فلسفة الزواج في المسيحية لها خصوصياتها التي يصعب علي غير المسيحي فهمها بعمق, فالزواج في المسيحية ليس مجرد اثنين أرادا الارتباط وأشهرا زواجهما ووثقاه لأنه بجانب كل ذلك نؤمن كمسيحيين بأن الزواج سر مقدس وعمل إلهي, والله نفسه هو الطرف الأساسي في هذه الزيجة, ومنذ بدء الخليقة عندما خلق اللهحواء أحضرها بنفسه إليآدم, ولذلك فهي وحدة لا تنفصل بإرادة أي الزوجين أو غيرهما, كما تؤمن المسيحية بأن الكيان الزوجي حي بالروح القدس الذي حل علي الزوجين ووحدهما في سر الزيجة المقدس, وأن هذا الكيان مهما أصابته الأمراض أيا كان نوعها, فلا يمكن إبادته أو قتله حتي لو ولد مريضا, فمن منا إذا ولد له طفل معاق يقتله أو إذا مرض مرضا مزمنا يتخلص منه؟! كما أن هذا العمل الإلهي بين الزوجين يقدر أن يغير القلوب ويهدي المنحرف, وتكون صلوات الطرف المتضرر سببا في توبة الآخر وعودة الحياة الطبيعية للزواج.
كما قد تكون الحياة الزوجية القاسية فرصة لاختبارات روحية عميقة مع الله, وسير القديسين زاخرة بمثل هذه القصص مثلأم الغلابي التي تاب زوجها بسبب صلواتها فكسبت له أبديته.
مفاهيم كثيرة منها احتمال الطرف الضعيف والمريض, وأيضا غير القادر علي الإنجاب.
وطبعا نحن لا نطالب غير المسيحيين باستيعاب هذه المفاهيم التي قد تكون مختلفة عن خلفياتهم الدينية, وإنما كل ما نطلبه أن يتركوا أمور أحوالنا الشخصية كمسيحيين إلي رجال ديننا المسيحي…وإلي الآن لا نفهم مبررا لتمسك الدولة بلائحة أحوال شخصية ترفضها الكنيسة,فلائحة 1938 التي تأخذ بها المحاكم لاقت اعتراضا كنسيا منذ ما يزيد علي نصف قرن من الزمان, منذ عهد البابا مكاريوس الثالث, مرورا بالبابا يوساب والبابا كيرلس السادس حتي وصلنا إلي البابا شنودة الثالث الذي قدم عدة مرات مشروعا موحدا للأحوال الشخصية للطوائف المسيحية موقعا من كافة الطوائف…ومع ذلك ظل حبيس الأدراج!!…كما حاول المجلس الملي أن يقدم تعديلا للائحة38 بما يتفق والإنجيل المقدس, علي اعتبار أن واضع اللائحة له حق تعديلها…وأيضا ضرب به عرض الحائط!!.
والمثير للدهشة أن قوانين الأحوال الشخصية لإخوتنا المسلمين تغيرت وتعدلت عدة مرات…أما نظيرتها للأقباط فتبدو كما لو كان محظور تغيرها ليظل هناك تناقضا بين ما تأخذ به الكنيسة وبين أحكام القضاء. لنري بين الحين والآخر ذئابا في ثياب الحملان!!.
نادية…
[email protected]