الضجة الكبري التي أثارها فيلمحين ميسرةقصة وإخراج خالد يوسف وسيناريو ناصر عبد الرحمن هي التي دفعتنا لمشاهدته.ولم يكن من الصعب بعدإظلامالشاشة ومغادرة قاعة العرض الوصول إلي أسباب هذه الضجة,فالفيلم ببساطة قام بتعرية جزء من مجتمع يعشق تغطية كل آثامه وخطاياه بطبقات كثيفة من المكياج الفاسد والكذب المتقن الذي توفره دراما مسلسلاتالفيلاتالعريقة وسينماالإيفهاتالفارغة…نحن أمام فيلم استخدم الكاميرا كمشرط جراح دخل أماكن الأورام المنتشرة بالقاهرة والمعروفة بالعشوائيات والتي يقطنها نحو15مليون مواطن يبحثون في الوجود علي عنوان لهم.كما تقول إحدي أغنيات الفيلم المعبرة عن واقع قاس إذا أرادات الضمائر أن تهرب منه فإن الكاميرا قامت بمواجهته.
حكايات الفليم متعددة ولكن نستطيع أن نتبين منها بعض الخطوط الرئيسية,من ذلك حكاية أم رضا-تقوم بدورها في إتقان وتألق الفنانة هالة فاخر-وهي أم سافر ابنها إلي العراق منذ ما يزيد علي15عاما,وهي تنتظره لكي يعود وينقذها من فقرها المدقع,هي وكومة الأطفال التي تركهم لها,وأيضا أطفال ابنتها التي قتلها زوجها.يعاونها في حمل همهم ابنها الثاني عادل-قام بدوره في أول بطولة له الممثل الشاب عمرو سعد-وعادل هذا مثل جميع جيرانه فيالعششيعيش بشكل عشوائي أحيانا يكون فتوة وأحيانا ضحية وأحيانا تأخذه الشهامة فينقذ فتاة-ناهد-تقوم بدورها سمية الخشاب-من الاغتصاب,ونتيجة لغرق مطاردها يحكم عليه بالحبس 6شهور.
وهذا ينقلنا إلي حكايةناهدالتي تهرب من منزل والدتها نتيجة لتحرش زوج والدتها المستمر بها.وعندما ينقذها عادل من الاغتصاب تقيم علاقة معه ولكن نظرا لفقر الشديد يعجز عن الزواج منها فتتخلص من طفلها بتركه في أحد الأتوبيسات,وهذا يمثل خطا دراميا آخر عن أطفال الشوارع.وتتعرض ناهد للعديد من الانتهاكات النفسية والجسدية تصل إلي أقصاها عندما تطلب إحداهن منها ممارسة السحاق ثم يغتصبها مجموعة من المدمنين,وتتحول إلي راقصة تتعاون مع أحد رجال الأعمالكرشوة لتسهيل الأمورة المعقدة.
أما عادل فيتعاون لفترة مع الشرطة كمرشد للإبلاغ عن الجماعات المتطرفة المنتشرة في العشوائيات,ولكن الضابط يجد أن عادل مغرور فيقوم بتلفيق قضية مخدرات له,يحبس علي أثرها5سنوات…وعندما يخرج يجد أن العراق قد سقطت والذين عادوا منها لا يعرفون شيئا عن أخيه رضا,ولكن الجهات الأمنية تقول إنه أصبح عضوا في تنظيمالقاعدةمما يعرض أسرته وجيرانه لتعذيب رهيب..وهنا كان لابد من المواجهة بين الشرطة والجماعات المتطرفة والتي يقودها سائق التاكسي -قام بدوره الفنان أحمد بدير-ويلعب عادل علي الشرطة مقابلمبلغمن الجماعات ثم يحاول أن يقنع والدته بترك المنطقة والهروب ولكنها ترفض…
حكايات الفيلم عديدة ومتشعبة وكلها ذات دلالات تحذيرية خطيرة حول القنابل الموقوتة في تلك العشوائيات ولعل أكثرها دلالة المشهد الأخير للقطار الذي تستقله ناهد وعادل وابنهماطفل الشوارعبل وحفيدهما فوق سطح القطار دون أن يلتقوا..ولكن القطار القاسي يسير…
لعبت موسيقي الفيلم لكمال الطويل وياسر عبد الرحمن دورا مهما في تخفيف وقع الأحداث الصادمة المتتالية.كذلك دور الممثل الشاب عمرو عبد الجليل الذي قدم نوعا من الكوميديا السوداء في قلب الدراما السوداء والتي استمدت لونها من واقع أكثر سوادا.
Em:[email protected]