طالما كانت سويسرا وطن الذكريات لكثير من الشخصيات الشهيرة.. رجال سياسة وفنانون وعلماء وثوريون وشعراء ممن تركوا بصمات مهمة في التاريخ الإنساني.
سويسرا اعتادت أن تحتفل بامتداد العام كعادتها بهؤلاء العباقرة تتابع خطاهم في الأماكن التي عاشوا فيها وأيضا كيف عملوا وفكروا.. من بين هؤلاء ألبرت آينشتاين (1879 – 1955), الكاتب الألماني هيرمان هيس (1867 – 1962), لينين (1870 – 1924), وموسوليني (1883 – 1945).
آينشتاين.. عاش هنا
لم يعش أكثر من سبع سنوات في العاصمة الفيدرالية برن, لكن لأنه ألبرت آينشتاين, فإن سويسرا تأبي أن تنسي هذه السبع سنوات, بل تفخر بها في كل مناسبة.
حتي أن عام 1905, الذي عمل خلاله آينشتاين كموظف فيدرالي في مكتب تسجيل براءات الاختراع السويسري, لقبه المؤرخون بـ عام المعجزة.. إذ شهد هذا العام قيام آينشتاين بنشر أربعة أبحاث علمية, وضعت الأساس لعلم الفيزياء الحديث كما نعرفه اليوم, وكان من بينها نظريته الشهيرة – النسبية.
وتمكن الرجل – الذي تخلي عن جنسيته الألمانية بسبب سياستها العرقية – أن يأخذ الجنسية السويسرية ثم الأمريكية, محتفظا بالسويسرية حتي وفاته.
وفي كل عام مع احتفاء سويسرا بعبقري القرن العشرين, لم تنس أن تدرج ضمن برنامجها عرضا جديدا في المنزل الذي عاش فيه مع أسرته بالمدينة القديمة في العاصمة برن.. ليظل ذلك المنزل مصدر افتخار علي أن آينشتاين عاش وغير وجه التاريخ من قلب سويسرا.
هيس.. ألماني بقبعة من القش
هيرمان هيس هو الكاتب الألماني الحائز علي جائزة نوبل للآداب عام 1946, لكنه عندما وصل إلي سويسرا في عام 1919, لم يكن سوي ألماني غريب بقبعة من القش.. ثم أصبح مواطنا سويسريا عام 1924, ومنذ ذلك الحين لم يغادرها أبدا.
تقول ريجينا بوحز مديرة متحف هيرمان هيس الذي افتتح عام 1997 بالقرب من أول بيت سكن فيه الكاتب في بلدة مونتانيولا: كان هيس منبهرا بسويسرا وبسكان التيتشينو جنوب سويسرا, ووصفهم بأنهم أناس بسطاء.
هيس كان من أشد مناهضي النازية, ونشر العديد من المقالات السياسية في صحف تلك الحقبة.. وفي فترة الحرب العالمية الثانية, ساعد مئات المضطهدين علي الهروب من ألمانيا, بل واستضاف البعض منهم في بيته.
كما كتب العديد من الروايات والكتب المشهورة, كان أهمها وأشهرها رواية سيد هارت, التي يبحث فيها البطل – وهو ابن ثري هندي – عن السعادة الداخلية, ورواية ذئب السهوب.. وترجمت أعماله إلي ستين لغة مختلفة ونشرت في أكثر من مائة مليون نسخة.
لينين.. لاجئ سياسي
كانت سويسرا المكان الذي أعد فيه فلاديمير إيليتش أوليانوف – المعروف باسم لينين – للثورة الروسية ودخل التاريخ من أوسع أبوابه.
عندما وصل لينين إلي سويسرا في عام 1914, صرح للسلطات قائلا: لست هاربا من الجندية ولا منشقا, ولكنني مهاجر سياسي, ثم تمكن من الحصول علي اللجوء السياسي دون مواجهة صعوبات تذكر.
وفي فبراير 1916, حصل لينين علي إمكانية الإقامة في زيوريخ حتي يتمكن من إعداد بعض الكتب في مقر المكتبة المركزية.. وفي هذا المكان بالتحديد, أنهي كتابه الشهير الإمبريالية.. أعلي مراحل الرأسمالية.
موسوليني.. ثوري اشتراكي
لم يكن أحد يتوقع أن الشاب بينيتو موسوليني – الذي أوقفته السلطات المحلية لكانتون برن واستجوبته والتقطت له صورة كأي مجرم يمكن أن يصبح ذات يوم حاكما لإيطاليا.
فقد وصل موسوليني إلي سويسرا في عام 1902 بحثا عن عمل, واشتغل مدرسا مؤقتا للصف الابتدائي, لكن لم يتم تجديد عقد عمله.. وتعددت أعماله بعد ذلك, لكنه لفت الأنظار كثوري اشتراكي ومحاضر ومحرر في صحيفة مستقبل العامل الناطقة باسم الاشتراكيين الإيطاليين المقيمين في سويسرا.
ركز الكتاب الذين أرخوا لحياة موسوليني علي أهمية الفترة التي قضاها في سويسرا وتحديدا علي شخصيته كسياسي.. فخلال عامين من الإقامة في سويسرا تمرس علي أساليب الدعاية والتحركات الثورية, كما جرب المعاناة القاسية للمهاجر الباحث عن العمل والمأوي والعيش الكريم.
كما يعتبر الفنان والممثل العبقري شارل شبلن من أبرز المشاهير الذين أقاموا فترات طويلة في سويسرا.
عن موقع www.swissinfo.org