بدأنا تأملنا في مزمور78 وهو مزمور تاريخي يذكر فيه المرنم العجائب والمعجزات التي أجراها الله مع شعبه,ويعتب عليهم أنهم نسوها فأصبحتعجائب منسية(آيات9-16).
1-سبط أفرايم نسي:(آيات9-11).
أفرايم هو ثاني أبناء يوسف الصديق,وكان أعظم من شقيقه الأكبر منسي,ومعني اسمهالأثمار المضاعفةوصار سبط أفرايم قائد المملكة الشمالية,لكنه انقلب يوم الحرب لأنه لم يحفظ عهد الله وأبي السلوك في شريعته,ونسي أفعال الله وعجائبه.وليس المقصود هنا انقلاب أفرايم في معركة حربية معينة,لكن المعني أنه هزم في معركة روحية سقط فيها بين أنياب إبليس.كان أفرايم متقدما روحيا,ومنه يشوع خليفة موسي,وصموئيل النبي,وحنة النبية.ولكنه ارتد عن الله ارتدادا أليما,فرفض الله خدمة هذا السبط,وسيتضح لنا في نهاية المزمور أن الله اختار داود من سبط يهوذا بدلا من سبط أفرايم.وواضح أن الله لا يرفض الإنسان نفسه,لأنه يعطيه فرصة للتوبة,لكنه يأخذ منه الخدمة التي لم يكن أمينا عليها ليعطيها لشخص آخر يكون أمينا.
2-ما نسيه سبط أفرايم:(آيات12-16).
(أ)نسي شق البحر:(آيتا12, 13).أجري الرب عجائب فيبلاد صوعن.وتقع صوعن في شرق الدلتا,وقد جعلها أول ملوك الأسرة الفرعونية الثانية عشرة عاصمته ليراقب حدود مصر الشرقية.وحصنها الملوك الرعاة,وهي معروفة باسم تانيس.ومن أعظم ما جري في مصر(بلاد صوعن),أن الرب شق البحر الأحمر ليعبر بنو إسرائيل,ويغرق فيه المصريون.
(ب)نسي عمودي السحاب والنار:(آية14),اللذين هدي بهما الرب شعبه وحماهم نهارا وليلا أثناء سفرهم في صحراء سيناء(خر13:21).
(ج) نسي الماء الذي خرج من صخر:(آيتا15:16).شق الرب الصخر وروي العطاش(خر17:6 وعد 20:11).وهل يمكن أن ينسي أحد هذه المعجزة؟.
واستمر كاتب مزمور78 يعتب علي تذمر شعبه المستمر(آيات17-33).فقد تذمروا علي الطعام:(آيات 17-20) أخطأ الشعب ضد الله بعصيانهم المستمر لأوامره الواضحة,وجربوه بشكوكهم في صلاحه,وطالبوه أن يظهر قوته.ولما أعطاهم الماء قالوا:أين الطعام؟وتذمروا علي موسي وهارون وقالوا:ليتنا متنا بيد الرب في أرض مصر,إذ كنا جالسين عند قدور اللحم نأكل خبزا للشبع(خر16:3).وقالوا:لماذا أصعدتنا من مصر لتميتنا وأولادنا ومواشينا بالعطش؟(خر17:3).
وأوضح كاتب المزمور العقاب الذي حل بهم بسبب تذمرهم(آيتا21, 22).لم يؤمن الشعب بالله ولا أتكلوا علي خلاصه,واشتكوا شرا في أذني الرب,فغضب عليهم,واشتعلت فيهم ناره وأحرقت من طرف معسكرهم فصلي موسي للرب فخمدت النار,ودعوا اسم ذلك المكانتبعيرةبمعني:اشتعال(عد11:1-3).
وبالرغم من تذمرهم المستمر لم ينقطع عطاء الله لهم(آيات23:29).وبالرغم من الشكوي والشكوك والتذمر والعصيان فتح الرب أبواب السماء وأعطاهم المن,وهو طعام ملائكي,ودعاه الوحي خبزا من السماء(خر16:4) ولونه أبيض مثل بذور الكزبرة,وطعمه كطعم قطائف بزيت(عد11:7, 8)…ثم ساق السلوي بريح شرقية قوية,وهي طيور تهاجر بأعداد كبيرة من الجنوب في أفريقيا إلي الشمال,ولحومها حلوة المذاق(خر16:13 وعد11:23).
غير أن الله عاقب هذا الجحود(آيات30-33).يعاقب الله بعض الناس بأن يعطيهم سؤل قلوبهم الطماعة,وقد عاقب الله أولئك المتذمرين بعد أن أتاهم بشهوتهم,وأوقع الله العقاب القاسي بهم وهم يأكلون(عد11:20,و33).وكان هدف العقاب إصلاح حال هؤلاء العصاة الجاحدين للفضل!,ومع ذلك فقد استمر الله يحسن إليهم.
وأخيرا عاتبهم المرنم أنهم تابوا توبة سطحية(آيات34-39).وهي توبة الخائفين:(آيات34-37).عاقب الله المتذمرين,فصرخوا,لا عن توبة حقيقية,ولكن هروبا من العقاب,وهي توبة سطحية يصفها الرب بالقول:هذا الشعب قد اقترب إلي بفمه,وأكرمني بشفتيه,أما قلبه فأبعده عني,وصارت مخافتهم مني وصية الناس معلمة(أي:وصية أناس تعلمها الشعب)(إش29:13,مت15:8).
ولكن الله لم ينس مراحمه الإلهية(آيتا38, 39).يعرف الله جبلة البشر,ويذكر أنهم تراب,لأن ريحا تعبر عليهم فلا يكونون (مز103:14, 16).وهو رحيم وغفور وطويل أناة,ولهذا فهو لا يعاقب الخطاة بما يستحقونه(خر34:6, 7 وعد14:18 وتث4:31).