقه مهيب المسلم, الذي فقده في حادث سيارة, واصفا إياه بـالصديق الصدوق.
فيما أكد الإعلامي عماد الدين أديب, في مداخلة هاتفية, علي ضرورة مواجهة المشكلات, التي وصفها بـالجروح, لإمكانية حلها, مشيرا للملف القبطي في تساؤل حول شرعية صمت رجال الأعمال الأقباط عن حقوق المواطنة المصرية, ليلتقط ساويرس طرف الحديث, مشيراإلي أن سبب توجه الأقباط للعمل الحر هو ما يواجهونه من تمييز في بعض المهن, قائلا: فلوس الدنيا لا تغني عن الإحساس بالمواطنة.
أضاف أديب متسائلا: ماذا لو زاد عدد الأقباط المنتخبين ببرلمان مجلس الشعب؟, ليؤكد ساويرس أن نتائج الانتخابات السابقة كانت جميعها مخيبة للآمال, فهي افتقدت مرشحين وفديين أو غيرهم من الأحزاب المعارضة.
ولفت أديب النظر في ختام حديثه لتسلل بعض الأفكار الطائفية للشعب المصري, التي ساهمت في تأجج الأحداث بين المسلمين والأقباط, مؤكدا أنه لا يجب أن تقف مجالات البحث عند الجاني فقط, بل يجب البحث في عمق الأحداث ومحاولة الوصول لحل لها.
بينما أشار الأديب إبراهيم عبدالمجيد, في مداخلة هاتفية أخري, إلي ضرورة استثمار التوقيت الحالي لبدء الحديث واستغلال الزخم الموجود بالشارع المصري, وعدم دفن الرؤوس في الرمال, مؤكدا أن نهضة مصر بنيت علي أيدي يهود وأقباط ومسلمين, قائلا: لو الدولة بدأت الناس كلها هتمشي وراها.
من جانبه أشاد رئيس حزب الوفد الأسبق الدكتور نعمان جمعة برؤية ساويرس واستقرائه للأحداث علي المستويين العام والخاص, مؤكدا أن حادثة الإسكندرية سياسية وليست طائفية, واصفا مرتكب الحادث بـالمجنون المدفوع.