تشهد مصر هذه الأيام زخما في تكوين أحزاب جديدة بعد 25 يناير لاسيما بعدإزالة القيود التي كانت تفرض علي الحياة الحزبية وتنفس المواطن المصري الصعداء بسيادة, شعار الحرية والديموقراطية وهكذا انطلقت الأحزاب السياسية تحت التأسيس وبدأت في تفعيل دورها في الحياة السياسية.. لكن توجهاتها تباينت فهناك الأحزاب التي تعبر عن التيارات الإسلامية الموجودة علي الساحة من إخوان وجماعات إسلامية جهادية وسلفية وأيضا تلك التي خرجت من منطلقات قبطية مدنية وهو ما أقلق الخبراء وأصحاب الرأي من تقسيم المجتمع وحق الهوية الدينية.
وهناك أيضا أحزاب ليبرالية تعبر عن شباب ميدان التحرير ومطالب الثورة في تحقيق الحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية, وهذه التعددية ظاهرة إيجابية لا يمكن إعقالها ولكن يجب أن تتكامل الأحزاب مع بعضها البعض تحت مظلة واحدة وأن يتلخص دورها في خلق مستقبل ديموقراطي للبلاد وتحقيق الإصلاح الشامل.. حول الأحزاب الجديدة وبرامجها أجرت وطني هذا التحقيق مع عدد من أصحاب الرأي والفكر:
خطر يهدد
قال الدكتور عماد جاد الخبير السياسي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية: من الطبيعي مع انهيار النظام في أي دولة أن يحدث انفجار حزبي, وبالتالي تعددية حزبية قد تصل إلي 300 حزب في بعض الدول, وهو ما حدث في مصر خاصة أن تأسيس الأحزاب أصبح – وشيكا – بمجرد الإخطار فقبل مبارك كان هناك حوالي 28 حزبا وبعد 25 يناير وسقوط نظام مبارك قد تصل الأحزاب إلي مائة حزب وهذا أمر لا يقلق لأنه عادة في الانتخابات البرلمانية يكتب النجاح لعدد قليل من تلك الأحزاب أو تلك التي لم يكتب لها النجاح فقد تتواري للخلف أو تنضم تحت لواء داخل أحزاب أكبر.
أضاف جاد: قيام أحزاب علي أساس ديني أو طائفي خطر يهدد نسيج الأمة وفكرة النسيج الوطني بحكم القانون مازالت ممنوعة ولابد أن تكون الأحزاب علي أساس مدني بعيدا عن أي نزعة طائفية, لكن لا يمنع هذا وجود أحزاب لها خلفية دينية ومبادئ عامة لا تتعارض مع القانون كحزب الوسط الذي يضم في عضويته عددا من الأقباط والحزب يتحدث عن الدولة المدنية لكنه مرجعيته إسلامية.
نوه جاد: قيام أحزاب مسيحية أمر مرفوض لأنها ستضم مسيحيين ولا تحصل إلا علي أصوات المسيحيين ومن مصلحة الأقباط الانضمام إلي أحزاب أكبر وأوسع تضم مسلمين وأقباطا تدافع عن الدولة المدنية الحديثة, فالهدف العام حاليا هو الحفاظ علي نسيج الأمة وأن الحكم علي هذه الأحزاب سيكون للقانون, كما يجب السماح للشباب بإنشاء أحزاب لكن الشباب بمفرده لا يستطيع قيادة المرحلة المقبلة فلابد لهم من الاندماج في إطار أوسع وفي نفس الوقت تكون لهم أحزاب حتي لا يشعر أحد بأنه لا يتمتع بالحرية التي أنتجتها ثورتهم.
المحك البرنامج
من جانبه قال سيد عبدالعال الأمين العام لحزب التجمع: تعدد الأحزاب دليل علي التحول الديموقراطي وهذه الأحزاب تحت الاختبار الشعبي, فأي حزب يلقي قبولا شعبيا سوف يكتب له النجاح, نحن في حزب التجمع نقول إننا حزب يساري وليس كل اليسار ولذا نرحب بأي حزب يكون علي أساس يساري, ولا يقلقنا تعدد الأحزاب فدائما كنا ننادي بحرية تكوين الأحزاب وبالتعددية الحزبية والمحك في النهاية هو البرنامج السياسي الذي يقدمه الحزب ورؤيته لكيفية الحكم إذا حصل علي أغلبية برلمانية, كذلك لا يجب إقحام الدين في السياسة.
الأهم أحزاب واقعية
من جهة أخري قال الكاتب الصحفي صلاح عيسي: نسمع عن تأسيس أحزاب ولكن الأهم من ذلك هو مدي تحول هذه الأحزاب إلي أحزاب واقعية, فمطلب تشكيل الأحزاب بالإخطار مطلب يسعي إليه الجميع لتكوين أحزاب وعندما يظهر القانون الجديد الذي ينظم تكوين الأحزاب سوف يكتشف البعض أن نصوصه لا تنطبق عليه وما تنطبق عليه الشروط سوف يظهر للنور.
أضاف عيسي: الأهم في تكوين الأحزاب هي أن تكون علي أساس مدني وليس ديني أو طائفي وأن تكون برامجها سياسية تدعو إلي الدولة المدنية وخلاف ذلك أمر يهدد الوحدة الوطنية ولا يجوز بأي حال من الأحوال الاستسهال أو التسرع في صدور القانون الذي ينظم تكوين الأحزاب ويجب أن يحوي علي شروط ومبادئ عامة لا يجب أن يخترقها أحد أو يخالفها وأتوقع أن يتجاوز المجلس العسكري مرحلة صدور القانون ويأخذ في الاعتبار كل ما من شأنه أن يهدد بناء الدولة المدنية.
المعيار القانون والمبادئ
وقال ضياء رشوان الخبير السياسي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية: مصر بدأت عصرا جديدا من التنوير يجب خلاله فتح الطريق أمام الجميع لإنشاء أحزاب بغض النظر عن الانتماء إلي جماعات إسلامية أو غيرها لأن المعيار هنا هو القانون والمبادئ العامة التي تقوم عليها الأحزاب دون أي خروج علي نصوص القانون أو الاتجاه إلي نزعة طائفية من شأنها تقسيم المجتمع.
أضاف رشوان: الفترة السابقة في عهد مبارك كانت تضع قيودا علي الحياة الحزبية مما أدي إلي حرمان الكثيرين من مختلف التوجهات والانتماءات من إنشاء أحزاب وتحديدا منذ عام 1976 بل كان البعض متخوفا من إنشاء أحزاب حتي لا يصطدم مع الحزب الحاكم المهيمن علي الحياة السياسية؟ وبالتالي أصبحت الفرصة متاحة الآن لهؤلاء لتأسيس أحزاب ولكن يجب النظر إلي المصلحة العامة وإلي ترسيخ مبادئ ثورة يناير في قيام دولة مدنية والابتعاد عن الأفكار الهدامة التي قد يحملها بعض الساعين إلي إنشاء أحزاب سياسية خاصة المنتمين إلي جماعات دينية.