واحد -صفرنتيجة مباراة مصر والكاميرون في نهائي كأس الأمم الأفريقية عام2008 وهو الحدث الذي استوحت منه الكاتبة مريم ناعوم أولي تجاربها في الكتابة للسينما,واستطاعت بمهارة فائقة وإبداع كبير أن تقدم عددا من النماذج البشرية المختلفة خلال هذا اليوم مستخدمة رمزية الحدث ما بين الفوز والهزيمة…ولكن بعيدا عن الملعب بل في نفوس وأحلام الشخصيات الذين قدمتهم في بداية الفيلم كجزر منعزلة وكأنهم يسبحون في المطلق لنفاجأ بارتباطهم الوثيق بعضهم البعض رغم التناقض العجيب الظاهر بينهم.
المحجبة والمغنية
تقوم الممثلة نيلي كريم بدور فتاة محجبة تذهب للمرضي لكي تعطيهم الحقن وأحلامهم المجهضة تتمثل في رغبتها في شراء الملابس الكثيرة والراقية وهو الأمر الذي لا يوفره لها دخلها البسيط…أما الممثلة زينة فتقوم بدور مغنية تعتمد علي الإثارة لا الصوت في تقديم أغاني هابطة ولكنها أصبحت نجمة في وقت قليل نتيجة لعلاقتها غير الأخلاقية بمخرج شهير وهي تستعد لمباراة مصر والكاميرون بتقديم أغنية وطنية!ولكن ما العلاقة بينها وبين الفتاة المحجبة…ببساطة هي أختها وفي مشهد قوي وصادم بينهما نكتشف أن المغنية تعاون أسرتها في حين أن المحجبة تهتم بنفسها فقط…والاثنتان من ضحايا متطلبات حياة لا ترحم!
الكوافير والبلانة
تقوم الممثلة انتصار بدوربلانةوهي مهنة كادت أن تنقرض,دورها هو تزيين العرائس قبل زفافهن بطرق بدائية,وهي سيدة تكدح طوال النهار وإن كانت تغش في الكريمات لتحصل علي أموال أكثر,أما الكوافير فيقوم بدوره الممثل أحمد الفيشاوي وهو شاب ماهر في مهنته يحلم أن يكون له محل مستقل به ويحاول أن يسرق زبائن المحل الذي يعمل فيه وعندما يكتشف صاحب المحل ذلك يطرده ويعايره بمهنة أمه,التي نعرف أنها هي البلانة,والتي ذاقت المر لكي تربي ابنها,ولكنه يتأثر سريعا بكلام صاحب المحل عنها ويتشاجر معها,مما يؤثر كثيرا علي نفسيتها,وعلي الرغم من الإهانات والأذي النفسي الذي تتعرض له هذه الأم إلا أنها تعرض كل ما تملك لكي يفتح ابنها محل الكوافير الذي يحلم به,وإن كان حلمه المجهض الأكبر هو حبه للمغنية التي كانت جارته وأصبحت الآن نجمة كبيرة!!
المذيع والمطلقة
تقوم إلهام شاهين بدور امرأة مسيحية عانت الكثير من زوجها الذي تصفه بالحرامي والذي قام بإهانتها لأكثر من6سنوات ثم هجرها 3سنوات وحصلت علي الطلاق بعد5سنوات وهي تجاوزت الأربعين وتحلم بالأمومة وهي تقيم علاقة مع شخص تعلن حبه وتحمل منه.وعندما تذهب للمحامي لكي تطلب تصريحا بالزواج الثاني يخبرها إن هذا غير جائز لأنها هي التي طلبت الطلاق المدني والكنيسة أعطت التصريح لزوجها.وعندما يعرض عليها الإسلام كحل لمشكلتها ترفض ذلك بشدة.
ويقوم خالد أبو النجا بدور مذيع مشهور يقدم برنامج في إحدي الفضائيات يستضيف من خلاله المغنيةزينة ويسخر من صوتها القبيح وهو ساخط وصامت علي الكثير من الأمور الخطأ التي تجعله يهرب دائما إلي الخمر,وتكشف الأحداث أن هذا المذيع المسيحي هو حبيب المرأة المطلقة والذي عندما يكتشف حملها يرفض الزواج منها.
وهذا يؤكد علي أن الفيلم لم يتعاطف مع هذه السيدة بل علي عادة الأفلام الأبيض والأسود فهي شخصية يعاقبها الجميع حتي الشخص الذي أحبته يريدها لنفسه بلا أي مسئولية كما أنها حامل بدون زواج.ولا أتفق أبدا مع المحامين الذين قدموا بلاغات للنائب العام ضد الفيلم بسبب هذه الشخصية,فهي نموذج درامي يمثل نفسه فقط ولا يسقط علي كل النساء المسيحيات تماما قدم الفيلم شخصية المغنية المسلمة التي تسقط في الرذيلة مع المخرج المعروف مقابل أن يجعلها مشهورة وتساؤلاتها حول الزواج والطلاق تساؤلات مشروعة.هناك في المجتمع حالات كثيرة تطرح نفس التساؤلات.
المنادي والسايس
يقوم النجم المتوهج لطفي لبيب بدور سايس عجوز يعيش مع حفيده الشقي المتشرد-قام بدوره بإبداع الطفل كامل أشرف-ورغم مشاهدهما القليلة بالفيلم إلا أنهما أضافا الكثير من خلال تسليط الضوء علي تجار الحشيش وعالم المهمشين.
المباراة
تصل أحداث الفيلم إلي الذروة وقت المباراة حيث يصدم المذيع الطفل المتشرد بسيارته ويذهب به إلي المستشفي حيث يرفض الأطباء تركالمباراة لإنقاذ الطفل.وحتي قسم الشرطة أيضا يتحول إلي مقهي,وفي نفس التوقيت يقبض أمين شرطة-يعاني من الكبت الجنسي-علي الفتاة المحجبة وصديقها بائع السندوتشات بحجة الفعل الفاضح في الطريق العام ويأخذهما إلي نفس القسم.فتطلب الفتاة المرأة المسيحية المطلقة والتي كانت تعطيها الحقن لكن تضمنها لتفاجأ بحبيبها المذيع بالقسم,وتتشاجر المغنية مع المخرج-حسين الإمام-الذي يكسب من ورائها الكثير ويرفض إعطاءها شقة ليعيش أهلها معها,وتفوز مصر,وتخرج البلد في مظاهرات تنادي علي مصر الفائزة,والكل يصرخ باسمها من أعماقه لتلبي له احتياجاته الخاصة.
يمثل الفيلم تجربة مميزة وكأنه قصيدة شجن متوحشة جمعت في24ساعة شرائح من هموم المصريين وأحلامهم كبشر من لحم ودم ودموع,ويبحثون عن الفرح وهم معجونون بالأحزان,وعلي المستوي الفني أجاد كل المشاركين فيه من ممثلين وفنيين,ويحسب كعمل بديع لمخرجته كاملة أبو ذكري التي سيطرت بحرفية عالية علي العدد الكبير من النجوم والمشاهد لتقدم واحدا من أجمل الأفلام المصرية التي قدمت مؤخرا.
روبير
Em:[email protected]