*الإعلام غير الرسمي يهدم كل شئ
والحوار المجتمعي السبيل الوحيد
*تدريس حقوق الإنسان في المدارس والجامعات…ضرورة
[email protected]
عقد المجلس القومي للمرأة بالتعاون مع الوكالة الأمريكية للتنمية الأسبوع الماضي مؤتمرا دوليا حول العنف ضد المرأة تحت رعاية السيدة سوزان مبارك, واستهدف إطلاق مبادرة قومية للحد من هذا العنف.
تكشف للمشاركين-مصريين وأجانب-أن العنف ضد المرأة قضية عالمية,وإن اختلفت في بعض تفاصيلها وفي طرق مواجهتها,ذلك العنف لا يعد تهديدا وانتهاكا للمرأة فقط وإنما تنعكس آثاره السلبية علي المجتمعات بأسرها,فيضر بالأطفال وينشئ جيلا جديدا ممن يقاسون نتائج العنف وقد يعيدون غرس أشواكه في المجتمع, كما يعوق المرأة عن المشاركة المجتمعية مما لا يسئ فقط لتحقيقها لذاتها كحق إنساني وإنما يحرم المجتمع ككل من مشاركتها وقدراتها وعطائها.
هذا ما أكدت عليه د.فرخندة حسن الأمينة العامة للمجلس القومي للمرأة مشيرة إلي أن الهدف الأشمل هو القضاء علي العنف ضد كل فئات المجتمع,وإن كان المجلس القومي لحقوق الإنسان معنيا بذلك تجاه المواطنين جميعا والمجلس القومي للطفولة والأمومة ينشط في مواجهة العنف ضد الأطفال,فإن المجلس القومي للمرأة معني بالقضاء علي العنف ضد المرأة ويسعي إلي وضع استراتيجية قومية لذلك بعد تشخيص الوضع بدقة من خلال دراسة شارك فيها خبراء علم النفس والاجتماع والمراكز البحثية والجمعيات الأهلية لتعكس الواقع من جوانبه المختلفة.
الفقر المتهم غير البرئ
اتفق كثير من المشاركين علي أن الفقر أحد الأسباب الرئيسية للعنف,فقالت الوزيرة عائشة عبد الهادي وزيرة القوي العاملة والهجرة إن العنف لا يمثل ظاهرة عامة في مجتمعنا وإنما يرتبط بتعاظم مشاكل الفقر التي تنعكس بشكل كبير علي المرأة, واعتبرت أن تمكين المرأة اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا مهما لحمايتها من العنف,وهذا ما أكده أيضا السفير جمال بيومي ممثل وزارة التعاون الدولي, مضيفا بأن السبيل للحد من العنف يكون بتقوية دور المرأة في برامج التنمية.
رؤية دولية
عبرت الدكتورة ياكين أرتورك المقررة الخاصة بمكافحة العنف ضد المرأة في الأمم المتحدة عن رأيها قائلة:العنف ضد المرأة لا يخص المرأة فقط وإنما المجتمع ككل وأننا نحتاج إلي فهم شامل لقضايا العنف ضد المرأة,ومواجهته شراكة بين الدولة والمجتمع المدني,ويقع دور الدولة في صياغة القوانين لمعاقبة من يخطئ في حق المرأة.
تحدثت المستشارة روبين رونج مديرة مكافحة العنف المنزلي ورابطة المحامين الأمريكية عن العنف ضد المرأة في إطار حقوق الإنسان وتنمية الاستراتيجيات الوطنية, وأشارت إلي دور المؤسسات المدنية لتقديم المساعدة القانونية للنساء المعنفات مع الإعانة الاقتصادية.
عرضت د.جاكلين كاميل أستاذة التمريض بجامعة جونز هوبكنز الأمريكية دراسة عن تعرض المرأة المعنفة للأضرار النفسية والصحية والبدنية,مستنتجة من واقع الأبحاث أن ظاهرة العنف المنزلي في تزايد مستمر, وإن اختلف من دولة لأخري ومن مكان لآخر داخل الدولة ذاتها.
