+ أمان مفقود:
وإذا رجل اسمه زكا وهو رئيس للعشارين وكان غنيا وطلب أن يري يسوع من هو ولم يقدر من الجمع لأنه كان قصير القامة (لو19: 2- 3). بعد خروج أبينا آدم وحواء من الجنة قديما بطريقة فيها تلك الخدعة الشيطانية الماكرة لا يستطيع أحد أن يجزم بوجود أمان في هذا العالم الذي سيطر عليه إبليس صاحب أكبر مؤامرة ضد الإنسانية والتي يمكن أن نقول إنها مستمرة لذا يحذرنا الرسول ونحن في هذه الغربة قائلا: فسيروا زمان غربتكم بخوف (1بط 1: 17). ويقول أيضا في تحذيرات أشد اصحوا اسهروا لأن إبليس خصمكم كأسد زائر يجول ملتمسا من يبتلعه هو (1بط 5: 8). ولا ننسي ما جاء في الكتاب المقدس من مواقف مع أناس كان يدور في خاطرهم أن الأمان موجود ولكنهم فقدوه وتركوا لنا شواهد تقول احترسوا لأن العالم لا يوجد به أمان فها هو صوت يوسف الصديق يصرخ إلينا من البئر ومن بيت فوطيفار قائلا إنه لم يجد الأمان بين إخوته ولا في بيت سيده وأيضا نسمع صوت الثلاث فتية يصرخ إلينا من عمق الأتون بعد أن كانوا في قصر الملك وها هو صوت دانيال يخرج إلينا من عمق الجب ليقول للملك إن الأمان مع الله وحده واليوم نري قلب زكا الذي اشتاق إلي الأمان الحقيقي المفقود بين المال والمنصب وغدر من حوله فبحث عن مصدره.
+ وإيمان موجود:
طلب أن يري يسوع.. فركض متقدما وصعدا إلي جميزة لكي يراه.. فأسرع ونزل وقبله فرحا.. فوقف زكا وقال للرب ها أنا يارب أعطي نصف أموالي للمساكين, وإن كنت وشيت بأحد أرد أربعة أضعاف (لو19: 3- 8). الإيمان وهو الثقة. لقد فقد زكا الثقة في المال وفي المنصب وفي المجتمع الذي حوله وتوجه بكل إرادته نحو من يستحق الثقة الذي يبحث عن الخطاة والمحتاجين إلي الأمان الحقيقي فبدأ بالطلب لرؤيته ثم تحرك بمشاعره ووجدانه بعد أن سمع صوت الرب ينبغي اليوم أن أكون في بيتك وامتلأ قلبه بالإيمان فاعترف أنه كان مقصرا نحو المساكين وكان مغتصبا للحقوق وتخلص بالإيمان العملي من ماضيه المؤلم معمرا قلبه بالإيمان العامل منفذا لوصية الكتاب كأولاد للطاعة لا تشاكلوا شهواتكم السابقة في جهالتكم بل نظير القدوس الذي دعاكم كونوا قديسين في كل سيرة (1بط 1: 14- 15). لقد كان إيمان زكا نموذجا للإيمان العامل والكارز وكأنه يقول مع الرسول: كلامي وكرازتي لم يكونا بكلام الحكمة الإنسانية المقنع بل ببرهان الروح والقوة لكي لا يكون إيمانكم بحكمة الناس بل بقوة الله (1كو 2: 4- 5). فنعم الإيمان الذي يزحزح جبل الإثم ويحرق أشواك الخطيئة ويجعل الإنسان يجلس فوق قمة العالم متنعما بالفرح السماوي.
+ وسلطان معهود:
فقال له يسوع اليوم حصل خلاص لهذا البيت إذ هو أيضا ابن إبراهيم لأن ابن الإنسان قد جاء لكي يطلب ويخلص ما قد هلك (لو 19: 9- 10). إنه السلطان الإلهي الذي عاهدناه دائما من الله المحب لأولاده قال عنه الكتاب: لكنك أيها السلطان القدير تحكم بالرفق وتدبرنا بإشفاق كثير لأن في يدك أن تعمل بقدرة متي شئت (الحكمة 12: 18). إنه السلطان المنقذ من الأتون والحامي من الأسود والكاسر لجبروت الجبابرة وأيضا السلطان الحاني والمترفق والذي به منح الرب زكا الخلاص وغفر خطاياه وقبله وبهذا السلطان أعطي الرب الغفران للمرأة الخاطئة وللمفلوج. إنه سلطان الحب الذي قبل برحمته أن يحل البشر من أسر إبليس ويقودهم إلي الحياة الأبدية. اختبره الرسول عندما تقابل معه وسقط علي الأرض قائلا: ماذا تريد يارب أن أفعل (أع 9: 6). وعاهده اليوم زكا في منزله فتهلل فرحا مرتلا مع المزمور حي هو الرب ومبارك صخرتي ومرتفع إله خلاصي لذلك أحمدك يارب في الأمم وأرنم لاسمك (مز 18: 46- 49). فشكرا لمن له السلطان الأبدي والذي جاء بسلطانه لكي يجدد لنا الأمل ويعطينا الأمان بعد أن فقدناه بالخطية ومحبة العالم الزائلة. وشكرا لمن بسلطانه أبطل سلطان الموت وأعطانا الخلاص من خطايانا بدمه وأسراره المحيية وإلي اللقاء في عظة الأحد المقبل مع فريسي عطشان وقلب مليان وحب وغفران.
[email protected]
للقمص روفائيل سامي
طامية – فيوم