يمتلك الكاتب وحيد حامد قدرة مذهلة علي نسج خيوط السيناريو ومعالجته بحرفية وعمق في نفس الوقت,والعديد من أفلامه يشهد علي براعته في صنع مزيج من الفكر والبهجة…ولكن في فيلمه الجديدالوعد,حاول أن يقدم نصا إنسانيا فسلفيا في إطار تجاري,فظهر الانقسام بين النصف الأول من الفيلم الذي تضمن حوارا ومشاهد في قمة الرقي والنصف الثاني والذي كان تجاريا بحتا.
يبدأ الفيلم بلقاء بين قاتل مأجور ينتمي إلي عصابة غامضة تحيطها الأسرار يدعييوسفقام بدوره في حالة تألق وتوهج الممثل الكبير محمود ياسين,وعضو جديد في هذه العصابة يدعيعادل…قام بدوره الممثل آسر ياسينفي أول بطولة مطلقة له أثبت فيها جدارة ومقدرة كبيرة.يوسفيعيش في أيامه الأخيرة بسبب السرطان ولأنه علي مقربة من الموت أصبح شبه فيلسوف اختبر الحياة ومارس الشر فيقدم لـعادلنصائح صادقة ويطلب منه أن يعده بأن يقوم بدفنه لأنه وحيد,ويصر يوسف علي أن يدفن فوق ربوة عالية تطل علي البحر مبررا ذلك بكونه لم يعش حياته بمزاجه فعلي الأقل يدفن بمزاجه!!ويكتشف عادل أنيوسفقبطي وهنا تجب الإشارة إلي براعة وحيد حامد في تقديم نماذج درامية من الواقع صدقها الفني يتجاوز الأديان فلا يسبب للمشاهد أي استفزاز أو حساسية.لأن الشخصية تقدم حالة إنسانية أولا وأخيرا.وبين البشر لا يوجد ملائكة.ونعود لأحداث الفيلم حيث يضطر عادلللذهاب إلي الكنيسة للبحث عن حانوتي قبطي -يقوم بدوره بإبداع أحمد عزمي-وبعد محاولات تنشأ بينهما صداقة ويتعاونا في دفنيوسفالذي يأمر رئيس العصابة-غسان مسعود-بقتله واسترداد الأموال التي كان قد أرسلها بكامل إرادته له بدون أي مبرر درامي! إلي هنا ينتهي النصف الأول من الفيلم وأقصد بعد دفن يوسف فوق الربوة العالية.
بعدها تسقط الأحداث إلي مطاردات تجارية بين العصابة وعادلالذي يسرق منها ثلاثة ملايين جنيه,ويهرب إلي المغرب.وإن كنا استمتعنا قليلا بالمشاهد الطبيعية في المغرب إلا أن المطاردات هناك كانت سخيفة خاصة وأن العصابة اقتحمت بعض البيوت أثناء مطاردةعادلووجدنا كل هذه البيوت خالية تماما من البشر!!ويعود عادل إلي مصر ويقرر الانتقام من رئيس العصابة بمعاونة الحانوتي جرجس فيسرقا منهالفرسةالأسيرة لدي رئيس العصابة وعندها-تخضع العصابة لطلباتعادل وفجأة نجد البوليس يقتحم المكان ويلقي القبض علي رئيس العصابة وكأن البوليس جاء من فيلم آخر يعرض بإحدي القاعات المجاورة لفيلمنا الوعد!!!
وعلي الرغم من الثغرات العديدة بالسيناريو وعدم منطقية الكثير من الأحداث.إلا أن محمود ياسين استطاع أن يقدم فيلما مختلفا ومتميزا فإلي جانب شهادة الميلاد التي قدمها للممثلآسر ياسينفالفيلم يعد اكتشاف حقيقيا لموهبةروبيالتي قامت بدور الفتاة الساقطة التي تكلفها العصابة بمراقبة عضوها الجديد إلا أنه تقع في حبه.فجاء أداء روبي تلقائيا وبسيطا..ونجح المصور محسن أحمد في تقديم صورة بديعة خاصة في النصف الأول من الفيلم وكذلك المشاهد الجميلة للمغرب.وعبرت موسيقي تامر كروان عن الأحداث بهدوء وعمق.
E.m:[email protected]