كان السبب الحقيقي وراء نكسة 1967 هو عدم التوازن في العلاقة بين القيادتين السياسية والعسكرية, مما نتج معه ضعف التنسيق في مواجهة خطر العدو, حيث قامت إسرائيل بشن هجوم جوي مباغت علي مصر وسوريا والأردن, مما تسبب في تدمير نحو 400 طائرة عسكرية مصرية كانت جاثمة علي المدرجات ومخازن قواعدها, واستطاعت إسرائيل احتلال شبه جزيرة سيناء إضافة إلي هضبة الجولان السورية, ويشهد التاريخ للضابط الشهيد فؤاند نصر هندي الذي قاد إحدي المعارك في حرب 1967 بقوة ومهارة ازعجت الإسرائيليين, فقد جرح ولكنه لم يتخل عن موقعه, بل ظل يقاتل ويصدر الأوامر إلي جنود حتي صرعته رصاصة غادرة فخر قتيلا, وأثناء تبادل الأسري والقتلي, حمله القائد الإسرائيلي قائلا: يسرني أن احمل جثمان هذا البطل علي منكبي وأتمني أن يكون بين ضباطنا رجلا مثله, وقد أثرت هزيمة علي وضع الجيش في أعين المدنيين, الأمر الذي بدأ يتغير بواسطة الأداء الأفضل للجيش خلال حرب الاستنزاف (1968- 1970) وهي عبارة عن الدخول في معارك قصيرة المدي يتم من خلالها توجيه ضربات موجعة للعدو من أجل استنزاف قوته, وشارك اللواء سمير توفيق رئيس عمليات وحدات الصواريخ أرض- أرض في التصدي لهذه الهجمات بالانضمام لفرقة الصواريخ بقيادة العميد عبدالحليم أبو غزالة, وتمكن من إنجاز هدفه بدقة, وأدت النكسة إلي المقاش حول مساوئ وأخطاء القيادات العسكرية مما استلزم بالضرورة إدخال تعديلات علي النظام السياسي, فتكون مجلس الوزراء بنسبة عالية من المدنيين, وبعد موت عبدالناصر سنة 1970, أتبع السادات سياسة تخفيف الطابع العسكري للسياسة المصرية, وعمل أيضا علي إبعاد الجيش عن السياسة بعد تفصية محاولات الإنقلاب وإبعاد الشخصيات البارزة من الجيش فضلا عن زيادة نفوذ أجهزة الأمن, إلا أن السادات قام بتعيين أحد العسكريين نائبا وأصبح هو خليفته في تولي رئاسة الدولة.
عقب حرب 1967 بدأت الدولة تنظيم صفوفها مرة أخري, وتم ندب اللواء ثابت أقلاديوس لإعادة تنظيم القوات المسلحة, وتولي رئاسة عمليات مدفعية الفرقة الثانية بالجيش الثاني الميداني في حرب أكتوبر, كما عهدت للواء فريد عزت وهبة بتأسيس الجيش الثالث الميداني, وبدأت الدولة في بناء القوات الجوية من حيث زيادة عدد الطيارين بالقوات الجوية وإنشاء ممرات كثيرة في المطارات, كما ركزت القوات البحرية كل جهودها للنهوض بالوحدات البحرية الخفيفة وزيادة عدد لنشات الصواريخ والطوربيد واللنشات المجهزة للضرب علي أهداف العدو الساحلية, بينما كانت القوات المدفعية تتدرب في ميادين مصغرة شبيهة لميدان عملياتها شرق القناة, وتشكلت لجنة بقيادة اللواء صليب منير بشارة مع خيرة الضباط, وقامت بإصدار نشرات اشتملت علي كافة التفصيلات للعملية الهجومية لاقتحام قناة السويس واقتحام الموانع المائية, حيث توصل اللواء المهندس باقي زكي يوسف إلي فكرة فتح الثغرات في الساتر الترابي باستخدام لمياه القناة في تجريف المياه, ومع بداية حرب أكتوبر كانت القوات المسلحة تملك قوات صاعقة بحرية وضفادع بشرية مزودة بأحدث أسلحة العصر, وفي يوم النصر قامت القوات الجوية بضرب المطارات الإسرائيلية قي وقت واحد, وقاد اللواء طيار مدحت لبيب صادق -وكان برتبة نقيب في ذلك الوقت- مع زملائه قيادة طائرات (ميج 21) التي كانت العمود الفقري للقوات الجوية المصرية, وكان لسلاح المهندسين المصري دوره العظيم, وأشرف كلا من اللواء فؤاد عزيز قائد الفرقة 18 مشاة الذي كان الرئيس السادات يقوم يوميا بالاتصال به من القاهرة لمتابعة الموقف, والعميد فاروق فرج مينا رئيس الفرقة الثانية مشاه بالجيش الثاني الميداني علي عمليات فتح الثغرات في الساتر الترابي شرق القناة, وقاما بتحرير بورسعيد والقنطرة شرق, ودمرا أقوي حصون خط بارليف, وتمكنت القوات المسلحة من اقتحام مانع قناة السويس واجتياح خط بارليف المنيع, وتحمل الجندي جورج مخاطرة رفع العلم المصري علي خط بارليف مع زملائه من الجنود واستشهد أثناء ذلك, كما سحب العميد المهندس ميخائيل سند الصواريخ الموجودة علي الناقلات إلي المنطقة الخلفية بالقصاصين, وتم تدمير العديد من صواريخ العدو, واستمرت القوات المسلحة في التدفق إلي سيناء عبر الجسور فوق القناة وتصدت للعدو وقابلته بقصفات شديدة من الدبابات والمدفعية والأسلحة المضادة للدبابات, وفي منطقة أبو طرش ظل الشهيد اللواء شفيق متري سدراك قائد الفرقة 16 مدرعات يدافع عن الوطن وحقق أمجد المعارك الهجومية هناك, كما تصدت للعدو أيضا وسائل الدفاع الجوي بأكملها وسيطرت علي الضفة الشرقية تماما, واستشهد الطيار ألبير متري لبسالته ضمن القوات الجوية, وكانت المشاركة فعالة للأقباط في تحقيق نصر أكتوبر فهناك الجندي شنودة الذي قتله الأعداء لإصراره علي الدفاع عن زميله, والرقيب مؤهلات جرجس عياد الذي حصل علي العديد من الفرق وعندما هاجر أخيه الأكبر وأصبح هو العائل الوحيد لأمه صمم علي استكمال مسيرته ولم يقدم أوراقه للخروج من الجيش, واستشهد في حرب أكتوبر, وللدور العظيم في الحرب الذي كان للشهيد بشاي نجيب الشرقاوي مقاتل سلاح الإشارة حصلت والدته علي المركز الثاني للأم المثالية علي مستوي الجمهورية سنة 1974, وهكذا انتصرت القوات المسلحة المصرية, واستعادت مصر سيطرتها علي سيناء بالكامل عند تحرير طابا.
ماجستير إرشاد سياحي
كلية السياحة والفنادق- جامعة حلوان