تهاني الجبالي:التمكين القانوني للأسرة المصرية هو إطار بدون صورة
افتتحت السيدة سوزان مبارك قرينة السيد رئيس الجمهورية المؤتمر السنوي السابع لاتحاد الجمعيات والمؤسسات الأهلية, والذي عقد تحت عنواندور الجمعيات والمؤسسات الأهلية في تمكين الأسرة المصرية. حيث أكدت أن قضية النهوض بأوضاع الأسرة المصرية شيء حتمي لترسيخ الالتزام لتأكيد مكانتها في المجتمع وتعزيز علاقات الترابط بين أفرادها وأجيالها, وتحسين ظروف معيشتها وتطوير التشريعات التي تكفل للأسرة الحماية والرعاية وضمان الاستقرار.
وذكرت أن تحركنا في هذه القضية المهمة يتأسس علي عدة مباديء تستهدف الحفاظ علي قيم ومقومات الأسرة المصرية والتعامل مع أفرادها باعتبارهم شركاء حياة ومصير,يسعون معا لتوفير حياة أفضل تربطهم قيم التراحم والود والتكافؤ والتعاون القائم علي مسئولية الفرد وحرية اختياره, وعلي الحوار والتواصل في إطار الأسرة وخارجها.مع إرساء مسئولية الدولة عن تهيئة الظروف المواتية للحفاظ علي سلامة الأسرة وتماسكها وتمكينها وحماية قيمها وكيانها من عوامل العنف والتفكك ,عن التحديات التي تعوق التحرك في الاتجاه المطلوب ,قالت السيدة سوزان مبارك إن الأسرة المصرية شهدت تحولات عديدة تعكس في مجملها التحولات من حولنا في مجتمعنا ومنطقتنا والعالم وطالت اقتصادات تدبير شئون الأسرة ومنظومة قيمها وطبيعة العلاقة بين أفرادها وعلاقتهم بمجتمعهم, وأوضحت أن الاقتصاد الأسري يشهد الآن في كافة شرائح المجتمع المصري اعتمادا متزايدا علي عمل الزوجة كشريك في تدبير دخل الأسرة ومواجهة نفقات المعيشة, ولم تعد هناك الأدوار النمطية المتعارف عليها داخل الأسرة للزوجوهي اعتبار الزوج المسئول الأساسي عن إعالة الأسرة فيما تضطلع الزوجة بمسئولية رعاية الأطفال والأعمال المنزلية.
وقالت إنه صار لدينا مفاهيم وقيم جديدة تعترف بالمسئولية المشتركة للزوجين في إعالة الأسرة ورعاية وتنشئة أبنائها, بل وصارت المرأة المعيلة هي العائل لنحو 30% من الأسر المصرية وفقا للعديد من الدراسات والأبحاث, وأن اهتزاز الترابط الأسري في المجتمع أدي إلي زيادة معدلات الطلاق بين حديثي الزواج حتي تراوحت نسبة الطلاق بين 13% عام 2004و40% عام .2008وهو ما يؤكد الأهمية البالغة لتمكين المرأة باعتبارها عنصر أساسي في جهود تمكين الأسرة المصرية والنهوض بأوضاعها.
وأوضحت أن العلاقة بين الوالدين والأطفال لم تعد كسابق عهدها, حيث تغير مفهوم الدور النمطي للأطفال من دور المتلقي المنفذ لرغبات الوالدين لمفهوم أكثر قبولا لحقوق الأطفال وأكثر تقبلا لتعبيرهم عن آرائهم ورغباتهم ,أكدت قرينة رئيس الجمهورية أن الحاجة تشتد لمواجهة الظواهر الدخيلة عليها وعلي ثقافة مجتمعنا ولنتصدي للتراجع في التزام بعض الأسر بمسئولياتها في حماية ورعاية أفرادها الأكثر ضعفا من الأطفال والمسنين لما يفرزه ذلك من مشكلات أسرية ومجتمعية كعمالة الأطفال وأطفال الشوارع وزواج القاصرات من كبار السن في شكل واضح من أشكال الإتجار بالبشر.
تحدث الدكتور علي المصيلحي وزير التضامن الاجتماعي عن تطور مفهوم التنمية الذي محورها الإنسان من مرحلة الاعتمادية إلي مرحلة التمكين والقدرة علي الإنتاج وبناء الإنسان من خلال مظلة حماية حقيقية, وهذا من شأنه إنقاذ الأسرة المصرية.
ألقت مشيرة خطاب وزيرة الدولة للأسرة والسكان كلمة أكدت فيها أن استراتيجية الوزارة تنطلق من تمكين الأسرة المصرية من خلال الحصول علي حقوقها والوفاء بالتزاماتها تجاه أفرادها وتعظيم قدراتهم الذي هو المدخل التنموي الصحيح لمعالجة القضية السكانية وتحسين نوعية حياتها ودورها الأساسي في تربية أولادها وإعدادهم للمشاركة في المجتمع بشكل سليم.
نوهت الوزيرة أن اللبنة الأساسية لتمكين الأسرة حقها للمعرفة لتؤهلها لاتخاذ القرار الصائب بشأن عدد أفراد الأسرة, مؤكدة أن النجاح الكبير الذي حققه المجلس القومي للطفولة والأمومة عبر ما يربو علي عشرين عاما قد مكن من التواصل مع أكثر الفئات احتياجا وتمكينهم من التغلب علي العقبات التي تحول دون وصولهم إلي حقوقهم.وأوضحت أن ليس هناك جهة أقدر علي التواصل مع الأسرة مثل المجتمع المدني ووسائل الإعلام.
