استأذنني سائق التاكسي ليأخذ في طريقنا زبونا آخر واعتذر كلاهما لأنهما استغرقا بضعة دقائق قليلة في وضع أشياء علي شبكة السيارة إذ كان الراكب متجها للسفر من موقف قطار الجيزة بصراحة كنت سعيدة جدا رغم تعطيلي قليلا لأني لم أسمع لغة اعتذار ولا استئذان ولا أسلوب مهذب في شوارعنا منذ شهور طويلة….وامتن السائق لقبولي اعتذاره مما زادني رضا بأن هناك من ينتظر قبول الاعتذار بعد أن باتت اللغة المهذبة غريبة علي أذني!!
استطرد السائق الذي يبدو علي ملامحه أنه يقترب من الخمسين بأن السيدات أصبحن يخفن من ركوب التاكسي ويقلقن إذا رفض السائق أن يأخذ زبونا آخر في طريقهما ملمحا من خوف المرأة بعد الثورة من أن يكون السائق بلطجيا يريد إيذاءها بشكل ما…فإذا بي استجمع قوايا وأرد بنبرة تظهر الثقة وعدم الخوف-كما أفعل دائما مع سائقي التاكسي- قائلة: أنا اختار السائق قبل السيارة -ولا أركب إلا مع السائق الذي يبدو وقورا مثلك- فرد بأنها المرة الثانية التي يسمع فيها هذا التعليق من راكبة مستطردا بأنه أيضا كسائق تاكسي أصبح خائفا عند الوقوف إلي الركاب لئلا يكونوا من المجرمين الهاربين من السجون أو من البلطجية…وأخذ يقص بعض المواقف المقلقة التي مر بها وكيف نجا منها وكيف أصبح سائقو المركبات المختلفة يكسرون الإشارات المرورية ويسيرون عكس الاتجاه بل ويصدمون سيارات دون أن يدفعوا مليما واحدا للإصلاح…وكيف أصبح الناس تخاف من التدخل ومحاولة التراضي بين طرفي الحادث خوفا من أعمال البلطجة والسرقة بل إن ضباط الشرطة يجنبون أنفسهم بعيدا عن مثل هذه الحوادث إما خوفا من مواطنين لم تصف نفوسهم أو من المجرمين ذاتهم.
حقا أصبح كله خائف من كله بعد أن أصبح علي كل مواطن أن يحمي نفسه بنفسه ومن الغريب ماحكته لي إحدي جاراتي بأنها ذهبت لقسم الشرطة لتحرير محضر بخطف حقيبة يدها أثناء ذهابها إلي العمل فإذا بالضابط ينصحها بتحرير محضر فاقد لتستطيع أن تستخرج به بطاقتها وكارنيهات عملها لأن محضر السرقة لن يفيدها بشئ لأنهم لم يعودوا يبحثون عن اللصوص!!(لأنهم أيضا خائفون من المجرمين الذين جعلوا زملاء لهم عبرة) بل استنكر خروجها للعمل وهي موظفة في قطاع النقل العام وكان عليها أن تلتزم بالإضراب عن العمل…هكذا قال لها ضابط القسم!!!
[email protected]