تعديلات قانون الطفل…تحتاج إلي تكاتف شعبي وبرلماني
ختان البنات…الفحص الطبي قبل الزواج وعدم سقوط الدعوي ضده
أقامت شبكة ”معا لتنمية الأسرة” حلقة نقاشية لاستعراض ومناقشة التعديلات الدستورية لقانون الطفل المصري بعد أن وصلت صيغتها النهائية ليتم عرضها علي مجلس الشوري ثم الشعب.
ومن أهم ملامح التعديلات الجديدة علي قانون الطفل لسنة 1996رفع السن الأدني للزواج إلي 18سنة للجنسين,وتوقيع الفحص الطبي الإلزامي قبل الزواج للمقبلين عليه,وتشديد العقوبات علي من يمارس عنفا ضد الطفل خاصة إذا كان من المسئولين عن رعايته,وعدم سقوط قضية ضد طفل بانتهاء مدة التقاضي,مع رفع سن المسئولية الجنائية للأطفال,وتجريم ختان الإناث وغيرها من المواد والتعديلات.
ودعت الحلقة النقاشية إلي مزيد من التفاعل بين المجتمع المدني والجهات الرسمية من أجل إفراز واقع أفضل للطفل المصري والعمل علي تفعيل القانون المنتظر ليصل إلي نطاق الممارسة الواقعية والأهم من ذلك إقناع أعضاء مجلس الشعب بأهمية التعديلات حتي يتم إفرازها.
قام القاضي خليل مصطفي خليل المستشار القانوني لمجلس الأمومة والطفولة بعرض ملامح التعديلات وشرعيتها,موضحا أن مصادر حقوق الطفل المصري ترجع إلي مصادر دولية يمثلها الإعلان العالمي لحقوق الطفل والاتفاقيات الدولية التي صدقت عليها مصر فيما يخص حقوق الأطفال,والمصادر الإقليمية مثل الميثاق الأفريقي,الميثاق العربي,ميثاق حماية الطفل في الإسلام,فضلا عن المصادر المحلية والتي ضمها قانون الطفل لسنة .96
وركز علي أن التعديلات المقترحة موجودة ولها مرجعية في الاتفاقيات الدولية,وهذا يعني أنها موافقة للشرع والدستور إذا تم مناقشتها من هذين الجانبين قبل التصديق عليها,وهذا يرد علي من قد يدعي بأنها آراء غربية أثناء مناقشتها في مجلس الشعب,فهي موافقة لميثاق الطفل في الإسلام.
وقد يتساءل البعض…لماذا نسعي لتعديل قانون الطفل لسنة 96 ولم يمر عليه سوي 12سنة…والإجابة أوضحها المستشار خليل وقد سبق للسفيرة مشيرة خطاب الأمينة العامة للمجلس القومي للطفولة والأمومة عرضها وتوضيحها للإعلام,والفكرة تتبلور في تفشي أنواع من المشكلات لا ندعي بأنها لم تكن موجودة من قبل مثل أطفال الشوارع والعنف ضد الأطفال والاتجار بهم,وإنما لم تكن هناك صراحة مع النفس للاعتراف بها رسميا,فضلا عن اختلاف الثقافة العامة ففي قانون الطفل لسنة 96 اعترض نواب مجلس الشعب علي طرح مادة خاصة بالفحص الطبي قبل الزواج,أما الآن فقد تم رفع الستار عن هذه القضية وبدأت تناقش في وسائل الإعلام,ونفس الشئ ينطبق علي قضية ختان الإناث,فاليوم هناك قري بأكملها تقاطع هذه العادة وتخرج مواثيق شعبية معلنة ذلك,بجهود متبادلة بين المجتمع المدني والمجلس القومي للأمومة والطفولة,وحماية ما تحقق يحتاج إلي قانون يحميه ليجرم ختان الإناث.
ومما يحسب لهذا التعديل المقترح أنه لم يأت فوقيا من جهاز رسمي,بل قام المجلس القومي للأمومة والطفولة بدوائر نقاشية متسعة في المحافظات وبمشاركة الجمعيات الأهلية وكل اقترح تعديلاته وقدمت مسودة مبدئية نوقشت في جلسات متعددة أيضا إلي أن وصلت لصيغة نهائية وعرضت علي اللجنة التشريعية بمجلس الوزراء تمهيدا لعرضها علي الشوري ثم الشعب
وفضلا عما ذكر عن أهم ملامح التعديلات أضاف المستشار بأن التعديلات تتضمن أيضا: إفراز المصلحة الفضلي للطفل في جميع القرارات المتعلقة به,حق الطفل في الهوية الجنسية وإثبات نسبه لوالديه الطبيعيين بكل الأساليب العلمية,وحق قيده مجانا في السجل المدني ,وتنظيم قيد المواليد خارج إطار الزوجية بسجلات المواليد,وضمانات خاصة بدور الحضانة لتحقيق الرعاية الاجتماعية اللائقة,وأن ينشئ في كل سجن للنساء دار للحضانة حتي سن السنتين,وعدم حرمان الأم السجينة بأية عقوبة تحرمها من زيارة طفلها,وتجريم إعاقة الطفل عن التعليم بعقوبات مناسبة,وحظر تشغيل الأطفال في الأعمال الخطرة وفقا للاتفاقية الدولية لحقوق الطفل مع الارتفاع بالسن الدنيا لدخول الطفل سوق العمل لتواكب إنهاء التعليم الأساسي,وضمانات الحماية له داخل مقار العمل والتأمين عليه,مع ضمانات أكثر للأم العاملة سواء بعمالة مؤقتة أو دائمة,وذلك أيضا لحماية طفلها من دفعه المبكر لسوق العمل.
