الإضرابات هي سمة المرحلة التي نمربها الآن والحقيقة أنها انفجار بعد كبت دام طويلا.. لا يختلف اثنان علي أن تدني الأجور في معظم قطاعات الدولة انتهك الآدمية وفتح أبوابا واسعة للفساد وللرشوة بعد أن أصبح تعبير ##فجوة##بين الأجور والأسعار غير ملائم وقد تكون ##هوة ساحقة## أقرب للمعني.. ولكن تبقي آراء تقول إن الوقت غير مناسب للإضرابات الفئوية وأن الاقتصاد المتردي الآن غير محتمل لتعطيل أكبرفي عجلة الإنتاج.. والرأي الآخر يقول لم يعد لدينا قدرة علي الصبر والاحتمال بل إن أداءنا لأعمالنا في صمت ينسي أصحاب القرار مطالبنا المشروعة وسيجعلنا ندور في الساقية مرة أخري دون فرصة للتعبير.
الحقيقة أنه لفت انتباهي الأسبوع الماضي إضرابات الجامعة الأمريكية.. ربما في البداية نظرنا لهم كأناس مرفهين وأثرياء فلماذا التظاهر والإضراب؟! لكنها كدراسة حالة يمكن الاستفادة من تجربتها.. فالطلبة ثاروا علي رفع الرسوم الدراسية دون مبرر ودون انعكاس علي العملية التعليمية بل وتكاتفوا مع العمال والإداريين بالجامعة الذين يشكون تدني رواتبهم بل وفصل بعضهم فصلا تعسفيا وقال الطلبة إن هناك تمويلات ضخمة تدخل الجامعة الأمريكية من الوكالة الأمريكية للتنمية ومن رجال أعمال وإدارة الجامعة تقول إن الجامعة تخسر والميزانية لا تكفي, متسائلين: أين تذهب أموال الجامعة؟ وكالعادة قابل المسئولون -وهم إدرة الجامعة- الحالة الثورية في البداية بالتجاهل ثم بالتهديد بالقمع وخصم من الرواتب للموظفين واحتساب أيام غياب للطلبة.. إلا أن السيناريو الثوري أصر علي الاعتصام وتكاتف الطلبة مع العاملين ورفضوا الردود الإلكترونية من مديرة الجامعة مصرين علي مقابلتها ومناقشتها.. ومع تصعيد الموقف التقت إدراة الجامعة بلجنة ممثلة للمعتصمين وصلت إلي اتفاق يوفر رواتب أفضل وظروف عمل أفضل للعمال, كما يضمن إشراك الطلاب في عملية الميزانية السنوية للجامعة بل و بتوفير نسخة مفصلة من الميزانية لمجتمع الجامعة بما فيهم الطلاب في واقعة تعد الأولي من نوعها أن يطلع الطلبة علي ميزانية الجامعة وينص الاتفاق علي عقد لجنة مخصصة لإصدار توصيات بشأن كيفية احتساب الرسوم الدراسية.
فلماذا لا تعلن الحكومة علي الشعب ميزانيتها الحالية في شفافية ومصير الغرامات المليونية التي توقع علي المتهمين من النظام الفاسد وليكن ذلك من خلال بيان للحكومة بخلاف ما أعلن في يوليو الماضي عن الميزانية وتعلن جدولة زمنية لتحسين أجور كل العاملين في الدولة ولا تحل حلولا جزئية للفئة المعتصمة والذي يدفع الفئات الأخري للاعتصام ولي الذراع.. ولا مانع من أن تصارح الشعب بتبعات الاستجابة لزيادة رواتبهم دون الالتفات للحالة الاقتصادية والتي ربما تدفع بهم إلي سابع أرض.. الشعب منتظر يفهم ويشارك.