كل إنسان منا يحتاج إلي الحب…ولم ولن يجد أي منا من يشبع هذه الحاجة بالكامل إلا الله الكامل… الله المحبة والحب المطلق… ويظل افتقادنا لذلك الحب النسبي بين البشر يزعجنا ويؤرقنا ويرهق أعصابنا ويسرق سعادتنا مهما أوتينا من مال أوصحة… بل وقد يسرق صحتنا ويدعنا فريسة لأمراض تفتك بنا ما لم يحصننا حب المحيطين بنا.
ولأنك تحتاج إلي الحب… لاببد أن تجد من يحبك ولأنه يحتاج إلي حبك -فلابد أن نتعلم الحب. نعم نتعلمه- فالحب فعل وليس اسما يحتاج إلي سلوكيات وأفعال تترجمه في حياتنا,خاصة أن الحب يقرب المسافات ويحل كثيرا من المشكلات.
وفي كتاب بعنوان كيف تحب الناس ويحبك الناس؟ يقدم القس تادرس عطية روشتة عملية لتحقيق المحبة خاصة أن المحبة ليست مجرد مشاعر وإنما تحتاج إلي تدريب يترجمها إلي عمل حي واقعي يصل إلي الآخرين ويؤثر فيهم.
فكيف تتدرب علي الحب؟… ماذا تفعل لتكون محبوبا؟… هو الطريق ذاته الذي تشعر فيه بمحبة الآخرين… فإذا سألت نفسك لماذا تحب فلان ستجد فيه من الخصائص التي إذا تأملتها وتدربت عليها تصير أنت أيضا محبوبا بشرط أن تضع كسب محبة الناس هدفا في حياتك تسعي إليه,وهذا ما ركز عليه الكاتب قبل أن يقول إن أول طريق المحبة يبدأ باحترام الجميع, وإن كان من المألوف أن نحترم من هم أكبر سنا أو شأنا أو مقاما فإننا نحتاج أن نضع في اعتبارنا احترام من هم أصغر أو أقل شأنا من وجهة نظرنا, فلا نقلل من شأنهم ولا نحتقر آراءهم أو جهدهم أو عملهم, لأنه إن كان القوي يأكل حقوق الضعيف في قانون الغابة فإن القانون الإنساني تحتم أن يحترم الصغير الكبير,فإن القانون الإلهي يطالب الأكبر بأن يخدم ويحترم ويحتمل ويشجع الصغير.
أيضا كلمات تذكرت نفورك ممن يتكبرون ويتعالون تذكر أن التواضع هو طريقك المباشر لقلوب الآخرين خاصة إذا كان مفعما بخدمتهم ومساندتهم وقت الحاجة.
وكما الطفل الصغير ينجذب لمن يقابله بالبشاشة والابتسامة حتي لو لم يكن مستوعبا لما يقوله لفظا,فكلنا هذا الطفل الصغير,فإن أردت أن يحبك الناس قابلهم بالبشاشة واللطف وادخل الفرحة لقلوبهم بأخبار سارة ومشجعة بدلا من الأحاديث المثيرة للتشاؤم والاكتئاب.
يضيف القس تادرس عطية بأن كثير التوبيخ والانتهار يفقد محبة المحيطين,لأن الكلمة القاسية كلمة موجعة تتعب الناس… ولا تظن بأنك ستكون منافقا, فإن أردت أن توجه لوما أو نصيحة لأحد فلتسبقها بعبارات تقدير أو عبارة مديح تمهد الجو النفسي لقبول التوبيخ الهادئ غير الجارح… مع الأخذ في الاعتبار ألا توبخ علي كل صغيرة وكبيرة حتي لا تفقد تقديرك وتأثيرك الإيجابي في الآخرين.
يلقي الكتاب الضوء علي منافذ مهمة لكسب حب الآخرين مثل الدفاع عن الآخرين ليس المظلومين فقط من منطق الدفاع عن الحق وإنما احتضان المرفوضين والمحتقرين من الآخرين لتساعدهم علي تصحيح الأخطاء,وأن تحتمل الناس في ضعفاتهم وإساءاتهم فلا ترد الشر بالشر بل تغلب الشر بالخير,أما في لحظات ضعفك وخطأك في حق الآخرين فلا تكابر ولا تغط أخطاءك بالأعذار, بل كن سريع الاعتذار… والاعتذار يكون للصغير أيضا فتكبر أكثر في نظره.
يتعرض الكتاب أيضا لدور الحواس في التعبير عن الحب,وعن قصص واقعية تعبر عن الحب الحقيقي, وعن أقوال مأثورة عن الحب, وأيضا عن فوائد الحب الكثيرة التي ذكر منها أن الحب يقوي جهاز المناعة, وينعكس علي نضارة البشرة وصحة الشعر والجسم, ويعمل علي تنظيم ضربات القلب,ويقي من الأمراض النفسية ويعالجها.
ثم يختم بمجموعة من الأسئلة التي يستطيع بها الإنسان أن يختبر مدي كونه محبوبا من المحيطين وقادرا علي تقديم الحب لهم.
وجملة إن أردت أن تكون محبوبا فعامل الناس كما تريد أن يعاملونك… وقدم الحب مرارا وتكرارا قبل أن تتوقعه أو تطلبه.
[email protected]