أما فصل المعامل الجنائية فتضمن رؤية جديدة فبعد أن كانت معاملة الطفل الخارج علي القانون معاملة قضائية شرطية عقابية يركز المشروع المقدم علي الإصلاح والتأهيل,ويركز علي الطفل المعرض للخطر,فهدف المشروع حمايته من كل أنواع الخطر بإضافة آليات جديدة لإنقاذه من خلال اللجنة العامة لحماية الطفولة بكل محافظة,والتي يمكن أن يقوم فيها المجتمع المدني والجمعيات الأهلية بدور كبير,الإدارة العامة لنجدة الطفل بالمجلس القومي للطفولة,والإدارة العامة بوزارة العدل,والأهم في ذلك أن المشروع أوجب بالإبلاغ عن كل من يعلم عن خطر واقع علي طفل بحكم مهنته أو وظيفته وألزمه بتقديم المساعدة العاجلة بل عاقب من يخالف هذين الواجبين.
من جهة أخري جرم احتجاز الأطفال مع البالغين,أما الطفل ضحية الجريمة فشدد من العقوبة علي الجناة,وجرم ختان الإناث أو الشروع فيه,وتجريم استخدام الأطفال في الأعمال الإباحية أو استخدام الإنترنت في الترويج لها,ونص علي عدم انقضاء الدعوي الجنائية بمضي المدة عن جريمة وقعت علي طفل,مع إرجاء تنفيذ عقوبة الإعدام علي الأم حتي يبلغ طفلها عامين.
وفيما يخص الطفل المعاق نص علي اتخاذ الدولة كافة التدابير الوقائية والكشف المبكر والإدماج الكامل في كافة أوجه الحياة المجتمعية,والتوسع في الامتيازات والإعفاءات الممنوحة له وتشديد العقاب علي من يستخدمها غيره.
مداخلات
*دعت الأستاذة ندي ثابت رئيسة مجلس إدارة جمعية ”قرية الأمل” وهي إحدي الجمعيات الممثلة في الشبكة الداعية للقاء إلي إقرار الكود الخاص بالمعاقين والمتعلق بتصميم الفراغات الخارجية والمباني المختلفة بما يسهل حركة ذوي الاحتياجات الخاصة حسب نوع الإعاقة,وأجاب المستشار خليل مصطفي بأن التعديل متضمنا هذا الاقتراح.
*أشارت الأستاذة عزة سليمان مديرة مؤسسة ”قضايا المرأة” إلي أن القانون يحتاج إلي وعي مجتمعي وخاصة من القائمين علي تنفيذه,مركزة علي ضرورة تقليص السلطة التقديرية للقاض فمثلا في قضايا إثبات النسب لابد من النص علي تحليل DNA حتي يلزم به القاضي,وأنه لابد من إجراءات أكثر وضوحا في قضية عمالة الأطفال,كأن تخفف الضرائب علي صاحب العمل إذا التزم بما هو مطلوب تجاه حماية الطفل العامل فنخلق مصلحة متبادلة,أما فيما يخص معاملة الشرطة للطفل,فأشارت إلي ضرورة متابعة تدريبهم وقياس أثر ما ينظمه المجلس لهم من دورات تدريبية للتعامل اللائق مع الطفل,ولابد أيضا أن يحاسبوا مجتمعيا كأن تقوم الجمعيات الأهلية بنشر ”كتاب أسود” تسجل فيه من تعامل بشكل خاطئ ومؤذ للطفل,وفي مقابل ذلك كتاب أبيض به لائحة شكر وتقدير للنماذج الإيجابية.
جدير بالذكر أنه كان مقررا للقاء أن يستضيف عددا من نواب الكتلة البرلمانية لجماعة الإخوان بمجلس الشعب والذي يتوقع اعتراضهم علي بعض بنود التعديل المقترح إلا أنهم تخلفوا عن الحضور بسبب وقفة احتجاجية نظمها مجلسهم في نفس التوقيت,وأوضح الأستاذ عادل بدر أن تحالف الجمعيات الأهلية نظم لقاءات مع بعض هؤلاء النواب وحدثت بينهم مناقشة واسعة حول تجريم ختان الإناث ورفع سن الزواج والمعاملة الجنائية ودمج المعاقين وغيرها من البنود فوجدوا ترحيبا إلي حد ما…ولكن الكارثة أنهم قالوا:ليست عندنا فكرة عن هذه التعديلات وطالبوا بمناقشة مستمرة بين المجلس القومي وأكبر عدد من النواب,الأمر يكشف أهمية إجراء أكبر وأوسع حوار مجتمعي قبل عرض المشروع علي مجلس الشعب ويتطلب ذلك جهدا كبيرا من المجتمع المدني والجمعيات الأهلية والإعلام حتي يتم خلق رأي عام مساند نأمل أن يمتد تأثيره وينعكس علي المجلس الموقر.