لكن طرأ الكثير من التغير…والتغير له وجهان, وجه بدافع السلوك الاجتماعي ووجه بدافع الفقر المدقع وحالة ارتفاع الأسعار, فأما عن السلوك الاجتماعي فهو نتيجة لغزو تقاليدنا بالموجة المقبلة علينا من الغرب ممثلة في البورجر والشيش طاووك والهوت دوج وموجة الـتيك أواي الشهيرة.
والوجه الآخر والأكثر عذابا هو وجه الفقر, فتغير سعر منتج ضروري ومهم سيؤثر بالتالي علي كل المنتجات الأخري المرتبطة به, بطريقة أكثر عملية ارتفع سعر زيت الطعام بطريقة جنونية ليصل سعر زجاجة الزيت إلي عشرة جنيهات, وهذا بدوره أدي إلي ارتفاع أسعار الطعمية فارتفعت أسعارها هي الأخري, مما أدي إلي انصراف الناس عنها بشكل ما,أما كيلو الجبن فيختلف سعره باختلاف نوعه, وعن البيضة الواحدة فثمنها 75 قرشا, وارتفعت أسعار الحلاوة الطحينية.
وهذا يعني أن الأكلات البسيطة ستختفي من مائدة المصري فمثلما اختفت اللحوم, فالأسماك بدورها ارتفعت أسعارها نظرا للإقبال عليها, فبلد البحر الأحمر والمتوسط وعشرات البحيرات والترع والقنوات, تجد فيها سعر كيلو السمك العادي وصل إلي عشرة جنيهات.
وارتفاع اسعار اللحوم والدواحن ارتفاعا جنونيا , يعني أيضا تغير العادات والأنماط الغذائية, بالإضافة إلي ##اختفاء## أنواع غذائية تماما.
هذا في إطار الأكلات الضرورية العادية,وليست موائد المناسبات والمواسم.
..ذكرتقرير الأمم المتحدة للتنمية البشرية لعام 2007 أن 14 مليون مصري يعيشون تحت خط الفقر, بينهم أربعة ملايين لا يجدون قوت يومهم, لتبقي مصر في المركز 111 بين دول العالم الأكثر فقرا.وأن أغلب الفقراء في مصر يعيشون في محافظات الوجه القبلي, حيث تبلغ نسبة الفقراء فيها 35.2% من إجمالي عدد السكان,وتنخفض نسبة الفقراء بالوجه البحري لتصل إلي 13.1%.وأن نسبة السكان الذين يعيشون تحت خط الفقر عند مستوي إنفاق دولار واحد في اليوم تبلغ 3.1%, بينما تبلغ نسبة مستوي إنفاق دولارين في اليوم 43.9%. وصنف التقرير أسيوط بوصفها أفقر محافظات مصر, حيث يبلغ عدد الفقراء بها 58.1% من عدد السكان, منهم 24.8% لا يجدون قوت يومهم, فيما تحتل محافظة بني سويف المركز الثاني, حيث يبلغ عدد الفقراء بها 53.2%, منهم 20.2% لا يجدون قوت يومهم. وتأتي محافظة سوهاج في المركز الثالث بنسبة 45.5%, منهم 17.2% لا يجدون قوت يومهم. ويذكر التقرير أن اللحوم والأسماك لا تدخل ضمن قائمة الفقراء التي يتناولها حوالي 51.2% من الفقراء, إلا حسب الظروف, بينما لا يشتري 33% منهم الفواكه, لعدم قدرتهم, بينما يكتفي 58.8% منهم بوجبتين فقط في اليوم, فيما يعتمد 61% من الفقراء في طعامهم علي البقوليات (الفول والعدس).وأشار في المقابل إلي تضخم ثروات الطبقة الغنية في مصر التي يمثل أعضاؤها 20% فقط من المصريين, والذين يمتلكون 80% من الثروات, بينما يمتلك الـ 80% الباقون من مجموع الشعب المصري 20% فقط من الثروات. وذكر التقرير أن هناك 1% فقط من أعضاء الطبقة الغنية يمتلكون 50% من حجم ثروات هذه الطبقة, بينما يشترك الـ 99% الباقون في ملكية الـ 50% الباقية.
عزة محمود عاملة في حضانة قالت: مرتبي 150 حنيها ومرتب زوجي 350 جنيها ولدينا 3 أطفال وأصبحت الأكلات الضرورية والبسيطة لا نستطيع أن نأكلها مثل المحشي,فوصل سعر الكرنبة في السوق إلي 6 جنيهات, غير الأرز والطماطم وخلافه, أما عن أسعار الكوسة أو ورق العنب والباذنجان وغيرهما من المحشيات الخفيفة, فارتفع سعرها , حتي الأولاد لا نستطيع أن نأتي لهم باللبن يوميا للإفطار,والفول والطعمية أصبحت فوق طاقتنا. وزمان كنت أعمل في البيت فطيرة أو كيكة للأولاد يفرحون بها وأقول إنها أوفر,الآن كيلو الدقيق بـ 4.5 جنيه, والبيضة وصلت 60 قرشا وسمن وزيت تتكلف عشرة جنيهات وبطلت أعملها لأن العشرة جنيهات يأكلون بيها أحسن .
تقول عزة محمود موظفة المرتب ينتهي في نصف الشهر لأن السلع مرتفعة وعندي أربعة أبناء يحتاجون إلي الدروس الخصوصية وخاصة في الشهر الأخير من الدراسة ومرتب زوجي لا يكفي.
قالت سيدة مسنة تعمل بائعة خبز وتعاني من مرض السكر: لدي ابن معاق وبعد أن تركنا الأولاد واستقل كل منهم بحياته ساعدت واحدا منهم علي الزواج وأنجب طفلين وأنا أعول الجميع وللأسف أصبحنا لا نستطيع حتي أن نأكل الفول ولا الطعمية ولا العدس لأن أسعارها نار.
وقد يتساءل البعض ماذا يأكل من هم تحت خط الفقر؟ تغميس العيش بالعيش..يتم إحضار بقايا العيش البلدي ويتم إضافة قليل من الماء مع استمرار التقليب حتي يصبح مثل الطحينة تماما … ويوضع عليه بعض الملح والبهارات اللازمة ويتم تغميسه بالعيش … يعني عيش… يتغمس بعيش ..؟ أو ماء الفسيخ ب 50 قرشا ويقومون بتغميسه بالعيش,والبعض يقومون بشراء الخضار التالف العاطب والذي يضعه البائع عادة في الأسفل عند قدميه ويتم عمل خلطة خضار تكفي للأكل في الثلاث وجبات…؟
وشوربة لحمة بدون لحمة بالعظم الذي يلقيه الجزار أسفل قدميه للقطط .. ولا يوجد به أي مواسير فليس في مقدورهم شراء إلا عظم المواسير ويقومون بغسله ووضعه علي النار مع كمية كبيرة من الماء …ولعمل شوربة لحمة فتستعمل الفراخ الميتةوهي أغلي الوجبات وأصبحت ترفيها وذلك بشراء الفراخ النافقة الميتة من عند تجار الفراخ والذين يبيعونها بـ 4 و 5 جنيهات بعد أن تعدي ثمن الفرخة 30 جنيها ووصل ثمن الكيلو من الفراخ البيضاء إلي 13 جنيها.