أثارت الأزمة التي نتجت عن مباراة مصر والجزائر الأخيرة التي أقيمت في السودان مؤخرا الكثير من ردود الفعل الغاضبة تراوحت ما بين طرد السفير الجزائري من مصر, وسحب السفير المصري من الجزائر, إلي حد قطع العلاقات المصرية – الجزائرية, وهو ما أيده الإعلام المصري الذي تسيطر عليه ردود الفعل الغاضبة التي أيدت إلي قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين استجابة للثأر لكرامة مصر والمصريين, وفي خطاب الرئيس مبارك أمام البرلمان أكد علي أن مصر تركز علي ضبط النفس في تقييم علاقاتها الخارجية, رافضا الانفعال في الوقت ذاته شدد مبارك علي أن كرامة المصريين من كرامة مصر, وأن رعايتهم في الخارج مسئولية الدولة وأن مصر لا تقبل المساس بهم أو التطاول عليهم والمساس بكرامتهم.
فسر الدكتور عبدالمنعم المشاط الأستاذ بجامعة القاهرة الأمر من زاوية مختلفة إذ قال: ما حدث كان تصعيدا إعلاميا ضخما من الجانبين لصالح لاعبين قدامي يعملون في مجال الإعلام ولذا فإنهم عزفوا علي قلوب وعقول مشاهديهم, وعملوا علي تعبئتهم لصالح قنواتهم وما كان ينبغي الانسياق وراء ذلك.
وأوضح المشاط أن لا ينبغي التلاعب بمصالح الوطن بل يجب التهدئة لأن قطع العلاقات الدبلوماسية ليست لعبة لأن لها أبعاد سياسية خطيرة, ولكن في الوقت ذاته لا يجب علي الترهيب الذي حدث للمصريين في السودان ولا المصالح الاقتصادية في الجزائر.
توقع المشاط أن يتم لقاء قريب بين الرئيسين مبارك وبوتفليقة في إطار ضبط النفس, وطمأنة الرأي العام في البلدين والتعامل مع المسألة بشكلها الطبيعي, وأن ما حدث من استدعاء للسفير هو مجرد خطوة لتهدئة الرأي العام وأنه لم يكن ضرورة لذلك ولكنها خطوة معقولة في ظل الغضب الشعبي حاليا.
أشاد المشاط بخطاب الرئيس مبارك أمام البرلمان واعتبره نقلة نوعية في السياسة الخارجية لمصر, ولابد من تطبيق ما جاء في الخطاب, لأن ذلك سيحفظ للمواطن المصري كرامته لشعوره بأن هناك دعما سياسيا له من قبل المؤسسات الدبلومساية, لأن هذه الأزمة فجرت قضية خرق حقوق المواطن المصري في الخارج عامة.
وهو ما أكده الدكتور عمرو هاشم ربيع الخبير بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام بقوله: خطاب الرئيس مبارك هادئ وأنه لن يحدث شيء في الفترة المقبلة سواء كان قطع العلاقات أو إجراءات أخري من التي ينادي بها الشارع المصري, وإنما هذه الثورة مجرد قرصة ودن لمعرفة قيمة مصر ومكانتها سواء كان عربيا أو إقليميا.
هنا يتذكر هاشم مدينة بورسعيد وما تعرضت له في سنة 1956, حيث لم يبق بيت علي وجه المدينة نتيجة العدوان الثلاثي الذي كان سببه ما قامت به مصر من دور في الجزائر من أجل حصولها علي الاستقلال.
وفي الوقت ذاته يري هاشم بأن قطع العلاقات الدبلوماسية ليس بالأمر الهين بل أنه يحتاج إلي تفكير عميق بتريث, لأنه من السهل قطع العلاقات والمخاصمة ولكن المصالحة تكون صعبة جدا, فالمساس بالعلاقات الدبلوماسية يؤثر بدوره علي العلاقات الاقتصادية.
شدد هاشم علي أنه لابد من حسم هذه الأمور والحفاظ علي كرامة المصري ليس إعلاميا فقط بل عن طريق قيادة البلدين, وإلا ستأخذ الأمور أكبر من مداها في الفترة المقبلة.
أشار محمد أنور عصمت السادات مؤسس حزب الإصلاح والتنمية إلي أن ما يحدث الآن من استدعاء السفير للتشاور أو الخطاب الإعلامي هي إجراءات المقصود منها التهدئة, وهو ما ظهر في خطاب الرئيس مبارك الذي وضح منه عدم التصعيد, بل يجب التفكير بطريقة عملية لرد الاعتبار, وأخذ إجراءات موحدة للتعامل مع كل ما يحدث للمصريين في الدول العربية مثل السعودية, وليبيا, ودول الخليج, وليس ما حدث في السودان فقط.
أوضح السادات أن هذه الأزمة تحتاج إلي مواقف أكثر حسما للحفاظ علي كرامة المواطن المصري مثل التشدد التجاري والاقتصادي والتبادل العلمي والثقافي وهو ما يجعلهم يشعرون بالخطأ والتفكير ألف مرة عند الاقتراب من أي مصري أو الاقتراب من مصر مثلما يحدث في الحدود الشرقية من تعد علي أراضي مصر.
نوه السادات إلي أن ما حدث في السودان من قبل الجزائريين لم يكن هو المشكلة بل هو الذي فجر المشكلة الموجودة أصلا, وهي إهدار كرامة المواطن المصري من قبل الدول العربية والتهاون من جانب الحكومة المصرية علي أساس الحفاظ علي الوحدة العربية, وأن مصر هي الأخت الكبري لهم, ولذا آن الأوان أن تعرف الدول العربية مدي قيمة مصر وشعبها.