وجاءت كلمة د.ماجد عثمان رئيس مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء حول التركيبة السكانية للأسر المصرية الأكثر فقرا بناء علي المسح الذي قام به المركز علي 13 ألف أسرة في نوفمبر 2009, والتي وجد أن نسبة الفقر بها وصلت إلي66% مع ظهور الزواج المبكر للفتيات بأقل 5 سنوات عن الأسر الغنية, بالإضافة إلي تضاعف مستويات الإنجاب لهذه الفئة بما لايقل عن 3 أطفال مع تردي الوضع الصحي للمواليد. لذا يرد د. ماجد ضرورة ترسيخ المفاهيم والمباديء السليمة مع دعم المبادرات الفردية والجماعية لتجميل وتحسين البيئة المحيطة,والحفاظ علي البنية التحتية للمجتمع المحلي, وأن تكون الأولوية للتعامل مع مشكلة الأمية من خلال تجفيف المنابع والتحول من المساعدات إلي التمكين الاقتصادي وبناء القدرات.
وتحدثت القاضية تهاني الجبالي نائبة رئيس المحكمة الدستورية العليا عن التمكين القانوني للأسرة المصرية, وأعربت عن قلقها إزاء العوامل المؤثرة علي التشريع في مصر الذي لايمكن أن تؤثر إن افتقدت العدل والإنصاف والتوازن بين الحقوق والواجبات والتي بذلك قد تصبح عوائق للتقدم والرقي ,حيث نجد قضاء غير مستنير ويحكم بالتشدد فنجد أن التمكين القانوني للأسرة هو إطار بدون صورة يحتاج إلي تكملة لتحقيق معادلة وجود أسرة آمنة سياسيا واجتماعيا وثقافيا واقتصاديا.
التمكين الاقتصادي ودور الجمعيات
وتحدثت الدكتورة جنات السمالوطي أستاذة بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة عن التمكين الاقتصادي للأسرة المصرية,ودور الجمعيات والمؤسسات الأهلية قائلة: من الممكن التركيز علي محاور ومؤشرات التمكين الاقتصادي للأسرة التي ترتبط بالقدرة علي النفاذ لسوق العمل والإنتاج وكسب الدخل.وتتمثل في التعليم والتدريب عالي الجودة والوصول إلي مصادر التمويل والائتمان,والتمكين الاقتصادي للمرأة وللشباب,بالإضافة إلي تقوية شبكات الضمان الاجتماعي لتمكين الأسر الفقيرة.
الزيادة السكانية بالأرقام
قدم د. طلعت عبد القوي رئيس الاتحاد النوعي لتنظيم الأسرة ورئيس مجلس إدارة الجمعية المصرية لتنظيم الأسرة ,مجموعة من الاحصائيات المهمة والتي تعبر عن أزمة الزيادة السكانية في مصر. حيث قال إن معدل الزيادة الطبيعية 21.2 لكل ألف من السكان, وأن نسبة استخدام وسائل الأسرة في الحضر64.3% في الريف 57.5% ومتوسط عدد أفراد الأسر بالريف 4.4 فرد ونسبة الأطفال أقل من 15 سنة هي31.7% ونسبة كبار السن 60 سنه فأكثر هي 6.1% ويصل إجمالي قوة العمل إلي 23.9 مليون نسمة ومعدل الزواج 8.4% لكل ألف من السكان والطلاق 1.1 لكل ألف من السكان وتصل الكثافة السكانية للمساحة المأهولة 963 نسمة/كيلو بل لقد وصل عدد المواليد العام الماضي إلي مليوني و250 ألف طفل.مع تدني خصائص السكان من الأمية والأمراض.
حول كيفية مساهمة الجمعيات الأهلية في حل الأزمة السكانية قال عبدالقوي: العمل علي تقديم حزمة من خدمات الصحة الإنجابية وتنظيم الأسرة ذات جودة عالية في المناطق المحرومة من الخدمة وذات معدل نمو سكاني مرتفع وذات المعدل المنخفض في استخدام وسائل تنظيم الأسرة, تغيير الاتجاهات والسلوك لتبني مفهوم الأسرة الصغيرة من خلال تنظيم قوافل للدعوة بالمحافظات والمراكز والقري لإقناع الأسرة المصرية بتبني الأسرة المكونة من طفلين في عام .2012
استراتيجية مصرية للتمكين الاجتماعي
تقدمت الدكتورة إقبال الأمير عميدة المعهد العالي للخدمة الاجتماعية بالقاهرة ورئيسة مجلس إدارة جمعية حواء المستقبل باستراتيجية للتمكين الاجتماعي للأسرة المصرية أوضحت في بدايتها التغيرات التي طرأت علي الأسرة المصرية من تغيرات اجتماعية واقتصادية والتحول التكنولوجي الهائل في شتي المجالات والتي تهدد مكانة الأسرة في المجتمع وتهدد بناءها ووظائفها التي ظلت راسخة عبر قرون طويلة من الزمان, وقد نتج عن ذلك ما نراه الآن علي نطاق واسع من انحراف وجرائم وتشرد الصغار وتفكك للأسرة وعزلة للمسنين وانتشار ما يعرف بالأسرة الفردية التي يمثلها طرف واحد أرملة – مطلقة – مسن – عاجز, أو ما يعرف بالأسرة الراعية مع اتجاه شامل لدي النظم الاجتماعية لإنهاء ظاهرة الأسرة الممتدة وتحويلها إلي الأسرة النواة,ولاشك أن كل ذلك قد ينتج عنه آثارا سلبية علي العلاقات بين أفراد المجتمع ويهدد تماسك المجتمع ككل.