أعرب كثير من الناس عن استفزازهم من الإعلان الذي يعرضه التليفزيون عن ##الفشخرة والمنظرة##,وإن كان التنويه الإعلاني يستهدف كما يقول مقاومة المبالغة التي يتبعها البعض في إعداد موائد العزومات التي تزخر بكل أصناف الطعام الفاخرة جدا,ثم يكون مصيرها القمامة,ويدعي بأن هذه السلوكيات هي السبب في ارتفاع الأسعار,فإن الواقع أن هذا الإعلان لا يخاطب إلا شريحة غاية في الصغر في المجتمع المصري,بينما الأغلب الأعم هو الإنسان المطحون في هذا المجتمع والذي يكافح من أجل حياة مستورة علي أقصي تقدير ولا يعنيه هذا الإعلان بل يستفزه ويثير لديه الحقد والمزيد من الإحساس بالحرمان وضيق اليد.
الأكثر من ذلك أن الفئة القادرة في المجتمع استنكرت هذا الإعلان أيضا,فقال الكثيرون إن إلقاء الطعام في القمامة كما تم تقديمه ليس صورة واقعية,لأن من يعد العزومات بهذه الطريقة يحتفظ بما تبقي -خاصة إذا كانت بالمنزل كما قدمه الإعلان- إما لتناوله في أيام تالية,وإما لتوزيعه علي المحتاجين.
الحقيقة أن المبالغة الشديدة توجد غربة بين المشاهد والرسالة الإعلامية,لأنه لا يجد نفسه فيها,مما قد يؤدي إلي اعتبار الرسالة لا تخصه في شئ فينصرف عنها نهائيا وبالتالي لا تؤدي الهدف المرجو.
لدينا الكثير من السلوكيات الخاطئة المتعلقة بالطعام والتي تستحق التوعية,وفي مقدمتها سوء التعامل مع رغيف الخبز,هذا المنتج الذي يسمي عندنا ##عيش## لارتباطه الوثيق في أذهاننا بالحياة والذي تربينا علي تقديره كنعمة من الله,فكل من يجد ##لقمة عيش## يتجنب أن يدوسها بل يضعها جانبا بعيدا عن الطريق وربما يقبلها أولا!!
هذا الرغيف الذي طال الحديث عن دعمه وعن طوابيره,تتحول نسبة كبيرة منه إلي العربات التي تجمع العيش الذي يوصف ##بالمكسر##,فيتحول إلي تلال من الخبز الذي يتحول إلي علف للمواشي.
لماذا لا ننشر التوعية بين الناس بضرورة تقسيم الرغيف إلي أربع قطع حتي يسهل الاحتفاظ بما يتبقي علي المائدة في صورة لائقة لاستخدامه مرة أخري؟!…لماذا لا نقدم طرقا لإعادة تقديم وجبة جديدة شهية وجاذبة للأطفال من بواقي الطعام؟!…لماذا لا نتعود أن نضع في طبق الطعام ما نحتاجه فقط ليظل ما تبقي من الطعام صالحا للاستخدام في وجبة أخري.
أما الفشخرة والمنظرة في الإعلان فهي مجرد منظرة إعلانية!!