كثيرا ما تتحول برامج التوك شو إلي خناقة وأصوات عالية لا يستطيع المشاهد أن يستوعب منها شيئا, وبينما نعتبر نحن -كمشاهدين- أن هناك خللا قد يبدو أن سببه عدم قدرة المذيع علي إدارة الحوار, يعتبره بعض المذيعين شطارة لأن الحوار أصبح ساخنا!!.
المشكلة الأكبر أن تفسح البرامج مكانا للأصوات الرجعية بل أن يصبح أصحاب هؤلاء الأصوات ضيوفا متكررين علي قنوات وبرامج متعددة, وتضييع القضايا بين الأصوات المتنافرة ولا يخرج المشاهد بشئ, اللهم إلا إذ تأكدت لديه الأفكار البالية أو أعادت بعثها من جديد.
هذا ما تبادر إلي ذهني وأنا أشاهد برنامجا اعتبره محببا لدي وهو من قلب مصر للإعلامية لميس الحديدي, ولكن تضمنت إحدي الحلقات فقرة بعنوان تحرش النساء بالرجال وكلنا نعلم أن هذا وارد لكنه ليس بظاهرة تناقش مثل التحرش بالنساء بل المقصود بها تمييع قضية التحرش بالمرأة!!. علي كل حال ليس تلك هي المشكلة وإنما في الدكتور يحيي الأحمدي الطبيب النفسي الذي أصبح ضيفا ثابتا في برامج كثيرة يفترض أنها تعبر عن المرأة, فإذا به ينبرى مهاجما لها علي طول الخط!!.
وكالعادة تعلق كل المشكلات علي شماعة عمل المرأة.. فهو حلل تحرش النساء بالرجال بسبب عمل المرأة!!.. وترك القضية موضوع المناقشة لينبري ضاربا خروج المرأة للعمل, وينصح أنه إذا لم تتوافر فرص العمل للرجال والنساء في المجتمع فلابد أن يحصل عليها الرجل لأن هذا حقه الأصلي!!.. إلي أن تنصلح الأمور وتستوعب سوق العمل كليهما..!!.. بل يتهم المرأة العاملة بأنها تنفق راتبها علي ماكياجها وشوية حاجات حلوة للعيال مالهاش أي لازمة.. ويصول ويجول ليقذف المرأة العاملة بالطوب لأنها التي سببت كل مشاكل المجتمع!!.
صحيح أن لميس الحديدي حاولت الرد عليه بأن المرأة تدفع مصاريف المدارس والدروس الخصوصية وتتحمل عبئا كبيرا في ميزانية الأسرة, بل أن 30% من الأسر تعولها امرأة بالكامل.. لكن أين يأتي صوتها أمام صوته الأجش الذي يعزف علي أوتار مريضة كثيرة في المجتمع ترجمت إلي مداخلات من المشاهدين, يؤكدون تضامنهم مع ضيف الحلقة الذي استنكر ربط تعليم المرأة بعملها ولم يوضح لنا كيف ومتي سينصلح حال المجتمع كما يدعي بعد أن نستبعد معايير الكفاءة ولا يعمل سوي الرجال أيا كانت مهاراتهم.
لن أقول ولا عزاء للسيدات بل ولا عزاء لك يا مصر.
[email protected]