كتبت منذ فترة عن الشك الفكري وقلت إنه لا يوجد يقين في هذه الحياة إلا وجود الله والموت…وغير ذلك له أكثر من وجه وأكثر من تفسير, وبسبب هذا الشك الفكري تغيرت مفاهيم كثيرة علي مدي التاريخ وتطور العلم وظهرت الاختراعات وتعددت الاجتهادات الدينية ومن اجتهد وأخطأ فله حسنة ومن أصاب فله حسنتين.
والذي يضع فجوة عميقة بيني وبين الدعاة المعاصرين من المسلمين هو اليقين المطلق الذي يقدمونه للناس ومن يخالفهم في الرأي فهو كافر.
جلست أمام التليفزيون أغير في قنواته وتوقفت عند قناة للسلفيين. قال الداعية في إجابته لإحدي المشاهدات إن أطفال الأنابيب حرام شرعا وفحش كبير لأن الماء الذي يقدمه الزوج للمعامل أو للطبيب يمكن أن يوضع خطأ مع بويضة ليست لزوجته فيكون الطفل الذي جري تخليقه سفاحا.
والداعية هنا يفتي فيما لا يعلم وبكلمات كلها يقين وبذلك حكم علي المرأة التي سألته أن تعيش محرومة من الأطفال…علما أن هناك تحاليل عن الحامض النووي-DNA- تؤكد النسب والوراثة فلا تختلط الأنساب.
كان علماء المسلمين في الزمن السالف يقولون بعد كل فتويوالله أعلم وبذلك يتركون مساحة واسعة لمن له فتوي أخري أكثر حكمة بغير تكفير.
أما عندما يتولي شئون الناس هؤلاء الدعاة الذين يملأون القنوات الفضائية ضجيجا لابد أن يتوقف العقل ويتجمد العلم وتعيش مصر فيفوبيا رعب الخطايا ولا نشاط آخر.
أخطر ما يصيب الشعوب فتاوي أنصاف المتعلمين ومحترفي اليقين…والله أعلم.