المزموران 75 و76 ترنيمتان للشكر كتبهما آساف بمناسبة النجاة التي قدمها الرب له,بعد أن استمع إلي شكواه التي رفعها في مزمور 74,وكان المزموران 75 و76 يرتلان في مناسبات الانتصار القومي. واليوم نختم تأملنا في مزمور 76 الذي تحدث عن الرب المجيد الذي نصر شعبه, فعلي شعبه أن يعطي الفضل كله للرب,وينصح المرنم الشعب المنصور بالرب أن يتواضع ويعترف بأن قوة الله في الضعف تكمل.
لقد وضح المرنم أن قوة الله تحطم العدو وتدافع عن الوديع الذي لا يقدر أن يدافع عن نفسه. ثم يطمئن هذا الوديع, ويقدم له ثلاث نصائح:
1- الله صاحب السلطان: لأن غضب الإنسان يحمدك. بقية الغضب تتمنطق بها (آية 10). لابد أن يتحول غضب الإنسان ضد شعب الرب إلي تمجيد للرب وإلي خير لشعبه,لأنه لابد يجري معجزات لينقذ شعبه,ويخرج من الآكل أكلا ومن الجافي حلاوة (قض14:14),كما قال لفرعون: لأجل هذا أقمتك لكي أريك قوتي,ولكي يخبر باسمي في كل الأرض. أنت معاند بعد (خر9:16). وإن تبقي من غضب الإنسان الشرير شئ لم يفصح عنه,يتمنطق الله به ويحوله أيضا ليخبر شعبه,ويقول للخطاة: نفسكم نار تأكلكم (إش33:11).
عندما غضب هامان علي مردخاي صلب علي الخشبة التي نصبها ليصلب عليها مردخاي,ونزع الملك خاتمه الذي أخذه من هامان وأعطاه لمردخاي,فدمر العدو نفسه,وأكرم الله شعبه (أس7:9 و8:2).
قال المسيح: دفع إلي كل سلطان وعلي الأرض (مت28:18). وهذا ما حدث بعد رجم إستفانوس.الشهيد المسيحي الأول,فقد حدث في ذلك اليوم اضطهاد عظيم علي الكنيسة التي في أورشليم,فتشتت الجميع في كور اليهودية والسامرة,ما عدا الرسل… فالذين تشتتوا جالوا مبشرين بالكلمة (أع8:1, 4)… لقد حقق غضب العدو انتشار كلمة الله.
2- أوف النذر: انذروا وأوفوا للرب إلهكم يا جميع الذين حوله. ليقدموا هدية للمهوب (آية11). في وقت الضيق ينذر الإنسان للرب نذورا,وعندما يحقق الله الطلب كثيرا ما ينسي الإنسان نذره. والنذر نوع من المساومة بين الإنسان الضعيف والله القوي. والله في محبته يقبل هذا,لا لأنه ينتظر من الإنسان عطاء, فهو الخالق,لكنه يريدنا أن نكون أمناء في وعودنا. عندما نذر يعقوب أب الأسباط أن يبني بيتا للرب إن حفظه الرب وأكرمه, حقق الرب طلب يعقوب,لكن يعقوب نسي نذره (تكوين28:20-22). صدق كلام الرب,ولم يصدق يعقوب!, فطلب الله من يعقوب أن يذكر نذره,ويذهب إلي بيت إيل ليفي به (تك35:1).ويضم المرنم صوته إلي صوت الله طالبا من كل من ينذر أن يفي, إذا نذرت نذرا للرب فلا تتأخر عن الوفاء به,لأنه لا يسر بالجهال. فأوف بما نذرته. إن لا تنذر خير من أن تنذر ولا تفي (جا5:4, 5).
3- اطمئن: يقطف روح الرؤساء. هو مهوب لملوك الأرض (آية12). عندما ينفصل الإنسان عن الله يدمر نفسه ويهلكها,وعندما يتعارض فعله مع القوانين الإلهية يقطع نفسه بسيف حاد,لأن قوانين الله كالسيف,يحمينا إذا سرنا إلي جواره,ويمزقنا إن اعترضنا طريقه.
ويصور كاتب سفر الرؤيا منظر قطف روح الرؤساء بالقول: خرج ملاك من المذبح له سلطان علي النار,وصرخ صراخا عظيما إلي الذي معه المنجل الحاد قائلا: أرسل منجلك الحاد واقطف عناقيد كرم الأرض,لأن عنبها قد نضج. فألقي الملاك منجله إلي الأرض وقطف كرم الأرض,فألقاه إلي معصرة غضب الله العظيمة (رؤ14:18, 19).
هذا المزمور هو صوت الله لنا لتعزيتنا وقت الضيق والشدة,يقول لنا إن الله هو الغالب,وسيضع أعداءه موطئا لقدميه,فلنبتهج بإله خلاصنا.