عندما فرح المواطن المصري البسيط بسقوط النظام يوم 11 فبراير الماضي كان يظن أن الثورة طوت صفحة سوداء ملطخة بالإهانات والإنتهاكات والفقر والفساد والمحسوبيات والرشوات, لتفتح صفحة جديدة بيضاء مستعدة لتسطير خير ورخاء وعدل وكرامة ومواطنة حقيقية… ظن البعض بسذاجة أن عودة المليارات المنهوبة من رموز النظام الفاسد سيعوض أي خسائر من جراء قيام الثورة وتوابعها وقال أحدهم نصا ده إحنا لو بس استردينا فلوسنا المنهوبة لأصبح الـ80 مليون مواطن مصري مليونيرات (!) مستدعيا سيناريو فيلم عاوز حقي وهرول الناس وراء حلم الشقة والوظيفة مقدمين طلباتهم للوزارات المعنية وظنوا أن السنوات العجاف مضت وعهد البغددة قادم!!
طبعا لم يجد المواطن ماتوقعه في نشوة الثورة و بدت له الحياة لاتنذر بالخير, وقذفت في وجهه الأخبار التي تقول إن نسبة الفقراء وصل إلي 70% وأن نسبة الاستثمارات الأجنبية صفر% وأننا نخسر كل يوم 40 مليون دولار بسبب تدهور السياحة… وبالطبع سيربط بين كل هذه (البلاوي) والثورة علما أن الخبراء قالوا إن هذه النسبة المفزعة للفقر لم تزد كثيرا عما كانت عليه أيام مبارك لولا تزوير الإحصائيات وقتها.
أما مايخص الخسارة في السياحة فتعود بصفة أساسية إلي انتشار الفوضي والانفلات الأمني وإطلاق المجرمين والاعتداءات علي الكنائس وحرقها… وبالتالي هي مشكلة حكومة وأمن وليست مشكلة الشعب فمازلنا نراهن علي تماسك القاعدة العريضة من الشعب المصري مسلمين ومسيحيين الذين أعلنوا في مسيرات عديدة رفضهم ضرب وحدتهم لأنهم ببساطة يعلمون أننا جميعا في مركب واحدة وأن الأقباط ليسوا وحدهم الخاسرون ولن يدفعوا بمفردهم ضريبة التقاعس الأمني والتواطؤ مع البلطجية أو السلفية بل سيتكبدها المجتمع كله ويتجرع مرارتها عندما تجف روافد دخله القومي بسببها
قال الخبراء للمواطن البسيط هكذا تكون الثورات ودائما الحرية لها ثمن… وهناك مراحل انتقالية بعد كل ثورة لتأتي ثمارها, فكان لسان حاله يقول: بس يارب أعيش وأشوف هذا اليوم ولايصيبني من الأعيرة النارية ما يحتارون بعد موتي في تصنيفها مابين بلطجية أو سلفية أو فلولية للنظام!!!
[email protected]