خطوط عريضة
ضم المؤتمر ورش عمل متوازية لوضع ملامح عامة لاستراتيجية قومية لمواجهة العنف ضد المرأة, حول المحور القانوني عرض المستشار محمود غنيم اقتراحات ورشة العمل بمراجعة المنظومة التشريعية وتنقيتها من بعض القوانين المميزة ضد المرأة ومنها قانون العقوبات في حالة الزنا.
ودعا إلي أهمية سن قانون يحمي من يتعرض إلي مضايقات في أماكن العمل لها إيحاء جنسي(التحرش الجنسي) سواء كان رجلا أو امرأة,وقانون يعطي المرأة المطلقة غير الحاضنة لأطفال الحق في سكن آمن.
أكد غنيم من جهة أخري علي أهمية إدارج مادة حقوق الإنسان في كل الصفوف الدراسية,وخاصة في كليات الشرطة وكليات الخدمة الاجتماعية لتأهيل رجال الشرطة والعاملين في مكاتب تسوية النزاعات الأسرية بكيفية التعامل مع المرأة الضحية بكل كرامة.
وحول محور المجتمع المدني قدمت د.نجوي خليل مديرة المركز القومي للبحوث الاجتماعية أهم توصيات ورش العمل التي جاء في مقدمتها العمل عليتثقيف المقبلين علي الزواجعلي المفاهيم الصحيحة التي تتعلق بالحياة الأسرية وتفعيل دور المؤسسات الدينية الإسلامية والمسيحية في إيحاد آليات متواصلة للعمل علي ذلك, وإتاحة كافة المعلومات حول الخدمات المتاحة للمرأة المعنفة وتوفير خط ساخن مجاني لذلك,وغرس وتعزيز الوازع الديني وتغيير الخطاب الديني بما يحقق صالح الرجل والمرأة معا نفسيا واجتماعيا ودينيا من منظور حقوقي مع العمل علي إيجاد منظومة متكاملة علي المستوي المجتمعي لحماية المرأة من العنف تشمل كافة الجهات والمؤسسات المعنية بتوفير خدمات للمرأة مثل دور الإيواء والجمعيات الأهلية والوحدات الصحية.
الإعلام الرسمي وغيره
عرضت الأستاذة أمينة شفيق دور مؤسسات التنشئة الاجتماعية والتي تسهم في صياغة العقل والوجدان المصري في مواجهة العنف ضد المرأة فقالت:المؤسسة التعليمية والدينية والإعلامية والثقافية والمجتمع المدني تتشارك في صياغة العقول وتكوين الاتجاهات,ومن هنا نريد أن نركز علي مضمون الرسائل والمفاهيم التي تقدمها ونحدد الجهة التي بمتابعة ما تقدمه وندق ناقوس الخطر إذا لزم الأمر…إلا أننا لا نستطيع أن نتجاهل أنه بجانب المؤسسات الرسمية هناك مؤسسات غير رسمية تبث برسائل معاكسة وقد تهدم كل ما نبنيه.
ثم طرحت تساؤلات:ما هو الطريق للحل؟…أمامنا اختيارين لا ثالث هما إما عودة الرقابة أو إدارة حوار مجتمعي نتشارك فيه جميعا لإقناع هؤلاء برسالتنا لينضم إلي صفنا بإرادته ونكسبه لصالح عقل وضمير المجتمع المصري.
استراتيجية مصرية
أعلنت د.فرخندة حسن في البيان الختامي للمؤتمر أنه يتعين علي مصر أن تضع استراتيجية قومية تؤدي إلي تقليل العنف ضد المرأة والقضاء عليه في نهاية الأمر,ومع الاستفادة من الخبرات الدولية والبناء علي المعايير الدولية إزاء هذه الظاهرة الآن الاستراتيجية المرتقبة يجب أن تكون متأصلة في جذور الواقع المصري وتحترم ثقافة مصر وتقاليدها…وإن تستند إلي مشاركة الوزارات المعنية والمجتمع المدني والخبراء في مجالات متعددة هذا مع استيعاب خبرات المواطنين العاديين واعتماد خطة عمل محددة الأدوار للأطراف المعنية حكومية وأهلية وتوفير أساليب التقييم والمتابعة.