منذ بدايته يمتاز الفنان أحمد حلمي بتقديم أدواره بعمق ولا يتعامل مع الفيلم الكوميدي من منطلق كونه مجموعة من الاسكتشات هدفها الإضحاك فقط,ولكنه كان يقدم كوميديا راقية بلا ابتذال وإن كانت تهتم بالتسلية دون التعرض لمشكلات اجتماعية وكان هذا هو النقد الموجه لأفلام أحمد حلمي ومنهاذكي شان وجعلتني مجرماوكده رضا…وفي فيلمه الرائعآسف علي الإزعاجاستطاع أحمد حلمي أن يحرز تقدما فريدا تم المزج فيه بين الكوميديا والشجن,ونجح المخرج خالد مرعي في صنع قصيدة أقرب إلي السيمفونيات الموسيقية التي تتسلل إلي العقل والوجدان في بساطة وعمق.
كتب سيناريو الفيلم الشاعرأيمن بهجت قمرمستوحيه من الفيلم الأمريكيعقل جميلبطولة راسل كرو.
تدور الأحداث حول مهندس الطيرانحسن صلاح الدين-أحمد حلمي في واحد من أجمل أدواره علي الإطلاق-الذي يشعر أن جميع من حوله يضطهدونه فيكتب رسائل إلي رئيس الجمهورية يشكو تلك المعاملة السيئة ويحكي له عن مشروعه العبقري الذي يقلل من وقود الطائرات-المهندس حسن يعشق والده الطيار-المبدع محمود حميده-فهو تقريبا صديقه الوحيد الذي يتحاور معه وير شده علي كيفية التعرف علي فتاة يراها في الكافيه الذي يجلس به-منه شلبي-والذي يعرف أنها وقعت ضحية لنصاب,ولكي يتقرب منها يدعي أنه صديق هذا الشخص ويدفع لها المبلغ لكي يلتقي بها ويعيش قصة حب معها,وفي ذورقة الأحداث الهادئة الجميلة نكتشف بالتدريج أن المهندس حسن مصاب بانفصام في الشخصية ويعاني من رؤية أشخاص ليس لهم وجود في الواقع,فوالده ميت وحبيبته لا توجد إلا في خياله!وهنا وبمهارة تتحول حالة الكوميديا بالفيلم إلي حالة شجن عبرت عنها بقوة أغنية المطربة شيرين ويدخل المهندسحسنالمصحة ويتلقي العلاج وتنتهي حالة الشعور بالاضطهاد ويبدأ في تنفيذ مشروعه,ويكتب خطابة إلي الرئيس يعتذر فيه عن إزعاجه له ولكنه يكتشف أن صندوق البريد الذي كان يضع فيه خطاباته السابقة خارج الخدمة!
الفيلم بالإجمال يقدم حالة مختلفة وجديدة في السينما المصرية التي قدمت في عدد كبير من الأفلام صورة هزلية فقيرة للمريض النفسي فهو إما أن يكون مجنونا أو في الصورة النمطية لـعبيطالقرية.
ناقش الفيلم بعض القضايا المهمة الخاصة بالمخترعين الشباب والذين لا يعرفون إلي أين يلجأون بابتكاراتهم,وأن الحل الدائم لمشاكلنا يكون عن طريق اللجوء إلي رئيس الجمهورية,في مشاهد قليلة عبر الممثل الجميلمحمد أشرفعن فئة الشباب المتعطل الذين يقضون معظم حياتهم علي المقهي وتكاد الدنيا تختفي بالتدريج من أمام أعينهم.
مشاركة ممثلين بقيمة محمود حميدة ودلال عبد الغرير وأحمد فؤاد سليم بالفيلم أضافت لمسات جيدة.أما موسيقي عمرو إسماعيل فقد تغلغلت في الدراما وحولتها إلي أنغام يخرج المشاهد من دار العرض وهي في قلبه.
المشكلة التي كانت تواجه ممثلي الكوميديا من أمثال محمد سعد ومحمد هنيدي هي كيفية الاستمرار لأنهم يعتمدون علي تقديم شخصيات وهمية مثل شخصيات الكارتون لها بصمة صوت وحركة وشكل وتتبخر سريعا بعد أن تلقي عددا من النكات,وهذا هو السبب في تراجع أفلام سعد وهنيدي,أما أحمد حلمي فهو يمتلك الذكاء والموهبة ويمتلك أقنعة متعددة لأداء أية شخصية.
E.m:[email protected]