بعد انتهاء التعديلات الدستورية يظهر السؤال المهم.. وماذا بعد؟ الكل يسأل ماذا سيحدث لو قال الناخبون نعم علي الاستفتاء أو لم يوافقوا علي هذه التعديلات تؤكد أستاذة القانون الدستوري وبعض أعضاء اللجنة التي قامت بالتعديلات أنه إذا جاءت نتيجة التصويت بـنعم سيتم إصدار مجموعة من القوانين المكملة للدستور وتحديد موعد للانتخابات البرلمانية, وإذا كانت النتجية بـلا سيتم عمل إعلان دستور واتخاذ بعض الخطوات التي من شأنها أن تلبي مطالب الرافضين للتعديلات والبدء في وضع دستور جديد للبلاد.
حول هذه القضية تقدم وطني هذا التحقيق.
نعم.. لا للدستور!
قال الدكتور يحيي الجمل نائب رئيس مجلس الوزراء وأستاذ القانون الدستوري: إن المجلس الأعلي للقوات المسلحة أعد بعض السيناريوهات, ففي حالة الموافقة علي التعديلات سيتم إصدار مراسيم بقوانين مثل قانون مباشرة الحقوق السياسية ومجلسي الشعب والشوري وتحديد موعد للانتخابات البرلمانية ثم الانتخابات الرئاسية, وفي حالة رفض أغلبية المشاركين في الاستفتاء علي التعديلات الدستورية, سيتم وضع إعلان دستوري مؤقت يدار به البلاد في هذه المرحلة الانتقالية, وهذا الإعلان مكون من عدد قليل من المواد ينظم المبادئ العامة لكيفية إدارة البلاد حتي يتم انتخاب جمعية تأسيسية لوضع دستور جديد, وسيتم اختيار هذه الجمعية من أساتذة القانون الدستوري والسياسيين وأعضاء مجلس شعب سابقين مشهود لهم بالكفاءة وعدد من الشخصيات المحايدة لضمان تمثيل كل فئات المجتمع, وستعمل هذه اللجنة علي وضع الدستور لفترة لن تقل عن ثلاثة أشهر.
أوضح د. الجمل أن لجنة التعديلات الدستورية قامت بجهد كبير خلال الفترة التي تم تكليفها بها ونجحت في إعادة ضبط المواد المراد تعديلها بشكل متكافئ خاصة المادة 76 التي لا يوجد مثيل لها في كل دساتير العالم.
الشرعية الدستورية
وفي هذا الإطار قال الدكتور محمد نور فرحات أستاذ القانون الدستوري بجامعة القاهرة إن دستور 1971 سقط بسقوط النظام وأن الشرعية الثورية أيقظت الشرعية الدستورية, وأنه لا بديل عن تشكيل جمعية تأسيسية منتخبة وتضم كل فئات المجتمع لوضع دستور جديد خلال 3-6 أشهر, وأن يتم وضع إعلان دستوري يدير البلاد في هذه الفترة الانتقالية لأنه من غير المقبول أن يظل دستور 71 هو المطبق حاليا, وأن التصويت بـلا علي التعديلات يعجل من تشكيل لجنة تعديل الدستور وبدء عقد جديد للبلاد, ومنح الأحزاب فرصة الإعداد للانتخابات الرئاسية حتي لا نفاجئ بأن نفس الوجوه التي ترشح نفسها هي التي ستظهر في مجلسي الشعب والشوري المقبلين, ولن يحصل شباب التحرير علي أي شيء بالرغم من الثورة العظيمة التي قاموا بها, ومن الأفضل أن يتم منحهم الوقت المناسب لكي يقوموا بتشكيل أحزاب سياسية ويتم وضع قواعد متينة لهذه الأحزاب تمكنهم من المنافسة علي مقاعد البرلمان المقبل.
أكد د. نور فرحات أن التصويت بنعم سيعمل علي إصدار مجموعة من القوانين المكملة للدستور, وإزهاق روح ثورة يناير حيث إنها حتي الآن لم تحقق كل مطالبها وبالتالي سيشعر الشباب باليأس لعدم قدرتهم علي جني ثمار ثورتهم.
هيكلة القانون
من جانبه قال صبحي صالح عضو لجنة تعديل الدستور: إن اللجنة بالاتفاق مع المجلس العسكري قامت بتنقيح بعض القوانين المكملة للدستور مثل قانون مباشرة الحقوق السياسية وقانون الأحزاب وقانون مجلس الشعب وقانون مجلس الشوري وقانون الانتخابات الرئاسية وغيرها من القوانين التي سيتم إصدار مراسيم بقوانين بها ليتم العمل بها فورا, ومن أبرز الإيجابيات التي ستظهر هي إطلاق حرية تشكيل الأحزاب, والإعداد للانتخابات البرلمانية تمهيدا لانتهاء المرحلة الانتقالية وبدء مرحلة جديدة من تاريخ مصر لتصبح بلدا ديموقراطيا حقيقيا ينعم فيه المجتمع بالحريات وحقوق الإنسان.
أوضح صالح أن اللجنة حرصت علي وجود نص يلزم رئيس الجمهورية المقبل علي تشكيل لجنة منتخبة لوضع دستور جديد, حتي تأخذ هذه اللجنة المنتخبة والمستمدة شرعيتها من الشعب فرصتها في وضع دستور جديد يتناسب مع المرحلة التي تمر بها البلاد.
أشار إلي أن التصويت بـنعم علي التعديلات الدستورية يعبر بالمجتمع إلي نقطة أخري في مسار التحول الديموقراطي, والتوصيت بـلا يعود بالمجتمع خطوة للخلف, حيث سيتم النظر في كيفية وضع دستور جديد وإطالة الفترة الانتقالية للجيش, وتأجيل الانتخابات البرلمانية وربما الرئاسية, حيث إن الدستور الحالي يمنح رئيس الجمهورية صلاحيات مطلقة, ودون إلزام الرئيس الجديد علي وضع دستور جديد ستظل الأوضاع قائمة ولن تتغير الصورة, وسيأتي الرئيس الجديد يحكم كما يشاء.
مشروع لدستور جديد
من جانبه قال ناصر أمين مدير المركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة: إن دستور 1971 وما طرأ عليه من تعديلات متعددة سواء في أعوام 1980 أو 2005 أو 2007 وصلت به إلي درجة التشوية إضافة إلي التعديلات الجديدة الصادرة في 2011 جعلت الدستور في المجمل, غير متناسب مع ظروف المرحلة الراهنة, ولذلك هناك قطاع كبير من المجتمع ضد هذه التعديلات, ونظرا لأن رفض التعديلات قد يطيل الفترة الانتقالية التي حددتها القوات المسلحة إ لا أنه يمكن الخروج من هذا الوضع عبر تكوين مجلس رئاسي مكون من خمسة أو سبعة أفراد من المشهود لهم بالنزاهة والكفاءة والحياد, ويقومون بانتخاب لجنة قومية تضم كل الأطياف الفكرية والسياسية والعلمية, لوضع مشروع لدستور جديد, ثم يطرح للنقاش علي كل قوي المجتمع ويتم منح المجتمع فرصته في هذا النقاش المجتمعي بدلا من التعجل بطرح التعديلات الدستورية للاستفتاء دون أن تحصل علي حقها في النقاش المجتمعي, علي أن تبدأ القوي السياسية في تطوير نفسها والالتحام بالجماهير حتي تخرج الانتخابات البرلمانية المقبلة معبرة عن التغيير الذي شهدته الثورة.