ظللنا نعتقد طويلا في أن البنت المؤدبة عليها أن تصمت إذا عاكسها شاب في الطريق,وربينا بناتنا علي ذلك,ولكن للأسف المعاكسات اختلفت ولم تعد مجرد عبارات إطراء بالجمال أو الأناقة أو خفة الدم,وإنما بلغت حدود إهانة الكرامة الإنسانية بل والتحرش الجنسي ذلك الشبح الذي لم تسلم منه امرأة مهما كان عمرها فمن سن الطفولة وحتي الكهولة تتلوث الأذن وتشمئز وتنفر الأجساد من سلوكيات ذات مغزي جنسي…حتي بلغ الأمر حالة من تهديد أمن المجتمع,فمن الخروج للمدرسة إلي التسوق إلي العمل وعبر أية ساعات اليوم نهارا أو ليلا أو عز الظهر تتعرض المرأة للتحرش الجنسي بنسب مختلفة.
ولأن الشر يتفاقم دائما في الظلام فإن كشف المسكوت عنه أول خطوات المواجهة,وربما ما قام به المركز المصري لحقوق المرأة من دراسة عن التحرش الجنسي وكشف أبعاده وإتاحة الفرصة للتعبير عن المتضرر منه وإقامة لقاءات شعبية موسعة حوله كان بادرة للتفكير في مواجهته وكانت الدعوة لاستصدار قانون يجرمه.
مع الإحساس المجتمعي بتنامي ظاهرة التحرش الجنسي وخطورته انضم المجلس القومي للمرأة مؤخرا إلي كتيبة المناضلين في هذه القضية فتقدم الأسبوع الماضي باقتراح لتعديل قانون العقوبات بإضافة مادة جديدة تقضي بأن يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز سنة وبغرامة لا تتجاوز ألف جنيه أو بإحدي العقوبتين كل من تحرش جنسيا بواسطة المغازلة الكلامية أو اللمس المقصود أو عبر المحادثات التليفونية أو المحمول أو الإنترنت أو أي فعل يدل علي ذلك.وكذلك كل من تحرش جنسيا بغيره من الجنس الآخر في بيئة العمل وذلك بالتعنف في استعمال سلطته المخولة له قانونا للحصول علي منافع ذات طبيعة جنسية.
قطعا نحتاج لقانون يجرم التحرش وإن ظل الأمر يحتاج إلي صياغة أكثر إحكاما,وما زالت التساؤلات مثارة حول مصداقية الإبلاغ عن التحرش وكيفية الاستفادة من الشهود والإثبات وكيفية تعامل ضباط البوليس مع بلاغات التحرش وهل ستجد المبلغة والمتضررة تأييدا لها أم ينظر لها كمحرضة؟!.
مهما كان الأمر يحتاج إلي بلورة قانونية فإنه لا ينفصل عن التربية الأسرية والمدرسية والصورة الذهنية التي يقدمها الإعلام خاصة الدراما عن المرأة.إعلاء قيمة المرأة وكرامتها وإقصاء النظرة الدونية عنها الأساس في الحد من ظاهرة تنامي التحرش الجنسي.
[email protected]