منذ أن وضع محمد العزبي باشا وكيل وزارة الداخلية الشروط العشرة القاسية لبناء الكنائس في عام 1934 والملف القبطي في حوزة الأمن.. وعلي امتداد سنوات طويلة تشكل أكثر من سبعة عقود من الزمان عاش الأقباط في فزع مع تعاظم دور البوليس في حياتهم وفق سياسات خطط لها الرئيس الأسبق السادات الذي أطلق مقولة: أنا رئيس مسلم لدولة مسلمة, ففي عهده عشنا أحداثا طائفية مؤسفة كانت بدايتها في الخانكة عام 1972, وتوالت في عهد خليفته مبارك وكان آخرها حادث كنيسة القديسين بالإسكندرية, والتي كشف فيما بعد أنها كانت بتخطيط من قيادات الأمن بعد أن طغي العقل الأمني واستحوذ جهاز أمن الدولة علي الملف القبطي كاملا.
السؤال الآن بعد إلغاء جهاز أمن الدولة: هل سيعود الملف إلي مكانه الطبيعي, وتعرض قضاياه وتعالج في إطار من المواطنة والدولة المدنية التي ننشدها؟.. سؤال محير فالمتحدث الرسمي لوزارة الداخلية خرج علينا مهللا بأن مصر تحررت من رعب جهاز مباحث أمن الدولة بعد أن قرر اللواء منصور العيسوي وزير الداخلية إلغاءه, إلا أنه عاد معلنا أن الوزير قرر في الوقت نفسه إنشاء قطاع جديد تحت مسمي قطاع الأمن الوطني.. وهنا نخشي أن ينتقل الملف القبطي إلي قطاع الأمن الوطني بعد أن كان كثيرون من المصريين تلقوا خبر إلغاء جهاز أمن الدولة بالفرح, فإن الأقباط تلقونه بحذر أضاع الفرحة من حلوقهم, لأنهم لا يعرفون مصير ملفهم ويخشون أن يعود إلي القطاع الجديد -الأمن الوطني- وكلاهما كما قلت من قبل أمن.
التخوف الأكبر أن يختلط الدين بالسياسة, وتتغير أوراق الملف القبطي وتتناثر, وتحل قضاياهم وتناقش في جلسات دينية يستخير فيها الدعاة الله, علي نحو ما شاهدناه في معالجة مشكلة أطفيح.. وهذا توجه أخطر يعظم دور الدولة الدينية ويفقدنا الأمل في الدولة المدنية, ولا نقصد بهذا التخويف والرعب, ولكننا نقصد الدعوة لليقظة والإيمان, ولنرتل مع داود النبي: الرب نوري وخلاصي ممن أخاف, الرب ناصر حياتي ممن أجزع (مزمور 27: 1).
[email protected]