نجلس في الشاليه المطل علي الساحل الشمالي حيث تجمعنا وبعض أفراد الأسرة الذين جاءوا إلي مصر من أمريكا وبعض دول أوربا فهربنا جميعا من نار القاهرة. تدور بيننا مداعبات وذكريات تنتهي غالبا بأحاديثالنكد أقصد السياسة….ويذهلني الإجماع بيننا علي تردي الأحوال في بلدنا وانتشار الفساد وضياع القدوة والمثل الأعلي ومعالم الطريق.
كان الإجماع سيكتمل لولا قريبنا وكيل الوزارة الذي أخذ يدافع بإصرار عن الشخصيات العامة الحاكمة ولكنه-والحق أقول- يتوقف عن الدفاع عندما يتطرق الحديث إلي ظروف المعيشة الصعبة والاكتئاب العام الذي يخيم علي المجتمع.
وعادة يتدخل قريبنا أحمد خليل زوج الفنانة محسنة توفيق ليخفف من احتدام الحوار ويحكي لنا عن آخر كتاباته علي موقعه علي الإنترنت وهي أفكار سريعة ممتعة فينسينا ما يصعب نسيانه…وآخر ما كتبه طشة الملوخية فقال إن الملوخية لابد من إبعادها عن النار قبل أن تغلي وإلا ترسبت في قاع الحلة, وعلي مر التاريخ كانت سيدة البيت خصوصا في الريف تطبخ علي الكانون فلا تستطيع أن تطفئه مثل البوتاجاز, فكانت ترفع الحلة من فوق النار بسرعة قبل أن تغلي وهي عملية خطيرة يمكن خلالها أن تنقلب الحلة الساخنة علي من حولها, فكانت تشهق بصوت مرتفع فيجري كل من حولها من أطفال وطيور مبتعدين عن الحلة!!سريعا ضحكنا جميعا إزاء هذه الذكريات الجميلة المحفورة في الوجدان المصري وتراثه الشعبي…لكن عادت السحابة السوداء وهي أحاديث السياسية عندما قال وكيل الوزارة إن الإصلاح يتم فعلا وهو يحتاج إلي وقت.
هذه المرة شهقنا جميعا وجرينا من حوله.